19 ديسمبر، 2024 4:01 ص

قولوا ما شئتم عن بوتين … وموتوا بغيضكم

قولوا ما شئتم عن بوتين … وموتوا بغيضكم

تزغر القنوات التلفازية وبرامجها التحليلية بالمحللين و تقارير المراسلين ، والصحف والمجلات التي تطبل جميعها على لحن الاعلام الغربي والامريكي ، الذي يكيل بالانتقادات عن الدور الروسي وتدخله العسكري في سوريا ، و الاتهامات والمعلومات المضللة عن آثار هذا التدخل ، الذي جاء بحسب الكثيرين من هؤلاء المحللين بالاتفاق مع الولايات المتحدة و ( إسرائيل ) . ، ومحاولاتهم النيل من شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعبارات تنم عن الحقد والغيرة تارة ، وتزداد هذه العبارات بحسب طبيعة المبالغ المدفوعة مسبقة الى هؤلاء المحلليين والخبراء السياسيين !!! الذين بات تواجدهم في هذه القناة أو تلك كوجبات الغذائية اليومية الثلاث ، وتنقلهم من وسيلة أعلام الى أخرى دون كلل او ملل ، وتارة أخرى بسبب الانتصارات التي تحققت على أرض الواقع السوري بفضل الضربات الجوية الروسية والتي باتت تغيض من يقف وراء المجموعات الارهابية طوال السنوات الخمس الماضية .

و نحن نقلب القنوات التلفازية الصدفة وقع نظرنا على احدى البرامج الحوارية في واحدة من القنوات العربية التي تقود جبهة الرفض والمواجهة للخطوات الروسية في المنطقة العربية عموما وسوريا على وجه الخصوص ، وإن كان المحاور الروسي فيها ، والذي يمتلك خزينا كبيرا من المعلومات الخاصة ببلده بحكم مسئوليته ، والتي تفوق ما يمتلكه منافسه الصحفي العربي المقابل ( لم نسمع به من قبل ) ، إلا إن الضيف الروسي كان ضعيفا في إقناع المشاهد بما يود طرحه ، وترك للضيف الاخر فرصة المناورة والتلاعب بالكلمات والتضليل بالمعلومات التي اصبحت معروفة مسبقا للمشاهدين .

نعيش في روسيا منذ حوالي العشرين سنة ، وحظوظنا فيها اننا شهدنا التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها البلاد ، فبعد أعوام الترهل والفساد وعصابات المافيا التي كانت موجودة حتى في هرم السلطة في زمن الرئيس الروسي الراحل ( بوريس يلتسن ) ، جاءت الحقبة الجديدة التي قادتها الرئيس الحالي فلاديمير بوتين ، الذي ثبت انه شخصية جديرة بزعامة دولة عظمى ، شخصية صنعها ليس تاريخ العلماء والفلاسفة فقط امثال غاغارين وتولستوي وديستوفسكي وغيرهم من الشخصيات التي لن تنساها

البشرية ….. وانما بلغة الارقام التي تشير الى ازدياد شعبيته كل عام عن الذي قبله ، حتى وصلت الى اكثر من 75 % رغم اصوات المعارضة النشاز النادرة والضعيفة التي مهما نفخ بها ودعمها الاعلام والماكنة السياسية الغربية الا انها لم تستطيع النيل منه .، وقام بخطوات تصحيحية للاوضاع الداخلية تمثلت في مطاردة والقضاء على العصابات الاجرامية وعرابين الفساد الذين لم يجدوا ملاذا لهم سوى لدى عجوز القارة الاوربية ( بريطانيا ) المتعودة على استضافة الفاسدين والسارقين وقطاع الطرق والقتلة الهاربين من أحكام جنائية في بلدانهم .

تهم المحللين ( المرتزقة ) الموجهة ضد الرئيس بوتين بانه السببب في التدهور الاقتصادي الذي تعيشه بلده يذكرني بقول رجل الاعمال الامريكي هنري فورد ” من حسن الحظ ان الشعب لا يفهم نظامنا المصرفي والمالي ، لأنه لو فهم ، فستقوم ثورة قبل صباح الغد ” فاغلب هؤلاء المحللين لا يفهم شيء بالاقتصاد ، وطوال حياتنا نسمع عن مشاكل في الاقتصاد وازمة اقتصادية ومشاكل في البورصة تضخم ديون عجز ضخ سندات ، دوامة نسمعها طوال حياتنا وتعودنا عليها ، ونسنتنتج انه المشاكل الاقتصادية ماهي الا مسلسل مكسيكي سيدوم ابد الدهر ، ولا دخل للرئيس الروسي بها ، ونسوا إن روسيا جزء من المنظومة المالية العالمية وتتأثر بتأثراته السلبية او الايجابية .

ووفق مبدأ ( كل واحد عدوه أمام عينيه ) فان هؤلاء المحللين يتناسون أن العالم يشهد حاليا حالة من عدم الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي في معظم دول العالم ، وتعاني فيه الكثير من الدول ثقل المديونية الحكومية ولا يستثنى من ذلك حتى الدول المتقدمة ، ويحاول الامريكيون في الوقت الحالي النجاة بانفسهم من الازمة الاقتصادية المالية التي تعصف بهم من كل جانب ، وهم يخشون ان اقتصادهم بدأ يدخل في مرحلة كساد فعلي ، غير انهم غير مدركين الى حقيقة ان الكارثة الاقتصادية الاكبر قادمة كون حجم الدين تضاعف تقريبا ، بسبب الحروب التي تشنها الولايات المتحدة والاقتطاعات الضريبية وزيادة الانفاق التي اضيفت اليها اعباء خطة الانقاذ المالي الحكومية .. ومع ذلك فكل الحسابات لا تساوي شيئا مقارنة بالكارثة المالية المحدقة التي ستطيح بالولايات المتحدة الامريكية .

ومن وجهة الاقتصاديين الاميركان فإن النظام المالي العالمي وخاصة في الغرب قد دخل في مرحلة الافلاس الفعلي كون ان كمية النقد المتبادل في اسواق الصرف اكبر من كميات اجمالي الناتج المحلي لجميع امم الارض بمئات المرات ، وهذا يحتم ادخال النظام المالي العالمي في اجراءات افلاس قريبة وإن التقارير الاقتصادية اظهرت ان فرنسا وفنلندة هما ايضا من بين الدول التي تطالها الازمة العالمية بعد ان ظلت في مامن عنها .

الرئيس بوتين خيب توقعات الكثيرين من إمكانية افلاس البلاد والاطاحة به حتى نهاية عام 2015 وأفشل سياسة الرئيس الامريكي الذي كان يرى في استراتيجية العقوبات ” بانها تؤتي ثمارها ، وإن صورة الرئيس الروسي بدأت تتأثر ، ومع مرور الوقت سيتحول الامر لروسيا الى خطأ استراتيجي ” وظل على راس اكبر دولة مساحة ، تملك اكبر الاحتياطات العالمية النفطية والغازية والفحم ، وخامس اكبر منتج للطاقة المتجددة ، وثالث اكبر منتج للكهرباء في العالم ، وتخصيصه ميزانيات كبيرة لابحاث تطوير التكنولوجيا النووية وتكنولوجبا الطاقة ، وابقى على صادرات بلاده عند 515 مليار دولار ، وأمتلاك انتاج زراعي من القمح يعد الخامس في العالم ، واكبر مستورد للغذاء ، وان اوربا اكثر المتضررين من العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا .

أما في الجانب العسكري لازالت روسيا تحتفظ بترسانتها النووية والعسكرية واقمار التجسس وكافة اشكال الصواريخ الاسترتيجية ، وجيش قوي عالي التسليح قوامه اكثر من مليون عسكري ، وتمتلك اكثر من 1600 راس نووية ، وتعتبر واحدة من اكبر موردي الاسلحة في العالم لاكثر من 80 دولة وخامس دولة في مجال الانفاق العسكري .

اثبت الرئيس الروسي بانه شخصية كفيلة بحماية امنه بلاده القومية رغم الضغوط التي تمارس على الاقتصاد وكافة المحاولات التي تعمل على جر روسيا الى مستنقع الصراعات الاقليمية ، وإن بلاده حافظت على وجودها القوي في الساحة الدولية حتى باتت اليوم قبلة الملوك والامراء والرؤساء في معالجتها للقضايا الدولية ، بعد ان اكدت أن سياستها قائمة على عدم التدخل في شؤون الاخرين وعدم فرض السياسات والثقافات المحلية على احد ، وليست لها اطماع في الدول الاخرى ، وإن قرار الرئيس الروسي في التدخل في سوريا ، جاء ادراكا منه بضرورة التصدي لفكرة ” الجهاد العالمي ” الذي لم تعد تستثني الاراضي الروسية ومؤسساتها ، وكذلك للتصدي لمحاولات الاقتراب من الحدود والمصالح الروسية ومحاصرتها عسكريا وسياسيا ، وإن موسكو ادركت حجم ماتمثله سوريا في لعبة التوازنات الإستراتيجية والجيوسياسية ، والصراع هناك هو لاجل النفوذ ورغبات التوسع الاستراتيجي للدول الكبرى ، التي تسعى الى محاصرة روسيا وعزلها عن المياه الدافئة .

فهنيئا لروسيا رئيسها فلاديمير بوتين ، وإن كان رجل مخابرات وجاسوسا لها ، فهي حسنة تضاف الى شخصية الرئيس ، لأنه أكيد ذو اطلاع واسع بالمخاطر التي تهدد مصالح بلاده الوطنية ويدافع عنها ، خير من اولئك المتسولين في شوارع الغرب أو حتى في أحسن الظروف بائع للخضروات فيها او صاحب نقطة لبيع الملابس الداخلية او بائع للهوى ، لأنه بالتأكيد لن يكون مستوى عقله ابعد من ذلك ،، .

أحدث المقالات

أحدث المقالات