25 نوفمبر، 2024 10:41 م
Search
Close this search box.

قناة العهد العراقية … عن أي عهد ….؟؟

قناة العهد العراقية … عن أي عهد ….؟؟

ابعت على اليوتيوب برنامجا لقناة العهد العراقية تم تداوله على نطاق واسع عبر الانترنيت بين مقتني أجهزة الكومبيوتر ، ويظهر ان القناة حديثة العهد تقوم بالبث التجريبي لكن المشاهد العراقي غير المتعصب لطائفته سيصاب بالخيبة من خطاب السيد مقدم برنامج ( انقاذ الجيش العراقي) السيد المحترم وجيه عباس. وبرغم جهده الواضح لابعاد شبهة الطائفية عن برنامجه أو عنه ، لكنه للأسف لم يوفق وأملي أن يكون مسئولي القناة قد لاحظوا ذلك واتخذوا الاجراء المناسب لتصحيح الخطأ. لقد كرر السيد وجيه عباس استخدامه تعبير ( حكومتنا الشيعية ) والشيعة والسنة والحشد الشعبي المقدس وكربلاء والنجف المقدستان. مثل هذا الخطاب الذي ليس له اي معنى تربوي أو ثقافي أو سياسي ، بل بالعكس يصب في خدمة مشعلي الفتن الطائفية ويزج العراقيين في صراع كنا تجاوزناه  عام 2006 ولا نحتاج اليوم ولا غدا ولا بعد غد الى أهازيج بدائية تعزز الطائفية ، بل الى أناشيد وطنية تعزز اللحمة الوطنية العراقية. الحكومة العراقية ليست شيعية فلماذا تسمى شيعية في حين هي حكومة شراكة كل مكونات المجتمع العراقي. السادة والشيوخ في الحوزة النجفية لم يذكروا يوما أن الحكومة حكومة شيعية ، رئيس الوزراء الحالي والذي قبله وما قبله لم يذكروا ذلك فلماذا تطلق هذه التسمية. هل من المقبول بين الشيعة ترديد تسمية الحكومة السنية في كردستان ، أو أن تقوم قناة فضائية في العراق باطلاق تسمية الفلوجة المقدسة أو قناة في باكستان تردد شعار لبيك يا أسامة بن لادن..؟؟

ليحب العراقيون من يحبوا فهو شأنهم وكذا الحال مع مكونات مجتمعنا العراقي الحب والتضحية من اجل من نحب هو شأن المحبين أيا كانوا ومادامت المشاعر لا تتعارض و مشاعر الآخر فأهلا بها. واذا عبرنا عن تقديرنا واحترامنا لمشاعر الأخرين وأبدينا التعاون اللازم وأفسحنا المجال والفضاء لحرية التعبير عن مشاعر الأخرين فهي نعمة ما بعدها نعمة تستدعي الفخر والاعتزاز. لنتجاوز ما يكدر علينا سلامنا الاجتماعي الثروة التي تبقينا كلا واحدا موحدين من أجل خير بعضنا ونصرة بعضنا بعضا.

لقد خاضت القوى المتصارعة في ايرلندا الشمالية حربا دموية استمرت لعشرات السنين بين الايرلنديين الموالينن للمذهب البروتستانتي الذي تدين به أكثرية سكان المملكة البريطانية وبين الأيرلندين الذين يدينون بالكاثوليكية السائدة في أيرلندا الأم. لقد تم التوصل بعد محادثات استمرت أشهرا الى اتفاق تاريخي في نهاية التسعينيات أوقف بموجبه انهاء النزاعات وتعيش المجموعتين حاليا بفضله في سلام. عندما اندلع الصراع الطائفي في بغداد عام 2006 تقدم وفد من ابطال الصراع في ايرلندا ومن أبطال الكفاح  ضد نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا بقيادة القس زيكمن توتو للتوسط في حل النزاع  الطائفي عارضين تجربتهم الثرية حرصا منهما على تجنب سفك الدماء والمساعدة في تحقيق السلام والتعايش البناء. لم يمكث الوفد فترة طويلة في بغداد وعاد قبل أن يبدأ مهمته ، لأنه لم يجد الفرقاء الذين يمكن التحدث اليهم بسب الفوضى السائدة حينها فلا الحكومة ولا ممثلي الطائفتين ولا الأمريكيين كانوا جادين ومستعدين لتسهيل مهمة الوفد ذي النوايا الحميدة. لقد عولت كثيرا على مهمة أولئك الأخيار لكن دون جدوى لم يهتم أحد بهم ، لم يكرموا كما يجب وعادوا من حيث اتوا. لقد شعروا بدون شك بالخيبة فما شاهدوه في بغداد لم يكن نظاما للحكم ولا نموذجا للحياة الطبيعية ولا المسئولين على قدر من الكفاءة والشعور بالمسئولية. وما يزال الطريق طويل أمامنا لنبني ما خربته الديكتاتورية والاحتلال والطائفية.

فلنعزز الوحدة الشعبية داخل المجتمع العراقي بكل مكوناته وترك التسميات لاصحابها احرارا باستخدامها في مجالسهم ولقاءاتهم الخاصة متى يشائون ، لكن ليس في الحفل العام وبخاصة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به بلادنا وحيث يتربص بنا الأعداء من كل جانب ومكان. لنتجاوز كل ما من شأنه اثارة الحزازات وتغذية التوترات بل بالعكس ينبغي تجديد حملات الصلاة المشتركة بين مختلف الطوائف والزيارات المتبادلة بين العوائل ورجال العشائر في الأحياء الشعبية وتنظيم وفود من رجال الدين من مختلف الطوائف للقرى والارياف والأحياء النائية والتحدث معهم حول الوحدة الوطنية والتصافي والتعاون لخدمة الوطن والمواطنين. فبذلك وحده ننتصر ونتقدم ويزدهر وطننا ونكسب احترام شعوب العالم وحكوماته وبدون ذلك يتجاهلنا العالم لكوننا لم نسعى الى البناء والتقدم بل للنزاعات وتدمير مواردنا الاقتصادية والبشرية وتراثنا الثقافي والأخلاقي مخلفين لأجيالنا المستقبلية تركة ثقيلة من الاحقاد والعداوات نستحق بسببها لعنتهم الى يوم القيامة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات