23 ديسمبر، 2024 3:15 م

قميص “محمد بديوي”

قميص “محمد بديوي”

رجاء .. رجاء لسنا بحاجة الى المزيد من القمصان الملطخة بدماء خيباتنا. منذ 1400 سنة ونحن ندفع ثمن “قميص عثمان” بعد ان تواطأ الجميع على ان تقيد تلك الجريمة .. ضد المستقبل. واليوم حيث وقعت جريمة قتل صديقنا الشهيد الدكتور محمد بديوي وبالدم البارد نفسه الذي يجيده على مر العصور القتلة والافاقون  والسرسرية والمستهترون  فان هناك من يريد تكرار حادثة قمصان شهدائنا وقتلانا باسم القانون والثار والقصاص. لو كانت جريمة قتل الشهيد محمد بديوي هي الاولى ولا سابقة لها منذ عام 2003 وحتى اليوم حيث زاد عدد الشهداء من الصحفيين فقط الى اكثر من 390  لاخذنا هذا الاهتمام الاستثنائي والسريع على محمل الامل في ان الجرائم لن تقيد بعد اليوم ضد ” مجهول” نكاد نعرفه لحما ودما وانتماءات. اتساءل وغيري تساءل ولعله كان أكثر جرأة في الطرح والتشخيص.. هل كان الشهيد محمد عباس مدرب كربلاء عاريا حين وقعت جريمة قتله وبالدم البارد نفسه وامام الاف شهود العيان حتى لم يرفع احد قميصا له ولو رمزيا حتى “نقشمر” انفسنا ان العدالة سوف تاخذ مجراها و”الدم بالدم” سواء كان القاتل بيشمركة او سوات؟
 المحمدان عباس وبديوي كلاهما عزيزان على الوطن. وكانا في عز نشاطهما في خدمته ورفع مكانته بين الامم. فالاوطان المحترمة تتقدم بالعمل والابداع ولا يوجد وطن محترم ” تشيده الجماجم والدم”. كفى نفتخر بما قدمنا من شهداء على مذبح الاستهتار وغياب القانون. لاتزال صرخة غاليلو تدوي منذ قرون “ما اتعس الامة  التي تحتاج الى المزيد من الشهداء”. تلك المقولة التي جاءت بعد اقراره مضطرا امام المحكمة بلا كروية الارض حين قال له احد تلاميذه “ما اتعس الامة التي ليس فيها شهداء”. قوافل الشهداء تعني ان هناك خللا في كل شئ. في النظام العام وفي التربية والسلوك.
مع ذلك فان مشكلتنا الدائمة هي اننا لانحتاج من الشهداء سوى قمصانهم لكي نرفعها دائما وابدا ثارات مفتوحة على كل الاخفاقات. اخفاقات تاريخنا المكتوب بمداد اصحاب اللحى الكثة ممن لايتقنون العيش الا في الكهوف. اعمالنا وذنوبنا واخطاؤنا وخطايانا بل وحتى اعمالنا الصالحات لاتوضع في ميزان حسناتنا الا بتزكية منهم. رحل المحمدان عباس بكربلاء قبل شهور وبديوي ببغداد قبل ايام وفي كلتا الحالتين اخفقت العدالة في التعبير عن توصيف الجريمة وفي الاقتصاص من القتلة بعد ان قال من قال ان هناك ركوبا للموجة حيث الانتخابات على الابواب. في الاولى كان الصراخ صامتا وفي الثانية كان الصمت صراخا. محكمة القاتل الاول اصدرت احكامها الغيابية ضد قتلة معلومين وننتظر ما سوف يصدر عن المحكمة الثانية بعد ان راينا القاتل يسلم الى “عمليات بغداد” لا محكمة الجزاء. كلتا الحادثتين توفرت فيهما طبقا للتوصيف القانوني  كل اركان الجريمة مع “السبق والاصرار والترصد”. ومع ذلك فان هناك من لايريد احقاق العدل والانصاف بقدر ما يبحث عن قميص ملطخ بدم ولا يهم ان كان قد .. “قد من دبر او من قبل”.