18 ديسمبر، 2024 7:38 م

قناع …وستار ولحية زائفة

قناع …وستار ولحية زائفة

يغلب دائما ًالشكل على المضمون فالذي يطلب الحقيقة عليه أن يبحث عن الجوهر واللب,ويترك القشور البراقة,فعادةً ما تكون المظاهر خادعة والناس في سجيتها تحب التزويغ والتلوين ولا تحب الحق …فالحق طريقه موحش مؤلم ومليء بالأشواك ولم يبقي حتى لعلي (ع) من صاحباً ,وهناك حكمة تقول {لا تركض خلف المظاهر فقد تخدعـك ,ولا تركض وراء الثروة فقد تتلاشى بسرعـة ,ولكن اركض خلف مَنْ يعطيك الابتسامة ، فإنه سيقلب حزنك إلى سعادة دون مقابل!!!},الكثير نجدهم بأحسن صورهم البهية لكنه بهاءُ زائف ينكشف عنه الستار ريثما يمحص في المحك ,أنه يستتر خلف ثيابه المزوقة بالألوان وسيارته الفخمة ,وبداخله المكنون قلب ذئب متوحش يريد الانقضاض على فريسته بأي فرصة مناسبة ,وهناك من لا يفارق منبر الوعظ الإرشاد والتوجيه والنصيحة والفضيلة وعندما تمس مصالحه نجده أكثر الناس شراهةً وعبيداً للدنيا وزخرفها,وللحسين(ع) قولاً مأثور: (أنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا، وَالدِّينُ لَعْقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون) هنالك صديق يقول لي :كنت أحب المتدينين جداً وعندما سنحت فرصة الحقيقة للتماس والتعامل مع شخص يدعي التدين تبين انه زائف … زائف في كل شيء أناني وحسود ونمام وسلوكيات أخرى معيبة ,قلت له : المشكلة ليست بالدين والشرائع مشكلتك تكمن بالذين تستروا بعباءة الدين وبمن يضع نفسه متولياً عليهم ويفسر الآيات القرآنية حسب ما تشتهيه نفسه وأهوائه,هؤلاء غشاشون يغشون المجتمعات بفتاوى يصنعونها لخدمة أنفسهم,فمن غير الممكن أن الباري حكمة ترسل الأنبياء والرسل للعباد ليضللهم وليؤذيهم ويعيق عليهم حياتهم ,أنما جاء بالأديان ليهذب ويشذب سلوك المرء وينتقل به للحالة الإنسانية المثلى من حيث بناء خلقه وقيمه وأخلاقه وليس من باب صناعة مظهره,سيزول الشكل الجميل للوجه وسيبقى الأثر الطيب في خلق الإنسان فالجمال هو جمال الروح والمشاعر والأحاسيس التي نبادلها للآخرين ونحترم خصوصياتهم في ضوء الثوابت وعدم التجاوز على حرياتهم ,ولله در المعري حين قال :خفف الوطء ما أظن أديم الأرض … إلا من هذه الأجساد,رُب لحدٍ قد صار لحداً مرارا … ضاحكٍ من تزاحم الأضداد ,ودفينٍ على بقايا دفين … في طويل الأزمان والآباد,يقولون أن الطريق القصير والسريع لنيل المآرب هو التلبس بلباس الدين والتدين فالغاية تبرر الوسيلة فكم من لحية شكلها جميل وتحت كل شعرةُ منها ينبت شيطانُ بفعله وأفكاره ؟منابر ليس لديها أية وظيفة سوى الشحن بالحقد والموت والذهاب للآخرة بعنوان اللقاء بالرسول في الجنة ,الجنة التي عرضها السموات والأرض تختزل بيد قاتل يقتل الناس لمجرد أنهم يخالفونه بالرأي والفكر,أو لربما أنه لم يراهم في حياتهم غرر به من رجل دين مزيف ملؤه الأمراض النفسية,علينا أن نفكر وننقب جيداً هنالك متسترين وراء أقنعة كثيرة وبأسماء وعناوين عديدة ,ينقل انه كان في عهد نبي الله سليمان عليه السلام طائر ظمآن يبحث عن الماء ليروي عطشه رأى بركة ماء عليها نساء وأطفال ,فانتظر ذلك الطائر ذهاب هؤلاء حتى ينزل ويروي ظمأه خوفا من الأطفال لئلا يصيبه الأطفال بحجر او غيره , وما هي الا لحظات وانصرف النساء والأطفال وفي هذه الأثناء جاء رجل ملتحي عليه الوقار وآثار الصلاح قاصدا تلك البركة من الماء فنظر اليه الطائر وقال يبدو أن هذا الرجل وقور وعليه آثار الصلاح وصاحب لحية كبيرة فإذا نزلت وشربت الماء لا يؤذيني وأمن شره , فنزل الطائر وما أن هم بشرب الماء وإذا بحجر يفقأ عينه فيفر هاربا وذهب شاكيا الى نبي الله سليمان (ع) لأنه كان يعرف منطق الطير فقص الطائر قصته لسليمان فأمر جنوده بالإتيان بذلك الرجل ومحاكمته أمام الطائر فجيء بالرجل وقال له نبي الله سليمان لماذا فقأت عين الطائر أكانت لك حاجة به فقال الرجل لا ,فحكم عليه سليمان بفقء عينه كما فعل بالطائر فتكلم الطائر وقال لنبي الله سليمان : يا نبي الله اطلب منك ان لا تفقأ عينه ولكن قص لحيته فهي خدعتني وغرتني بالأمان !نعم نحتاج لثورة تصحيحية ونهضة في مفهوم الدين الصحيح والحقيقي البسيط المعتدل السمح الذي ينشر المحبة والسلام وينبذ ثقافة العنف ويدعو للتعايش السلمي بين أبناء المجتمع ,لا دين الكراهية والتجويع والإذلال والامتهان من كرامة الرعية .