23 ديسمبر، 2024 3:17 ص

قوائم التسقيط الإنتخابي ؟!

قوائم التسقيط الإنتخابي ؟!

عندما عرض مسلسل ( رأفت الهجان ) أول مرة في العراق ، كانت الشوارع تخلو من المارة وقت عرضه ، من كثرة تعلق الجمهور به وبشخصيته . حتى ظننا أنه من وسائل نظام الحكم في الإعلان غير المباشر ، عن دعوة الشباب للعمل في جهاز المخابرات والجاسوسية ، ولشدة تأثير تفاصيل المسلسل على التوجهات النفسية الكامنة لدى الشعب العراقي ، ظهرت صور الرغبة والإندفاع لتقمص شخصية الجاسوس الوطني ؟!، حتى برزت مظاهر التقليد والمحاكاة للعديد من الشخصيات الرسمية والحزبية الحاكمة في سلوكها وهيآتها ، على قدر من الإيحاء بأن الذي تراه يؤدي دور من يروم أن يحل محله في موقع عمله ومسؤوليته الحقيقية ، ولكن ذلك لم يكن إلا من قبيل سد ثغرات نقص الوجاهة وضعف الشخصية ، من خلال أحلام التمنيات والأماني غير المؤهلة لتبوء موضع مقبول أو رفيع في سلم الوظائف أو المناصب الحكومية ، الى الحد الذي أصبح فيه الجميع رجال مخابرات وجواسيس وطنيين ؟!. ثم تطور التوجه نحو الرغبة في معارضة نظام الحكم عن بعد وبدعم أجنبي ، لغرض الحلول محل رموز وأشخاص أركان سلطاته على سدة الحكم ، بالإنتماء إلى صفوف أحزاب قديمة ومعروفة ، فشلت وانكشفت عورة إنتهازيتها القبيحة بمشاركة أو بتسلم مقاليد الحكم والسلطة وإتخاذ القرار ، وبذلك مهدت الطريق لتشكيل تنظيمات سياسية ذات أهداف ومصالح مختلفة النوايا وبتسميات ( حزب ، كيان ، تيار ، جبهة ، حركة ، منظمة ، مجلس ، إتحاد ، مؤتمر … إلخ ) ، بإعتبارها أقرب وأقصر الطرق وصولا إلى السلطة والحكم بإسم الشعب المسكين ؟!، والأكثر جذبا للفاشلين والفاسدين من غير المهنيين إلى صفوف تنظيماتها البالية الميتة ، حيث لم يكن في علم الجمهور داخل العراق بشكل عام ، عن تشكيلات ونوايا المعارضة الموجودة خارج العراق وشخوصها الرويبضوية ، غير ما تنعق به أبواق الإعلام المعادي للعراق أصلا وليس لنظام الحكم فيه إلا شكلا ؟!.
ولعل الغالبية العظمى من الشعب لا تعرف بأن القسم السابع من قانون تحرير العراق لسنة 1998 الصادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي . وتحت عنوان ( المساعدات للعراق لدى إستبدال نظام صدام حسين ) . قد نص على أن ( يرتأي الكونغرس أنه لدى إزالة صدام حسين من السلطة في العراق ، ينبغي على الولايات المتحدة مساندة العراق إلى التحول إلى الديمقراطية ، وذلك من خلال تقديم المساعدات الفورية الكبيرة إلى الشعب العراقي ، ومن خلال تقديم المساعدات اللازمة للتحول إلى الديمقراطية إلى الأحزاب والحركات التي تتبنى الأهداف الديمقراطية ، ومن خلال دعوة دائني العراق الأجانب إلى تدبير موقف متعدد الأطراف ، لمعالجة ديون العراق الخارجية التي تورط بها نظام صدام حسين ) . وفي ذلك علينا التذكير بتسابق ( المعارضين ) لتقديم أنفسهم للأمريكان بإعتبارهم يمثلون الشعب العراقي ، بغية الحصول على بعض المساعدات المالية ، إلى الحد الذي دب الخلاف بينهم فيما لا يملكون ، لكن الإدارة الأمريكية طالبتهم بالتجمع , فكانت ( مجموعة السبعة ) التي ضمت كل من ( المؤتمر الوطني العراقي / حركة الوفاق الوطني / المجلس الأعلى للثورة الأسلامية / الحزبان الكرديان / الحزب الشيوعي العراقي / الحركة الملكية الدستورية / بعض الشخوص التي تطرح نفسها على أنها مستقلة ) ، وجميعهم متعاونون مع وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية ، لأن المساعدات المالية البالغة (97) مليون دولار لم تكن إلا ثمنا لنشاطات إرتباطهم بالمشروع الأمريكي الخاص بإحتلال العراق بشكل مباشر وتام . ليحلوا بعد الإحتلال أدوات طيعة وزواحف ذليلة نحو كراسي السلطة البائسة ، دون مراعاة عدم إمتلاكهم لأبسط مقومات القدرة على إدارة شؤون البلاد ، وكان في مقدمة المرحبين بهم أمثالهم من بهائم التابعين والمؤيدين لقتل العراق والعراقيين ، فكان نصيب الوطن والمواطنين خرابا ودمارا لا تصلحه إلا عديد من أجيال الأبناء المخلصين .
لقد كان للشعب صرخة غضب عارم ، كسر حدتها المندسين من عناصر أحزاب ما يسمى بالعملية السياسية ، فتشتت جماهير المتظاهرن وتوزعت مجاميع متفرقة ، تقودها الأنا غير المحددة ولا المحدودة ، ليصبح شعار قيادة الوعي والشهيد عنوانا آخر لإستحالة وحدة الحراك وإدارته ، فتنادت تكرارا أصوات الحكماء المخلصين ، أن ليس لكم أيها الأحرار غير وحدة الصف والمهنية طريقا للإصلاح والتغيير ، وليس الشعارات والمزايدات والخطب والكلمات الخالية من معنى إدارة الإنتاج في كل الميادين ، وليس الطمع فيما معظمكم له غير مؤهلين ، ذلك لأن المهنية هي ممارسة مهارة الحرفة في العمل التطبيقي الفعلي وليس النظري . هي الشخص المحترف المرتبط بمهنته من حيث الكفاءة والخبرة العملية التطبيقية ، هي ما يبديه الإنسان من إستقامة وعناية وحرص ودقة في قيامه بواجبات مهنته ، وأداء مهامه بدافع الضمير المهني الذي يجعل المرء دائم السهر على عمله في مهنته ، دائب الحرص على أدائه بإخلاص ونزاهة وإستقامة لا يشوبهما الوهم أو الشك ، ولكن أسمعت لو ناديت حيا ، لتتكرر مأساة التشتت والتفتت بتشكيل قوائم المشاركة في الإنتخابات المبكرة ، التي لم ولن يكتب لها النجاح بمستوى أقل مما نطمح إليه ونطمع فيه ؟!. وقد نشرنا عنوانا للتجربة والإختبار تحت عنوان ( هناك قائمة إنتخابية بعنوان ( مهنيون مستقلون ) … فماذا ترون ؟. ) … فلم نسمع في زمان الصمت غير أنين الحزن والشكوى من نادر من قليل ؟!.