الشعوب عندما تهب بعزيمة ثابتة , ولديها رؤية واضحة , وقيادة واعية صالحة لتنظيم نشاطاتها , وتأمين إنطلاقاتها نحو أهدافها المرسومة , ستنجز ما تريد وتصنع حاضرها ومستقبلها بإرادتها العصماء , وبغياب القيادة المتمرسة الأبية لن تحقق الشعوب تطلعاتها.
إن هبّات الشعوب غيّرت المفاهيم وأنظمة الحكم , وأطلقت الطاقات النافعة لبناء الإقتدار الوطني المتين.
فعلت ذلك الشعوب في فرنسا وروسيا والصين والهند , وغيرها من المجتمعات التي حققت مراداتها , ومضت في مسيرة والتألق والرقاء والنماء.
فطاقات الشعوب لا تنضب , وإرادتها لا تنكسر , ومسيرتها لا تتوقف , ولا تستطيع أية قوة أن تنتصر على الشعب , مهما سخرت من الأساليب والألاعيب والأوراق الغاشمة.
وبعض المجتمعات قامت قيامتها وأنجزت إرادتها , وإن سُرِقت منها ثوراتها , كما حصل لهبّات الجماهير في عدد من البلدان العربية , في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , وبرغم ما وصفت به وآلت إليه , لكنها حقيقية , بلا بوصلات قيادية ذات رؤية واضحة ومستقبلية , وفي معظمها تمكن الجيش من حماية الوطن من تداعياتها الخطيرة.
وفي مجتمع يتسلط فيه الفساد , ويتعاظم التدمير الذاتي والموضوعي , يكون للهبّات الجماهيرية طعمها وكيانها التعبيري الصادق عن المسيرة القادمة , فما يحصل في بعض المجتمعات هو قيامة المصير , فالصرخة المدوية الكبرى الخالدة عليها أن تعيد الوطن إلى أهله , وتحرره من الطامعين به , والعاملين على سرقة ثرواته وتدمير وجوده.
فهل ستحقق الجماهير المطالبة بحقوقها ما تريد؟
إن ذلك مرهون بمهارات قياداتها , وتطلعات مفكريها , والذين يشرفون على رسم خارطة تحركاتها اليومية.
ومن الأفضل أن يكون التوثب سريعا وخاطفا ومدروسا , لكي لا تتسلل القوى الطامعة القامعة , وتتسبب بتفاعلات دموية لتدمير اللحمة الجماهيرية الوطنية , وتأمين آليات الإفشال وتأكيد العجز والتبعية والإستسلام.
وإن الشعب حي واعد ولود , ولن تنال منه أية قوة إذا تماسك وإلتف حول قيادة ذات رؤية وطنية إنسانية معاصرة.
فهل أنها ثورة صادقة ذات قيادة راجحة؟!!