نظرة للتعرف على القوى الفعلية الموجودة في جبهة المقاومة!
لتقييم المشهد الحقيقي للمقاومة في أي نقطة من العالم بشكل صحيح، يجب أن نرى من هي القوى الرئيسية في ميدان هذه المقاومة! ما هي حدودها مع القوى الحاكمة وقوى المجتمع (سواء كانت سياسية أو اجتماعية)؟ ومن الضروري أيضا أن نرى كيف تنظر هذه القوى إلى مشاكل المجتمع، وما هي هويتها وبرامجها؟ ما هي سياستها واستراتيجيتها وخطة مسيرتها ونهضتها من أجل المجتمع ؟ ومن أجل بناء تقييم كامل ودقيق لهذه القوى من الضروري معرفة ما لديها من رصيد تاريخي تنتمي إليه وترعاه، وفي النهاية ما هي قوتها وقدراتها البشرية وتركيبة أعضائها وكوادرها وقيادييها؟
وهذه هي العوامل الأولى التي تساعد على تقييم المقاومة بشكل صحيح وواقعي، وبالطبع يمكن استخدام ردود أفعال “القوى الحاكمة” في مواجهة هذه “القوى” كإجراء تحليلي قياسي مساعد على فهم وتحليل هذه القوى وتقييمها أو إعادة تقييمها، وهذه هي إحدى الطرق العلمية في التعرف على أي ظاهرة من أضدادها!
القوة المحورية للمقاومة من لسان السلطة الحاكمة !
لقد شهدنا جميعا ولا زلنا نشهد أن النظام الحاكم في إيران يرى أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية” التهديد الرئيسي الدائم له ولكيانه منذ بداية وجوده وحتى اليوم”، وفي هذا الاتجاه وضع هذه القوة نصب عينيه مستهدفا اياها للقضاء عليها، ولم يدخر وسعا ولم يتوانى عن القيام بأي أعمال عسكرية كانت أو سياسية أو إعلامية أو نفسية داخل إيران وخارجها منفقا المليارات على ذلك ولا زال، ولم يكتفي بذلك فحسب بل عمل على توسيع جبهة مواجهته لهذه القوة التي تهدد وجوده إلى حد تفاصيل المواجهة حيث لم يتمكن من النيل منها عسكريا وأمنيا وسياسيا واعلاميا فعمد الى اصدار مئات الكتب والإصدارات والأفلام والأعمال الفنية وغيرها!
ومن الناحية العلمية والمنطقية من الطبيعي أن تواجه هاتان القوتان بعضهما البعض في جميع القضايا وجميع المجالات، ومن
المواقف إلى القضايا إلى العمل والأداء المتعلق بكل منهما، ومن السياسات والبرامج إلى كيفية التعامل مع المجتمع والناس، قوتان متضادتان تماما ولا يمكن التوفيق بينهما، ويرتبط بقاء إحداهما بموت وفناء الأخرى!
الخطوط الحمراء للمقاومة !
“عدو عدوي صديقي” بالإستناد إلى التجربة التاريخية للثورات العالمية فإن جميع القوى المناهضة لقوة ولاية الفقيه الديكتاتورية الحاكمة إيران لديها العديد من توافق الرؤى باتجاه “نقاط الوحدة” التي من الواجب الحفاظ عليها وحمايتها، كما أن نقاط الإتحاد هذه تحمل في جوهرها “خطاً أساسيا أحمر” وهو الحد الأحمر الفاصل بين القوة الحاكمة وقوى المقاومة، وعليه فإن الأمر متروك لقوى المقاومة حيث من الواجب تقديم ما يعزز ويقوي هذا الحد الأحمر ويزيد من احمراره باستمرار مع الإلتزام به!
كيف تتعامل مع الأحداث بشكل صحيح!
إذا نظرنا الآن إلى تاريخ المقاومة الإيرانية في العقود القليلة الماضية إنطلاقا من هذا الإيضاح نرى أن المقاومة الإيرانية رحبت بكل خطوة من خطوات المقاومة ضد السلطة الحاكمة واحترمتها في كل مكان وزمان، حتى لو كان الأمر متعلقا بفئة أو كتلة من قوى المقاومة كانت غامضة أو مشكوك فيها في بادىء الأمر!
من عزل أول رئيس للملالي إلى عزل السيد حسين علي منتظري من منصب الخلافة في ولاية الفقيه (خليفة خميني)، ومن هجوم نظام الملالي على الأحزاب السياسية في كردستان الإيرانية، إلى تهديد حكومة ولاية الفقيه العميلة في العراق بمهاجمة الأحزاب السياسية الكردية العراقية، ومن المسافة الفاصلة بين ما يسمى بالحركة الخضراء (!) من خامنئي، إلى الخلافات الصورية بين ابن الديكتاتور المخلوع ضد نظام الملالي و …
ويضاف الى هذا كله رفعة راية المقاومة الإيرانية، وقدرتها على فضح تدخل النظام في الشؤون الداخلية للدول البعيدة والقريبة، وفضح مشاريع النظام النووية ومخططاته الإرهابية!
بأي المؤشرات والقياسات تكون الأصالة ؟
أما بالنسبة لوجهة نظر المقاومة الإيرانية فالأصالة تبدأ “بإبتعاد قوى المقاومة عن النظام الذي هو العدو الرئيسي للشعب الإيراني” وليس الخلافات أو الانتقادات الطبيعية التي يمكن تصورها في أي مقاومة، وتخطو المقاومة الإيرانية على هذا النحو في هذا المشهد بنبل وإيمان كافيين، وعليه فمن حيث المقاومة فإن “الأصالة هي وحدة قوى جبهة الشعب والمقاومة”، ومن حيث رؤية المقاومة الإيرانية وثوابتها فإن الاقتراب من النظام الإيراني يعني الابتعاد عن جبهة الشعب وعن مصالحه، وعلينا أن نقف ضده!
التأثير والفاعلية في جبهة المقاومة
القوى المعارضة لنظام ولاية فقيه الملالي شاءوا أم أبوا فهم يتأثرون بالمواجهة ودور وموقع القوة المركزية للمقاومة في هذا السياق، وعلى الرغم من الاختلافات والانتقادات المتوقعة تشترك هذه القوى في عوامل صعود وهبوط القوة المركزية للمقاومة ويتم اختبارها في نفس السياق، وإذا أصبحت إحدى القوى في موقف معاد للقوة المركزية للمقاومة فإن الإحتكام يكون للقانون الموحد الحاكم لهذه القوى،
وبما أن القوة المركزية لهذه المقاومة لم تترك قط ولن تترك القوى الأخرى وحدها في مواجهة النظام الحاكم فمن المؤمل أن تبادر قوى جبهة المقاومة للوقوف إلى جانب المقاومة وإلى جانب مصالح الشعب لتلافي الضلال، لأن طريقا غير هذا الطريق هو طريق مضلل وطريق يطيل من عمر السلطة الحاكمة وتجعل مصير المجتمع أكثر إيلاما، وعليه فإن الدرس الأول المستسقى من التجارب السابقة هو الحاجة إلى المزيد والمزيد من الوحدة لإخضاع العدو المشترك!
يقظة ضرورية وهامة!
ثَبُتَ في التاريخ أن كل مقاومة تواجهها قوة حاكمة تسعى إلى طمس الخطوط الحمراء لديها وتفتيت مكوناتها وضرب مركزها، لذلك لابد من الدراية والمعرفة وإدراك ما يحيط بنا وما يدور حولنا من “أقنعة” و “شعارات” و “مؤامرات” توجه إلينا بأساليب احتيالية تلعب على المشاعر والعواطف، وهناك العديد من هذه القوى الخاطئة التي تختفي بعد فترة كعشب الربيع الأخضر!
كلمة أخيرة!
ووفقا لما يقره العدو ضمنيا وحرفيا وردود أفعال، وقناعة وايمان طيف كبير من شعوب العالم فإن “لمقاومة الشعب الإيراني” مكانة راسخة الآن في النضال ضد النظام الحاكم في إيران، مكانة راسخة بكل استحقاقاتها ومزاياها باعتبارها “البديل الديمقراطي الوحيد للنظام، مكانة ترسخت ولا يمكن إنكارها بل ويصعب انكارها، بديل يستفيد من إنجازات هذه المقاومة، بانتصاره على نظام ولاية الفقيه الحاكم، وانتصارها هو انتصار وانجاز لجميع قوى المجتمع النبيلة بكل مُثلها ومعتقداتها ورغباتها.
وكرصيد وطني واجتماعي ثمين يجب أن نقدر ونحمي ونساند جبهة هذه “القوة الرئيسية” للمقاومة وأن نأخذ في الحسبان حقيقة أن ليس لهذه الجبهة سوى الأحرار الصادقين “أنا” و “نحن”، وانت وانتم وهناك “آخرون” آخرون من الطيف الشعبي الكبير النقي! جبهة من أجل حب الشعب والوطن والتفاني لتحرير الشعب والوطن، وعليه ومع هذه الجبهة والى جانبها يجب فعل كل شيء من أجل إسقاط هذا النظام ولا شيء غير ذلك!
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.