23 ديسمبر، 2024 2:09 ص

قبل ايام سجلنا درجات عالية من التفاؤل لدى العديد من الجهات السياسية التي قدمت رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي بانه “الفرصة الأخيرة” لإنقاذ سفينة العملية السياسية، قبل لا تغرقها خلافات “الجهابذة” من زعامات البلاد، التي حاولت تغيير جلدها اكثر من مرة بحجة الاستجابة لمطالب المتظاهرين بمغادرة “المحاصصة” الي تأسست عليها العملية السياسية منذ يومها الأول بعد العام 2003.
لكن تلك الحالة لم تستمر سوى لبعض الوقت حتى عادت القوى السياسية من جميع الأطياف لطبيعتها في البحث عن تقاسم المناصب والبحث عن “أدسم” الوزارات، متجاهلة “قرار التخويل” الذي صدعت به رؤوس “عباد الله” لتبلغنا بان الاستحقاق الانتخابي لا يمكن وصفه بالمحاصصة والحجة التي تطلقها في كل مناسبة “حقوق المكونات” التي ترفض التنازل عنها وكأنها سخرت جميع امكانياتها لخدمة مواطنيها في وقت يعيش الملايين منهم تحت خط الفقر او في الخيام بعد ان دمرت الصراعات السياسية والبحث عن الزعامة منازلهم، وتركهم من يدعون الحفاظ على حقوق المكون يواجهون مصيرهم.
تتحدث بعض القوى السياسية بان السيد المكلف يتعامل بازدواجية في تشكيل حكومته من خلال السماح للقوى الكردية والسنية اختيار ممثليها في الحكومة وإجبار الكتل الشيعية على اختيار مستقلين للوزارات المخصصة لها، متجاهلة انها من جاءت الكاظمي وقدمته كمرشح للكتلة الأكبر الذي باركه الفضاء الوطني، لكن حينما أصبحت أمنياتهم في الحصول على الوزارات التي كانوا يخططون للحصول عليها أبلغتنا بإعلان البراءة من كابينته الحكومية، لا اعلم كيف يريدون من المكلف الذي يدين للعديد من القيادات الكردية بالفضل، بسبب علاقته مع رئيس الجمهورية برهم صالح لكونه عمل معه لسنوات عدة في ادارة صحف ومواقع إعلامية كان يمتلكها الرئيس، بان يبتعد عن “محاباة” القوى الكردية في منحهم ما يشترطون من الكابينة الوزارية وخاصة وزارة المالية التي استخدمها الوزير فؤاد حسين لزيادة ارصدة الحزب الحاكم في اقليم كردستان.
فمن المعيب على القوى الشيعية ان تدخل في صراع بينها ومع بقية الأطراف وهي التي تتحمل مسؤولية وصول الكاظمي لهذا المنصب الذي ارادت من خلاله ابعاد المكلف السابق عدنان الزرفي مهما كانت الخسائر، لكنها ارتدت عليهم حينما وافق المكلف الكاظمي على السماح للقوى الكردية والسنية باختيار مرشحيهم لحصتهم من الكابينة الوزارية وصادر نصيب القوى الشيعية بتسمية الوزراء، لكن كتلة بدر التي يتزعمها هادي العامري يبدو انها لم تتحمل النتيجة، لتبلغنا برسائل تهديد عبر نوابها بانها لن تسمح بعقد جلسة البرلمان المخصصة لمنح الثقة للحكومة الجديد قبل ضمان نصيبهم من “كعكة” الوزارات، في صراع يتشابه بصفاته منافسة “الچناين” التي لا تنتهي مهما كانت لأسباب لانها باختصار تحاول إثبات وجودها على حساب البقية.
الخلاصة… ان ما يحدث من خلافات بين القوى السياسية ورفضها للقوائم التي قدمها المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى الكاظمي يثبت حقيقة واحدة بان تلك القوى لا ترغب بخسارة امتيازاتها بالمناصب الوزارية التي تستخدمها لتمويل أحزابها وأنشطتها وهي بالتالي ستعمل على اجبار الكاظمي على منحها ما ترغب بالحصول عليه، وعكسها سيكون مصيره مشابها لمن سبقه من المكلفين، وحينها سنكون امام كارثة تهدد الجميع ليس بخسارة الكاظمي أبدا، فهو لا يختلف عن سياسيي الصدفة كثيرا، إنما تعدد الأزمات بسبب مصالح المتحاربين على المناصب….. اخيرا السؤال الذي لابد منه… متى ينتهي صراع “چناين” العملية السياسية؟…