قد يستغرب القارىء من تصنيف القيم بانها قيم مختلفة ، في حين ان القيم بحد ذاتها واحدة لا تتجزأ ، اما اذا اردنا معرفة مصدرها من الناحية المنطقية فان القيم بمجموعها ان كانت متنوعة صادرة من كائنٍ متعالٍ وهو الخالق سبحانه وتعالى وترتبط بالاخلاق والدين . اما القيم الوضعية فهي صنيعة الانسان وهو الاصل . ويعترف الفلاسفة والمفكرون ان مصدرها المادي هو الانسان ، ومنهم من اعتبر الانسان كعقل ، ومنهم من اعتبره رغبة الهية ارادت ان تبسط قيمها على الارض من خلاله ، ومنهم من أعتبر الانسان كمجتمع وبالتالي تكون القيم من صنعه وهو الذي يتحكم بها . ومن هنا يظهر بصورة جلية ان القيم يُنشأها من هو يتمتع بالقوة والسلطة والارادة ومن لا يملكهما لا يستطيع ان يوجد تلك القيم ، اذاً مصدر القيم هو الله تعالى ومن وراءه الانسان . وهنا يكمن الصراع بين القيم السماوية والقيم الوضعية ، وطالما ان القيم الوضعية من صنيعة الانسان فهو من يروج عنها ويحميها ، وبعد بروز ظاهرة العولمة بقيمها المادية وما تمتلكه من امكانيات تقنية ومالية استطاعت التأثير على القيم المستوحاة من القيم السماوية وبالتالي كانت الممانعة والصمود اتجاه هذه القيم التي تحمل التغيير المنافي للقيم الاصيلة . السؤال المطروح ان كانت القيم المادية واحياناً الروحية منها صنيعة الانسان من الذي يضمن نزاهتها وبعدها الاخلاقي والروحي الذي يحمي الامم والمجتمعات من الانزلاق ؟ . والاجابة قد تكون باكثر من وجه مما ينبغي معرفة لماذا تتعمد مراكز الغزو الفكري المادي عبورها الحدود بلا استئذان وصراعها مع قيم المجتمعات والاصرار على تبني قيم جديدة بحجة خلق عالم جديد يتصف بالشراكة وابعاد الدين من برامج الحياة العامة ، واشاعة مفاهيم عالمية باعتبار ان القيم اصلها الانسان وليس الخالق . نعتقد ان القيم مهما تصارعت فيما بينها فان السبب الرئيسي هو الانسان لانه لا يريد ان يعترف بان القيم وجدت بوجوده اي انها صنيعة آلهية ، وما قيمه الا مستوحاة منها ، لذا ينبغي ان نؤمن مهما بلغت عظمة القيم الانسانية فان حدودها الفاصلة عن قيم السماء لا تتعدى الا خطاً واحداً طالما هي مكتسبه وليس اصيلة . لذا فلا خير في قيم انسانية تصنعها ارادة القوة و تُفرض علينا ونطلق عليها قيم عليا ويجب احترامها والاخذ بها .