رائع جدا ماقام به مسعود بارزاني قبل أيام -إن كان مايدعيه صحيحا- وسيسجل في صفحات التاريخ للأجيال اللاحقة، أنه لبى نداء الواجب الوطني، ذاك هو واجب تحرير سنجار، وقطعا فإن عملا كهذا مدعاة فخر واعتزاز كل عراقي يشارك فيه -وليس مدعاة تبجح كما هو حال مسعود- ومع أن اسم هذا الرجل ارتبط بشكل او بآخر بمواقف كان قد اتخذها فيما سبق من السنين، لم تكن بمستوى الوطنية الحقة التي هبطت عليه حاليا دفعة واحدة، إلا أن أي شيء أحسن من اللاشيء كما يقال. وهذا قطعا لا يمحو ما سبق محوا تاما من دونما أثر يبقى مدى التأريخ، إذ أن كثيرا من تداعيات الأحداث الأمنية التي رافقت أحداث الموصل في حزيران من العام المنصرم, والتي أعقبتها وأفضت الى ذهاب مدن أخرى تحت سيطرة عصابات داعش، كان لمسعود اليد الطولى والتأثير المباشر على مجرياتها، وكذلك كان ممكنا أن تكون يده طولى أيضا في إيقاف تقدم تلك العصابات، فيما لو هيأ خطوات استباقية لما كان متوقعا حدوثه، ومسعود قطعا داهية في مثل هذه التكهنات، فجميعنا يعلم أن “فرخ البط عوام”..! وكيف لايكون كذلك وأبوه الملا مصطفى بارزاني. اليوم يدعي بارزاني الإبن أن بإمكانه التصرف كشبل لذاك الأسد، وإن كان هذا حاصلا فعلا، فإن هذا لايعني أن كل مابدر منه في الأعوام التي تلت سقوط نظام صدام، هي أفعال أسود، إذ لا يمكن نسيان عرقلته المستمرة لسير العملية السياسية “الفتية” القائمة على أركان عراقية يعد الجانب الكردي من أركانها المهمة، ولايمكن أيضا إغفال مواقف حزبه الديمقراطي الكردستاني، ومواقف كتلته النيابية في سلسلة اجتماعات مجلس النواب طيلة دوراته الثلاث، وكيف كانت في أغلب الأحيان (سچين خاصرة) على مدار جلساته، ولطالما أُرجئت جلسات وأجلت قراءات وتأخرت مشاريع قوانين، كانت الكتل الكردستانية سببا رئيسا في ذلك. مقصد قولي بالإمكان إيجازه في مقولة قديمة كانت قد قيلت في مواقف مشابهة، تلك المقولة هي؛ “سامح أعداءك ولكن لاتنسَ أسماءهم”.
وباستذكار حضور بارزاني خلال السنوات القليلة الماضية، فإنه لم يكن بمقدوره إخفاء ما يعتمل في مخيلته من أطماع توسعية، إذ ان الاجتماعات والمؤتمرات التي كانت تقام تحت سقوف عديدة، داخل الإقليم أو خارج العراق في دول الجوار -لاسيما الحبيبة تركيا- وكذلك في دول أوربا، كانت تنم عن سياسته وأفكاره التي يعمل على تحقيقها، فكلنا يذكر ما كان يقوم به هذا الرجل من زيارات مكوكية مجدية وغير مجدية.. من خلال ماكان يداعي به من حقوق الأكراد في إنشاء بلد مستقل، وحقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، في حين يتمتع الإقليم بما لاتتمتع به أية محافظة من محافظات العراق -بلده الأم- لاسيما بعد عام 1990 فقد كان الحصار الإقتصادي على العراق وما رافقته من ظروف وتداعيات، كلها في خدمة المحافظات الشمالية الثلاث، التي هيأت لأكراد العراق -حصرا- ولادة إقليم ماكان يحلم به أجدادهم طيلة تاريخهم.
إن تحرير قضاء سنجار واجب على كل فرد عراقي يتمكن من الإسهام فيه، وتحريرها أمر حتمي وكذلك عودتها الى أحضان أمها وأبيها العراق هو أمر لابد أن يحدث، والعراقيون هم أصحاب القرار في إدارتها وإبقائها قضاءً او تحويلها الى محافظة، وفي كلتا الحالتين، شكرا لمن أدوا واجبهم على أتمه في تحريرها.