الكراسي المتسلطة على أجيال الأمة منذ إنطلاق مسيرتها محفوفة بمَن يسمّون أنفسهم بالفقهاء أو بعلماء الدين , ولكل كرسي جمهرة منهم يسوّغون مظالمه وما يقترفه من الخطايا والآثام.
والبعض يسميهم وعاظ السلاطين , وهم الحاشية الساعية نحو منافعها الشخصية بأنانية مطلقة.
ولا يوجد في تأريخ الأمة أن العلماء والمفكرين والمثقفين كانوا حول الكراسي , وإنما أعداؤهم المعممون الذين شجعوا المتسلطين على قتل وتعذيب كل عقل فاعل منير.
من “إبن مسرة ” , و“إبن رشد ” وحتى القرن العشرين والحالي كما جرى في مصر , حيث تم الإنقضاض على العقل الحر وتدمير رموزه بإسم الدين.
إن العقائد الدينية بأنواعها هي القابضة على البشر والمسيطرة على مصير الأجيال , والتي تعطل العقول وتقضي بوجوب السمع والطاعة , ولهذا تدهورت أحوال الأمة , وتدحرجت إلى قيعان الوجيع العنيف.
والأجيال كالبحيرة الراكدة المتأسنة في حفرة القطيع التابع الخانع لمعمم متأبلس شديد.
والحقيقة أن أدعياء الدين دمروا الدين , وحوّلوه إلى نيران تأكل الأخضر واليابس , وتلعن الوجود وتنكر الحياة الدنيا , وتحث الناس على الموت لأن فيه الحياة الحرة الكريمة , وما عداه كفر ونكران دين.
وعندما يكون الدين وسيلة للكسب والإرتزاق , فاقرأ السلام على جوهر الدين , لأن النفس الأمارة بالسوء ستنطلق من مكامنها وتعبّر عن نوازعها بشراهة وإندفاعية مطلقة , وستجد التبريرات الوافية لما تقترفه من الآثام والخطايا.
وسيتحرر الضمير من المساءلة , لأن السلوك سيُلقى على رب العالمين , الذي فوّض المعمم بالتعبير عن الدين كما يرى ويشتهي وتسوّل له نفسه.
فأين الدين , يا أمة الدين؟!!
و”محبة الله أصل في مراشدها…وخشية الله أسٌ في مبانيها
وكل خيرٍ يُلَقى في أوامرها… وكل شرٍّ يوَقى في نواهيها”!!
و” الدين النصيحة”