19 ديسمبر، 2024 2:43 ص

التعددية في كل المجتمعات تشكل عناصر قوة وليس ضعفا , كون تعدد الافكار والاراء والمعتقدات والطروحات والمعالجات هي المحور الذي تدور حوله العملية الديمقراطية , ومادامت الديمقراطية تعني بمفهومها العام حكم الشعب, فأن تنوع رؤية الشعب في النظرة الى هذ ه القضية اوتلك وربما تعارضها او تصادمها في بعص الاحيان  ماهي الا صراع فكري يبحث عن الافضل , لانه من غير المعقول ان يتبنى الشعب بأكمله نظرة واحدة او قرارا واحدا مشتركا .
ولكن تبقى عملية التوليف او التوفيق او  قبول الرأي الاخر هي المسألة الأهم والأصعب في سلسلة اولويات ترسيخ الديمقراطية , لان  التزمت بالرأي او الاصرار عليه لايعني بالضرورة تمردا سياسيا على الواقع , وبالتالي وضع الخطوة الاولى على طريق الفوضى , لكن هذا الاصرار لايبرر فرض ذلك الرأي او قبوله بالقوة على بقية افراد المجتمع .
لم تكن التعددية خيارا سائدا في مجتمعنا الذي لم يألف سابقا هذا النوع من الثقافة الوطنية التي اجتاحت دولا عديدة واوصلتها الى مراسي الابحار نحو التطور والتقدم والازدهار , عندما تجاوزت او غادرت الرأي الاوحد او الرؤية الواحدة والمفهوم الواحد والحل الواحد .
وعلى هذا الاساس لابد ان يتصالح الجميع مع مفاهيم التعددية , ويطلقوا العنان لتأسيس مرحلة جديدة يساهم الكل في انضاجها والالتفاف حولها بما يتيح الفرص للانتماء الوطني كي يأخذ دوره المطلوب في عملية البناء مادام الشعب والوطن هما المحركان الحيويان  لعجلات الاراء والافكار المختلفة التي جسدتها التعددية .
وهنا لابد من الاعتراف بأن السنوات الاخيرة استطاعت خلق وعي جزئي لدى المواطن في هذا الاتجاه , أي كسر اسوار التعنت السياسي والفكري الذي سيطر على ثقافات الناس ردحا طويلا من الزمن , وهذا يؤشر ان فكرة التعددية بدأت تلامس المشاعر والسلوكيات التي دخلت حيز التنفيذ قولا وفعلا ولو بشكل بطئ.
ولعل الوصول الى قناعات حقيقية مبنية على نتائج معاناة وماسي الماضي مفادها ان العنف المسلح والحلول العسكرية الدموية لايمكن ان تحقق طموحات شعب , تعد تحولا كبيرا في ثقافة وتفكير المواطن وتطورا جديدا في  فهم الديمقراطية بمعناها الصحيح , ارقى مافيه استبدال تلك الحلول والتوجهات باللجوء الى صناديق الاقتراع وتجسيد ارادة الناخب عبر بوابات التعددية التي تحفظها الديمقراطية .
وتبقى للمواطن حرية اختيار الشخص او الكتلة التي يشعر بأنها تمثله فعلا في الانتخابات التشريعية التي تجري في الثلاثين من الشهر الحالي والتي بات عددها الكبير يمثل صور التعددية بأختلافاتها وتوافقاتها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات