19 ديسمبر، 2024 12:40 ص

“كافتيريا” البرلمان

“كافتيريا” البرلمان

لا تحتاج “كافتيريا” البرلمان العراقي الدخول الى كتاب غينيس للارقام القياسية بل ربما تحتاج الى ان تدرج على قائمة الهزات طبقا لمقياس ريختر. الاخبار النيابية المتداولة تشير الى ان دوام السادة النواب في الكافتيريا يكاد يكون هو القاعدة بينما حضورهم الجلسات هو الاستثناء والدليل على ذلك كثرة التاجيلات بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني. المقصود بالنصاب داخل الجلسة لا داخل مبنى البرلمان حيث المقهى التي هي كاملة النصاب ربما حتى في بعض  ايام العطل التشريعية مثلما يسمونها. احد النواب قال في تصريح تلفازي انه وفي غضون اسبوعين لم ” يداوم” النواب في قاعة المجلس سوى عشر دقائق فقط.
خلال هذه الدقائق يتبادل النواب ليس من مختلف الكتل بل من مختلف الملل والنحل  التحايا الودية في غضون خمس دقائق بينما يعدون انفسهم في الخمس دقائق المتبقية فيكتشفون انهم بلا نصاب كامل فيخرجون الى الكافتيريا. مايلفت النظر هنا ان نصاب الكافتيريا كاملا غير منقوص دائما وابدا بل ربما احيانا “مالك محط رجل” مثلما يقال. في الكافتيريا لا داخل القاعة يجري بحث القضايا الخلافية بكل جدية واحترام وشفافية. يحصل ذلك على انغام ملاعق الشاي والقهوة والنسكافى وطقطقات المسابح. لازعل ولا مشادات كلامية ولا حتى عتاب. الضحك سواء كان بسبب او بدون سبب هو السائد بينهم وقد يتبادلون النكات حتى القومية والعرقية والمذهبية بينهم دون حساب او توقع بامكانية العودة الى المربع الاول.
 كل القوانين من 4 ارهاب الى المساءلة والعدالة الى المخبر السري والنفط والغاز والمحكمة الاتحادية والموازنة قابلة للنقاش  والاخذ والرد بل واتخاذ القرارات.واذا توقفنا عند نموذج واحد لما يحصل عند حدود المسافة الكائنة بين القاعة والكافتيريا وهو الموازنة فان الكتل السياسية تبشرنا منذ مدة ان اتفاقا قد حصل لتمرير الموازنة في جلسة الغد.وتصريح  من هذا النوع لا ينفرد به نائب او نائبة بل يكاد يصدر من نواب ونائبات من مختلف الكتل. وهم محقون في ذلك لانهم اتفقوا فعلا على كل شئ بمن في ذلك تفاصيل التفاصيل التي اغلقوها بكل انواع الكونكريت حتى لايتسلل منها الشيطان.
 لكن ما ان تبدا الجلسة حتى تاتي الاخبار العاجلة على الفضائيات. تاجيل جلسة البرلمان لنصف ساعة لعدم اكتمال النصاب علما ان النصاب كامل وزيادة في الكافتيريا. ما ان يدخل النواب للقاعة حتى تكفهر وجوههم وتتيبس انوفهم ويزموا شفاههم ويمتشقوا اسحلتهم متابطون  شرا وكانهم ذاهبون الى ساحة حرب .. “يا قاتل يا مقتول”.