22 ديسمبر، 2024 11:28 م

قنافذ إعلامية في مدن الخطايا!

قنافذ إعلامية في مدن الخطايا!

قيس النجم
بعض القنوات الفضائية باتت لغتها الإعلامية في غاية الإنحطاط، لما فيها من إسفاف وتسويف، وإبتعاد عن القيم المجتمعية الملتزمة، التي تربى عليها أبناؤنا، خاصة وأنه من المفترض في المرحلة الراهنة، وجود إعلاماً يعمل بهوية الوطن الحقيقية، ولا يدع مجالاً لدخول الأفكار المنحرفة، والتي تسير بالناس صوب الهاوية، كما أن ردود الأفعال العنيفة غير المنضبطة، وغير المدروسة، وخارج الأطر الإعلامية الصحيحة، تعد كارثة ثقافية بمعنى الكلمة، وتُعبر عن حالة من الفوضى الثقافية.
ممارسة الحرية حق شخصي، ولكنها تحتاج الى درجة كبيرة من الوعي والمسؤولية، لبناء الفكر الإنساني والمجتمعي، لكي نرسم صورة جميلة لتجربتنا الديمقراطية الجديدة، التي لا تعني الإنفلات والضجيج والإنفعال غير المبرر، لذلك ستكون الخطوة الأولى لبناء إعلام وطني موحد متزن، يراعي الضوابط والأعراف الدينية والمجتمعية، ولو بالحد الأدنى منها، وهذا مالا تفعله القنافذ الإعلامية التي إنتشرت مؤخراً، حيث بات صاحب القناة، أو المحطة، لا يعترف بالفضائل والقيم والأخلاق، لأنها غير مجدية لديه.
إن نشر مفهوم الرذيلة وفضح المشاهير، حين تبث من أجل تغطي الواقع المؤلم، الذي يتناولونه دائماً من منظورهم الآثم، حيث يثير الحقد والضغينة، وكأنما ليس لهم علاقة بإنصاف المواطن والوطن، إنما ما يهمهم هو جلب المزيد من المتابعة والمشاهدة، فتبدو القناة لا هي موالاة لجهة معينة، ولا معارضة على جهة أخرى، ولا يمكن أن نطلق عليها تسمية دقيقة لها، لكونها بعيدة عن الإعلام المنصف، فتبدو كالمثل القائل: (بالوجه أمراية وبالكَفه سلاية).
الممارس لمهنة الإعلام وبكل أصنافه، يجب أن يكون إيجابياً، وكذلك لا تنتهي أفكاره، وعليه محاربة الإشاعات حيثما كان مصدرها، فالذي يدركه الإعلامي المتفتح، هو توحيد الجهود من أجل الوطن، وليس على الوطن! والوقوف بوجه كل أنواع البغضاء والعداوة، وقد أجريت دراسة علمية بإشراف جامعة بنسلفانيا الأمريكية، في عام (2005) على ملايين الأشخاص عشوائياً، وأكدت بأن الإنضباط والتحكم بالنفس والإيجابية، من أهم سمات الإعلامي الناجح، لكونها عوامل أكثر أهمية، من الجمال والذكاء.
العراق يعيش مرحلة تاريخية عصيبة، وتحديات خطيرة، أجبرته أن يقاتل نيابة عن العالم، ويواجه الإرهاب بأنواعه، فقد إكتسب الإعلام العراقي دوراً مهماً، في توضيح الحقائق والمصاديق، بما يجري بالبلد من أوضاع مخيفة، وحوادث، ومصائب، وبنفس الوقت يؤرخ ما يشهده من إنجازات، ومكتسبات، وإنتصارات، خاصة والأعداء يحاولون إجراء تعتيم إعلامي عليها، والإعلام العراقي مطالب بأن يتسلح بالثبات، والمواصلة، والمطاولة، وقيادة الجانب الإعلامي نحو النصر، فالحشد الإعلامي المثقف هو من يتصدى لهذه المهمة النبيلة.
ختاماً: إن عملية التحرير والبناء لا تسمح لنا، بإعادة عقارب الساعة الى الوراء، ليعود بالعراق الى مربع الطائفية المقيت، والتخندق السياسي، والخطاب التحريضي، فهذا يحدث في مدن الخطايا الخبيثة، حين إزدهر فيها الشر، والعنف، والحقد، وقد إتضح جلياً للعالم، أن آثار الإعلام الديني المرجعي الملتزم، وتلبية لنداء المرجعية في نقل الخبر بصدق وحيادية، والوقوف بوجه الجماعات التكفيرية، بكل مكان وزمان، يعتبر واجب مقدس لا يقل أهمية من المقاتلين في ساحة الوغى.