15 نوفمبر، 2024 4:24 ص
Search
Close this search box.

كاسك يا وطن كاسك يا وطن

كاسك يا وطن كاسك يا وطن

لم يترك لنا السياسيون وأصحاب المناصب أي شيء جميل يذكرنا بهم سوى الحسرة والالم وفجيعة الأيام ، حتى بتنا “نلعن انفسنا” على ما نراه من استخفاف وعدم مبالاة من أناس تسلقوا على أكتافنا حتى وصلوا الى ما هم فيه من عز وجاه وسلطة ، فتنصلوا لعهودهم ووعودهم التي قطعوها امامنا وامام خالقهم .
صعق العراقيون جميعا عندما شاهدوا الأمر الديواني الذي تم بموجبه تعيين ابنة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بصفة مستشارة لوالدها وبراتب مغر جداً ، ولعل ردة الفعل ، هي ليس لان رئيس الجمهورية وحامي الدستور يحتاج الى سكرتيرة يثق بها وتحفظ سره ، بل لأنها تتقاضى راتباً تقاعدياً اخر يكفي ان يعيل عشرة عوائل ، ولكن يبدو ان أمر تعيينها بهذا المنصب ليس لمقتضيات مصلحة العمل في رئاسة الجمهورية كما هو مذكور في أمر التعيين ولكن لشدة العوز، والنزوح والتشرد التي تعانيها كريمة فخامة الرئيس .
 هذا الموقف يشعر العراقيين بالخجل حتى من خيالهم الذي ولد وشب وكبر امام صورة المسؤولين الذين لم يتركوا شاردة او واردة أو خرما صغيرا يجلب لهم ولعوائلهم المنفعة الا ووضعوا انوفهم فيه ، خصوصاً عندما يتراءى امام انظار العراقيين مشهد رئيس وزراء هولندا وهو  يركب دراجته الهوائية ويتجول وحيدا دون موكب او حماية في شوارع بلاده في طريقه لحضور الاجتماع الاسبوعي في مجلس الوزراء، وهم يتطلعون الى بدلته وربطة عنقه وأناقته التي لم يشوهها ركوبه للدراجة، لم امنع نفسي من مقارنته مع أي من ساستنا برغم علمي ان كروش بعضهم قد تزهق روح أي دراجة. أما اجمل ما في الصور فكانت لحظة دخوله مقر مجلس الوزراء على دراجته، حيث أدى له التحية حارسا البوابة دون ان يتزحزحا من مكانهما.
هذا الموقف يجعلنا نعيد عقارب الزمن الى الوراء وتحديداً عندما توافد رجالات مجلس الحكم وكل من له علاقة بالحكم الى البلد، ونحن نرى الوزير فلانا والوزير علانا ومن لف لفهم يسيرون في شوارع محافظاتهم دون حمايات او مواكب ، يشاركون في صلاة الجمعة ويتحدثون الى الناس ويطرقون ابواب المواطنين في محلاتهم، وبسذاجة من يحلم بالديمقراطية ولم يشهدها من قبل، تصورنا ان الرئيس او القائد الذي سيحكمنا سيتحول الى ” غاندي أو جيفارا او مانديلا ”  يشارك الناس تفاصيل الحياة ، بحلوها ومرها ،  لم نكن نعلم ان اسوار المنطقة الخضراء اعلى من سياج الاحلام، وان السنوات ستمضي لتصبح مقابلة مدير مكتب المسؤول الفلاني، اشبه بأمنية مقابلة هيفاء وهبي او غادة عبد الرازق ، أما المسؤول الكبير الذي أصبحت له عظمة السلطة والسطوة والتحكم بأرزاق الناس فانه يتميز عن بقية اقرانه المسؤولين المبجلين أما بشراهته للطعام وانتفاخ كرشه أو بضخامة رأسه أو بكثرة خواتمه، واذا ما قلنا ان هناك علامة فارقة ومميزة يشترك فيها اغلبهم فإنها ” اللحية ” التي يتقربون بها الى الله زلفاً.
هنيئا لكم أيها العراقيون الصابرون المحتسبون بساستكم الذين ينافسونكم حتى على وظيفة العقود الخاصة، بدءاً من موظفي الاستخدام المحلي في السفارات العراقية، وانتهاءً بمديري المكاتب والسكرتارية والمستشارين، الذين يشربون نخبكم ونخب وطنكم المسروق والمطعون والمسلوب الإرادة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات