22 ديسمبر، 2024 7:19 م

قيس سعيّد وعلمانية الدولة …… ج1…

قيس سعيّد وعلمانية الدولة …… ج1…

الدولة – الأمة أم الدولة المدينة …
بتصريحاته الاخيرة اثبت الرئيس التونسي بلا شك علمانية الدولة ، وان الدين لايؤسس للدولة بل يتبع الامة ، فالدين/الامة وليس الدين/الدولة ،فالاسلام دين الامة وليس دين الدولة ، فالدولة حسب رؤيته ليس لها دين ،بل ان الامة لها دين وقد يكون لها مجموعة اديان، بالتالي ينعكس دين الامة على دين الافراد ،فالفرد يكون له دين، فالدين دين الامة ودين الفرد، وهذا هو الاساس الذي يجب ان تبنى عليه اية دولة ، كي تؤسس للمفاهيم الديموقراطية والعلمانية ، واللافت ان قيس سعيد اشار لعلمانية الدولة استنادا على ايات من القرآن أي : من النص ، وذلك بقوله : ـ لقد ورد بالقران الاشارة الى دين الامة وليس دين الدولة (كنتم خير امة اخرجت للناس) وليس خير دولة ، هذا أمر ، والامر الاخر ، وهو ما ساقه عبر السخرية ، اذ قال : ان الدولة لاتعبر الصراط ولاتدخل الجنة ، بل ان الامة بتكويناتها وبأفرادها هي التي تنطبق عليها عقائد الدين ، بالتالي فان علمانية قيس سعيد التي نراه يؤسس لها تثير ضغينة الاسلامويين على اختلاف مشاربهم ومناهلهم سيما الاخوان المسلمين الذين اقصاهم سعيد وذلك لادخالهم السياسة وبشكل كبير في الدين والعكس صحيح.
اذن الدولة حسب سعيد هي المؤسسة التي ينبغي ان تقود الشعب والوطن الى بر الامان لا ان تكون منغمسة بالدين دستوريا وقانونيا ، ان رؤية قيس للدولة انما هي الدولة ذات الصبغة الانسانية غير المتعبدة بالدين ، فالدين يضع مساراتها بوجه الخطر وعدم الاستقرار ، ان قيس سعيد يقود مشروعا تقدميا كبيرا قد يستمر وقد يفشله الاسلاميون اذا اتحدوا ضده ، هو مشروع العقل السياسي المتقدم ، وكما اشرنا في البداية فان قيس سعيد يبعد الدولة عن الدين ضمن الدستور ، فالدين دين الامة كما اشرنا ، الشعب ، الفرد اما اذا كان هنالك دينا للدولة وهذا ما تشير اليه اغلب دساتير الدول الاسلامية والعربية ، فهل الدولة كيان مادي له دين، بل كيان معنوي ، ان قيس سعيد رسم مسارا نهضويا تنويريا لتونس ، وضمن حريات الاديان لديهم بعيدا عن تسييس الدين وتديين السياسة . هذا فيما يخص علمانية الدولة .نأتي الان لمعرفة هل ان الدولة – الامة ام شيء اخر الدولة – الامة يبدو ان هذا المسمى قد اوشك على الانتهاء في ادبيات السياسة الفكرية وقد يعود المفهوم الدولة – المدينة ، كما في روما القديمة عندما كانت الدولة تتلخص في روما ككيان مستقل قائم على اسس المدينة ، فالدولة الامة ظهرت متأخرة تأريخيا وهنالك كثير من الادلة التي تشير الى انها لن تصمد حتى نهاية القرن يقوول جيمي بارتلت (مدير مركز تحليل وسائل التواصل الاعلامية think-tank demos في لندن ، وقد كتب العديد من الكتيبات والتقارير عن ثقافات الانترنت وخصوصية الاتصال الالكتروني)(نحن كذلك واهمون بأن انموذجنا الذي نعيش فيه في دول هو حتمي وسرمدي ،فالامة (اناس بينهم صفات وخصائص مشتركة) ودولة . فالسؤال ما الذي ساعد على قيام مفهوم (الدولة /الامة) بعد انهيار الدولة –المدينة ..
الثورات على مستوى العالم.
الاديان وانتشارها (امة الاسلام، الامة المسيحية ، اليهودية ، الهندوسية ….. الخ.)
الثورات بالتحديد في الولايات المتحدة الامريكية 1776م وفرنسا 1789 في خلق الفكرة المشهورة التي عرفت ب(المصلحة الوطنية ) وفيما وحد التواصل المطور اللغة والثقافة والهوية وساعد التوسع الامبريالي في نشر الدولة – الامة كأنموذج حول العالم ، وهكذا اصبح هنالك 193 دولة قومية تحكم العالم .
اما السؤال الذي نود طرحه هنا ، هل ان مفهوم الدولة الامة قد مات ام ما زال مقاوما وهل حل محله المفهوم القديم الجديد :الدولة – المدينة ؟؟؟؟
فقد تنبأ الكثيرون على زوال مفهوم الدولة – الامة ، بل ان العولمة في واحدة من اوجهها كسرت قوة الدولة – الامة وعملت على تشكيلها لغرض التغيير ، يقول (جيمي بارتلت) (ان الجديد والمثير يبشر بمستقبل بلا حدود، حر، بلا هوية ، فالتغير المناخي ، تحكم الانترنت والجريمة الدولية ، كلها بدت أبعد من قدرات الدولة – ألأمة ، الصعوبات الدولية التي يمكن التعامل معها ، تثاقل وعدم مبالاة لأصلاح المشاكل المحلية ) كل هذه الامور فاقمت من مشاكل الامم – الدول، (كما يعتبر بارتلت ان التكنولوجيا الرقمية لا تحب الدولة الامة ، وهذا ما لخصه اعلان جون بيري ، لاستقلال الشبكات الكمبيوترية 1996 ) الانترنت هو تكنولوجية مبنية على مبادئ تحررية ،بلا رقابة ، الرقابة المركزية ولا حدود لها ، والان هو موجود في كل مكان هذا الامر يحدث ألما عظيما للدولة – الامة ، على جميع الاصعدة ، فمن الممكن الان لخدمة الصحة الوطنية البريطانية ان تستهدف بجهاز فتاك ينطلق من كورباش وهنالك القليل من الطرق لايقافه او تقديم الجناة للعدالة) كما تواجه دول العالم موجات من المهاجرين بسبب الظروف الدولية من صراعات في بلدان الشرق الاوسط وافريقيا ، وكذلك بسبب التغيرات المناخية ، والدولة الامة عندما لاتسيطر على المعلومات – الجريمة – الاعمال التجارية – الحدود ، المؤونة المالية ، عندها ستبقى الدولة – الامة ، كيانا او خرافة متفقا عليها وهنا ارجع لكلام قيس سعيد من ان الدولة كيان معنوي وليس لها دين ، فذلك صحيح، فالدولة يمكن الا تكون امة بالاساس بل تكونها مجموعة شعوب داخل (مدينة/دولة) فاليوم لدينا مدن في العالم لها سلطة حاكمة مستقلة كما الدول، موناكو ، سنغافورة ، المدينة احتفي بها مؤخرا من قبل مجلة (حقبة جديدة للدول القومية) 2010 ومجلة quartz الامم لم تعد تقود العولمة – المدن تفعل 2013 ومجلة the boston globe .
عالم بلا حكومات .. بلا دول … مدن ام امم!!!!!
تشير الدراسات والابحاث الدولية عن ان العام 2050 بأنه سيكون عالما بلا حكومات ، تستحوذ فيه الشركات العالمية او الشركات متعددة الجنسيات على مقادير الناس ، عالما يستبدل فيه الجميع انتماءاته الرقمية بانتماءاته الوطنية والاجتماعية والمهنية ، وتصبح جنسيته هي فيسبوك او ابل بدلا من الجنسية القومية ، جنسية افتراضية تمنح حاملها الامتيازات المعتادة نفسها، تأمينا صحيا وعلاجيا وبرامج تعليم عن بعد، تكفلها هذه الشركات حيث لا شهادات، عالما تمنحك فيه فيسبوك الانترنت مجانا عبر طائراتها، ولا تحتاج فيه الى رخصة قيادة لان جوجل ستوفر لك سيارة بدون سائق
والسؤال : هل باتت الشركات متعددة الجنسيات اقوى من الدول القومية ؟