مرة اخرى تؤجِل جامعة الثول العربية مؤتمر قُمتها في الجزائر ، وهذه المرة الى اجل غير مسمىٰ ..
وعلى مدى اكثر من عامين تعثر عقد قُمة عربية دورية لاسباب مختلفة ليس اولها جائحة كورونا ، بل ان هناك العشرات من الاسباب التي تحول دون عقد القُمة منها : قناعة غالبية الدول بعدم جدوى الانعقاد ، والخلافات حول عودة سوريا الى الجامعة ، والصراع القديم الجديد بين الجزائر والمغرب حول مختلف القضايا وابرزها قضية الصحراء الغربية ، والتطبيع مع اسرائيل سيما ان المغرب كان اكثر المهرولين حماساً نحو التطبيع .. وغيرها ..
القًًُمم العربية كالعادة لاتغني ولاتسمن ، وهي مناسبة لارسال جيش العاملين في مقر الجامعة بالقاهرة الى الدولة التي تستضيف القُمة ، ومناسبة للاحاديث والخطب الرنانة فيما يغط بعض القادة في نوم عميق ، ثم تبادل الاتهامات ودعوات لاصلاح الجامعة البالية المتهالكة ثم يحين دور الامين العام ليحمل طاسته ويستجدي الحاضرين لدعم ميزانية الجامعة الخاوية دائماً ، وقراءة البيان الختامي.. والتقاط الصور التذكارية .. وشغّل طيارتك وارجع ..
وفي المؤتمرات الاخيرة للجامعة كان الحضور لغالبية الدول على مستويات وزارية او رئيس الوزراء .. مع استثناء الحضور الدائم لرؤساء جيبوتي والصومال وجزر القمر وهي دول وديعة لا دخل لها بمشاكل العربان وهي ان حضرت لاتعد وان غابت لا تفتقد ..
ان الامة تتمزق بفعل مئات الاسباب منها ان الايادي الخفية لا تريد لهذه الامة ان تنهض وتتوحد ، ومنها الخلافات بين اعضاء الجامعة كما هو الحال بين المغرب والجزائر ، او الحروب بين الاعضاء في بعض الاحيان كما هي بين اليمن وكل من السعودية والامارات والبحرين من جهة وبين اليمن من جهة اخرى .. او الاوضاع الداخلية الملتهبة في غالبية الدولالاعضاء كسوريا ولبنان والعراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان وتونس .. او العلاقات المتازمة مع دول الجوار العربي مثل ايران وتركيا واثيوبيا ..
فماذا قدمت جامعة الثول العربية للشعب العربي منذ انشائها بارادة بريطانية في اذار – مارس ١٩٥٤ ؟ اي مواطن عربي بسيط سيجيبك : لاشيء على الاطلاق وعدم وجود الجامعة ووجودها سيان .. بل ان الجامعة اسيرة لارادات من يدفع اكثر، ودولة المقر .. وكل قرارات القمم انشاءٌ وحبر على ورق بل ان امينها العام وجيش نوابه ومستشاريه ومساعديه لا هم ولا شغل لهم سوى التعبير عن القلق ، والقلق فقط ثم الشجب والاستنكار والتنديد .. وترديد بيانات الدول المتنفذة – وعلى راسها السعودية ودول الخليج طبعاً – حتى اصبح الامين العام وكأنه موظف صغير في وزارة خارجية السعودية .. واستطيع الان ان اعطيكم البيان الختامي للقمة القادمة حرفياً من قضية فلسطين والمبادرة العربية الى ادانة احتلال ايران للجزر العربية الى اصلاح الجامعة .. الى .. الى … وكله كلام مكرر ممض حفظناه عن ظهر قلب من كثر ترديده !.
آخر الاحصائيات الرسمية تقول ان ميزانية الجامعة تبلغ ٦٠ مليون دولار سنوياً .. ثمانون في المائة منها رواتب ومخصصات وايجار مكاتب للجامعة حول العالم ، فماذا يقدم هؤلاء الموظفون من خدمة للمواطن العربي ؟ وماذا لواغلقت الجامعة ابوابها وسرّحت العاملين فيها والغيت من الوجود ؟ .. وها نحن لم نعقد قُمة منذ ثلاث سنوات ولم يمت الشعب العربي ولم يمرض .. لذا فان وجود الجامعة من عدمه واحد والأولى الغاء الجامعة وتوزيع هذه الستين مليوناً على فقراء الامة وسكان المخيمات والذي يعانون سوء التغذية والحروب والحصارات وما اكثرهم ، ولا باس في تعيين الامين العام ( بعد ان يقبض المليوني دولار هدية سعودية خالصة لخدمات الامين ) مستشاراً او ممثلاً شخصياً لرئيس عربي ثري وهذا هو تدرجه الطبيعي : سفير – وزير خارجية – امين عام الجامعة – مستشار خاص ، ولا باس بتاسيسه معهد ابحاث اوالقاء محاضرات جامعية فذلك زايد خير .. فكله يمشي .. مادمت قد كنت اميناً عاماً لجامعة الثول العربانية بدرجة قلقان لايهش ولا ينش !!.