إنفردَتْ بطروحاتها عن النساء ! , اخذتني على انزواء , سألتني بحياء , قالت : – احسُّ وكأنيّ اتحسّس ايضاً بوجود تشابه صوتي حينما انطق كلمتي ” قبُلات و مقبّلات ” , فهل من مغزىً مخفٍ وراء ذلك ؟ وهل من علاقةٍ ما في الربط بين هذا الأشتراك النطقي بين تلكما المفردتين .!
وإذ من طباعي في احايينٍ ما , أنْ اجزّئ اجاباتي على الأسئلة المخملية وشبه المخملية بأفتعالٍ غير مرئيٍّ , بفواصل من التوقف القصير اقوم بتضييعها على الفتاة السائلة , عبر نفث ادخنة السجائر , مستغلاً او مستثمراً تلك الثواني لأهدافٍ مزدوجة , احدها لأجل التفاعل النفسي في انتقاء المفردات المتميزة , والآخر في التأمّل لمزيدٍ من الدقة المتناهية في طريقة القاء الإجابة بما يتناسب بتناغمٍ سيكولوجي وعاطفي مع مشاعر تلك الفتاة . . وعذراً < آنساتي , سيداتي , سادتي > لهذا الأسترسال اللاارادي او اللاشعوري , فلم اقصد إدخال عناصر التشويق والإثارة في تلقّي الإجابة , فقد قلت فيما قلت لتلك الصبيّة السائلة في بدءِ ردّي عليها : – إنَّ الحروفَ ذاتها مشتركة بين القبلات والمقبلات باستثناء حرف الميم المضاف في الثانية , وتشديد الباء ايضاً , ولعلّ هذا التشديد يمثّل الفارق والفاصل بين ما هو معنوي كالقُبُلات , وبين ما هو عملي كالمقبّلات , مع الأخذ بالحسبان الأنسيابية اللفظية والصوتية المرنة في ” المعنوي ” , والمتشددة نسبياً في المقبّلات , ثمّ وبعد نفسٍ عميقٍ من الدخان ممّا ينعش الأعصاب , قلتُ لتلك الآنسة المستحية : – انّ المقبّلات بلا شكٍّ هي لتطييب الألسن وفتح الشهية بغية التسهيل والتشويق لإستقبال ما يمكن تناوله برغبةٍ عالية , بينما القُبُلات هي عملية تمهيد عاطفي وسيكولوجي وفكري لتهيئة مجمل الأوضاع الفسلجية في الجسد , لأستقبال والشروع بأنجازِ انجازاتٍ اكبر واعظم من ذلك .! , واضفتُ لآنستي : – ومَن ذا الذي قال بأنّي لا امتلك هذه او تلك الدرجة من الحياء في الأسترسالِ اكثر فأكثر .! فقاطعتني بقولها O.K .. OK فالفكرةُ وصلَتْ , لكنّي استطردت وقلت : – كلتاهما القبلات والمقبلات تشكّلان من نواحٍ لفظية وصوتية , وكذلك من زواياً عملية وتنفيذية ما يواكب ويساوي القبول والتقبّل لأيٍّ من القبلات والمقبلات بغية بلوغ العلا والحلا .! , عَضَّت فتاتي شفتيها بخفّة وقالت بأستحياء : أنّ الفكرة قد وصلت مبكّرأً .. فأضِفتْ : – سواءً مبكّرا او قبله او متأخراً , فلا حياء في فقه الأدب والفن وعلم الأجتماع …
ما أن اوشكتُ على ترك ذلك المكان المنزوي , مستأذناً منها بالمغادرة , حتى مسكتني من يدي لا شعورياً , تطلبُ ايضاحاً وتفسيراً مقنعاً لسؤالٍ خاصٍّ آخر, قالت : – ما يشغل رؤايَ نفسياً وفكرياً هو تشابهٌ صوتيٌّ نسبيّ في اللفظ والنطق , بينَ مفردتي < تنّورة و تنّور > مع ادراكي المسبق لأستحالة وجود علاقة ممكنة بين الكلمتين , فهل من معنى لهذا التقارب البعيد او التباعد القريب .! , قلتُ لها : لا تظني ياعزيزتي وبعضُ الظنِ ليس اثماً ايضاً , ولا تفكّري بأنّي سأدّعي بوجودِ علاقةِ نَسبٍ وقرابةٍ من بعيد بين حرف التاء في نهاية ” تنورة ” وبين تاء التأنيث الساكنة , كلاّ .. كلاّ , كما لا تتصوّري بأني سأزعم بأنّ هذه التاء المدوّرة تشبهُ فتحة التنّورة من الأعلى ولا حتى من الأسفل كذلك , لا .. لا , انّما انا بالضّد من استبعادك لوجود علاقات مشتركة بين الكلمتين , فبغضّ النظر عن وجود خمسة حروف تتكون منها كلتا الكلمتين وبضمنها بالطبع حرف النون المشدد , فأنّ القاسم المشترك الأعظم بينهما هو : < النور .!! > وايّما نور ! , فليست هنالك من دواعٍ للأشارةِ الى النور المنبعث من التنّور, أمّا ما تخفيه التنّورة فأعذريني بقولي أنّ الأدباء وغير الأدباء يعتبرون أنّ تلك المنطقة المحرّمة نهاراً تشكّلُ نوراً في الليل .! وقد يعدُها العلماء نوراً غير مرئيٍّ قد تمثّله الأشعة تحت الحمراء او الأخرى البنفسجية ولربما اشهة ” اكس ” , فأنا لم اتفقّه بالفيزياء كثيراً , لكنما بمقدوري أن اضيف : – إنَّ التنّور يشكّلُ اطاراً لموضعٍ تنبعثُ منه حرارة ولا خلاف على ذلك , كما أنّ التنورة من الناحية المعنوية ” على الأقلّ ” تؤدي وتنجز ذات الدور , لكنَّ قطَرات العرق كانت تتصبّبُ من وجه الآنسة كما زخّات الدوش حياءً واستحياءً , وانا عرقتُ قليلاً ايضاً …