22 ديسمبر، 2024 11:51 م

قِوانا تأكل قِوانا!!

قِوانا تأكل قِوانا!!

من عجائب الواقع العربي أنه مصاب بإضطرابات سلوكية وخيمة مقيمة متوارثة مع الأجيال , خلاصتها أن كل قوي فيه يصارع القوي , والأقوياء من حولهم يستثمرون في الصراع , ويسخرون القوي للنيل من القوي , والخاسر عربي والمغلوب على أمره عربي.
والأيام تتوالى والأجيال تتوافد , واللعبة ذات اللعبة , والناعور لا يعرف إلا أن يدور ويسكب في بيداء الضياع والهلاك الأبيد.
نعم , العربي يصارع العربي , في البيت والشارع والمحلة والقرية والمدينة والوطن , والقوي في الوطن يتصارع مع القوي في الوطن الآخر , ولهذا يبدو الواقع عبارة عن معارك طاحنة على جميع المستويات , وما بين الدول العربية كافة , التي ما تعلمت كيف تتفاعل بإيجابية وقابلية على تنمية القدرة والعزة والكرامة , وإنما إنحدرت إلى الحضيض والتبعية والهوان , فحصدت المزيد من الخسران.
وفي الواقع السلوكي أن أية كينونة مهما كان نوعها عائلية , فردية , مؤسساتية , تتحذر من صراع القوى , وتحاول أن تستثمر الطاقات فيما يزيد الإقتدار الإنجازي , ويطور المهارات التفاعلية ما بين الفاعلين أو العاملين , لأن التجارب البشرية المتكررة أظهرت خطورة هذا السلوك الإستنزافي الإستلابي الفتاك.
ولهذا نجد عند تقييم أي حالة يُنظر أولا إلى وجود تصارع قوى من عدمه , وبعد ذلك يُنظر إلى الجوانب الأخرى , لأن أي علاج لأية مشكلة لا يمكنه أن يتحقق بوجود تصارع للقوى , ومن المروع أن الواقع العربي يرفع شعار ” وما إجتمعت بأذوادٍ فحول”!!
وعليه فأن من الضرورات القصوى التنبه إلى هذه العاهة السلوكية المقيمة المرعبة , التي أوصلتهم إلى أسوأ الأحوال , والتي تذبحهم جيلا بجيل , وتقضي على تطلعاتهم وأحلامهم وتمنعهم من الوصول إلى أي هدف مفيد.
إنها لمجتمعات قتالة لنسغ الوجود الدفاق وهدر لطاقات أكون.
فهل سترعوي وتتحرر من هذا الصراع المشين؟!!