في واحدة من منهجية التحليل الاستراتيجي.. تحليل أصحاب المصالح وعرضها في تحليل سوات للفرص والتحديات.. في مثل هذه المنهجية لا مكان للعواطف او الميول العقائدية.. بل فقط لمس العصب المؤثر.
لذلك في تحليل ما يمكن أن يكون في عراق المستقبل القريب.. لابد اولا من إعادة النظر فيما حصل بالأمس وما بحصل اليوم
في هذا ااسياق يبدو من الممكن القول انه منذ تأسيس المخابرات المركزية الأمريكية تنظيم القاعدة في أفغانستان بعد الاحتلال السوفيتي.. ثمة أدلة عمل ميدانية تعرف الحروب النظامية مع المنظومات الصغيرة.
وهناك مراجعة دورية لهذه الادلة حتى برزت مراكز أبحاث أمريكية متخصصة ثم شركات مقاولين مرتزقة لصياغة تبريرات تعفي واشنطن من تلك العمليات الخاصة التي تحول الكثير منها لأفلام هولودية.
ما بعد أحداث أيلول.. تحولت السياسات العسكرية الأمريكية لتكليف القوات المسلحة النظامية بأعمال المقاولين.. وظهرت تقنيات الجيل الخامس ثم السادس وربما السابع في طريقه للتطبيق.. وكان احتلال أفغانستان ثم العراق الساحة الأفضل لتلك السياسات الجديدة التي تترجم قذارة الأفعال الأمريكية بعناوين حماية حقوق الإنسان!!
اي تتبع لوقائع الأحداث قبل وما بعد د١عش في العراق تحديدا وفي المنطقة ككل.. تظهر هذه السياسات واضحة وصريحة لطي الصفحة الأولى الفاشلة من مشروع الشرق الأوسط الجديد ورديفه الاسرائيلي مشروع القرن لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بتهجير الرافضين للتسوية إلى مناطق تستوعبهم خارج حدود فلسطين مقابل وعود بمساعدات مالية أمريكية سخية.!!
وفي أي مراجعة لاهتمامات مراكز التفكير الأمريكية ومصفوفة الاولويات التي تقدمها في صناعة السياسات.. يظهر اتجاهين.. الأول يمثله خط الرئيس الأمريكي السابق ترامب بأن على دول الشرق الأوسط الغنية دفع تلك المساعدات السخية ما دامت تحميها من عدوان إيراني متواصل من خلال اذرعها المعروفة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.
الخط الثاني يمثله الرئيس بايدن وهو الانسحاب وعدم التدخل الا في الضرورة القصوى على أن لا تتحمل الخزينة الأمريكية نفقات اطفاء تلك النيران مثل الإرهاب الد١عشي!!
اخد أبرز معوقات فتح خط الشروع للصفحة الجديدة يتمثل في ورطة النفوذ الإقليمي الإيراني ومشروعها النووي مثل ورطة تأسيس تنظيم القاعدة في أفغانستان حيث وجدت واشنطن ان الحل الأفضل تدجين نظام طالبان استراتيجيا.. فيما لم تنجح بتدجين النظام الإيراني على أقل تقدير في ملفه النووي.
هكذا كانت أحداث غزة نموذجا لادارة تضارب المصالح الإيرانية مقابل عدم منحها ما تطالب به في الصفحة الجديدة لمشروع الشرق الأوسط الجديد.. نوويا.. وتحولت قواعد الاشتباك من نموذج الحلبة المغلقة الذي تجيد واشنطن ممارسته إلى نموذج الحلبة المفتوحة.. بمشاركة اغلب اذرعها في نقاط مقتل في السياسات الأمريكية الإسرائيلية لاسيما في غزة ثم العراق واليمن وصولا إلى حرب مياه البحر الأحمر.
هكذا تحددت خيارات واشنطن في العودة مرة أخرى إلى ذات النموذجين الافغاني قبل التسوية مع طالبان والعراقي قبل احتلاله.
ومع تصاعد وتائر الأفعال وردود الأفعال لن تغفل سياسة الباب الدوار لابقاء الحوار مستمرا مع إيران بغية تحديد دورها في الصفحة الجديدة لمشروع الشرق الأوسط الجديد من خلال سلطنة عمان وقطر ناهيك عن الصين واليابان.
المعضلة الأكبر ان نموذج الحلبة المفتوحة يزيد من مخاطر اندلاع حرب لا تريد طهران ان تمس اراضيها.. فيما ستكون واشنطن امام خيارات صعبة للغاية في إعادة هيمنتها على السلامة البحرية.. والالتزام بتلك التعهدات التي وقعت عليها لاسيما مع منظومة مجلس التعاون الخليجي لاطلاق تلك الصفحة الجديدة مع بدايات مشروع نيونيم السعودي ٢٠٣٠.
في ضوء كل ذلك يمكن توقع تطبيقات جديدة لمرحلة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان تطبق في العراق.. تبدأ بإعلان الإقليم السني والعمل على تسليحه لضبط الحدود الغربية وإيجاد تحالف َمع قوات البيشمركة الكردية مقابل قوات الحشد الشعبي.. فضلا عن اشتراك كل من الاقليمين الكردي والسني ضمن مشاريع الصفحة الجديدة لمشروع الشرق الأوسط الجديد.. ليكون العراق قولا وفعلا كونفيدرالية كما في مخطط بايدن المعروف.
السؤال الأهم والابرز.. من سيكون العراب الشيعي في المرحلة المقبلة؟؟
اعتقد سيكون هناك تصارع وتضارب مصالح كبير بين القوى الشيعية لتحديد موقفها من اي خطوة أمريكية جديدة.. فالأمر ليس مجرد سحب قوات لا تزيد على ٥الاف مقاتل فهناك أكثر من ٨٠ الف مقاتل يحيطون بالعراق ناهيك عن القوات المجوقلة قي الاساطيل الأمريكية.
السؤال الثاني الابرز والأهم.. كيف سيكون رد ذات القوى السياسية وهي تشهد تسرب السلطة إلى تحالف كردي سني مع الراغبين من الأحزاب الشيعية لتكوين الكتلة البرلمانبة الأكبر بعد الانتخابات المقبلة؟؟وحتى ان لم تكون الكتلة الأكبر فان وقائع التحالفات الجديدة يؤكد ان صبر واشنطن على نموذج الحلبة المفتوحة في العملية السياسية ربما قد نفذ.. ولن تحاول إعادة احتلال العراق بالقدر الذي تسعى فيه لتحييد القوى المرتبطة بايران بغية المباشرة خلال الأعوام الخمس المقبلة من استكمال كل متطلبات شرق أوسط جديد.
تبقى فرضية واحدة.. ان تبادر إيران ذاتها للعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة او غير المباشرة.. لان دهاء صناع السجاد الإيراني لن يفوت مثل هذه الأمور حتى وان يكون لها محط قدم في القاطرة الأخيرة من الصفحة الجديدة لمشروع الشرق الأوسط الجديد..
ما بين هذا وذاك.. ربما سيظهر عراق جديد.. بنظام سياسي كونفيدرالي.. لكن السؤال كيف سيكون حال مناطق الجنوب العربي؟؟
ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!