لم يعد أحد من المواطنين العرب يعر أية أنتباه ولا يهتم بأخبار القمة العربية ومتى ستعقد وأين ومن الذي سيحضرها؟ وذلك بسبب الواقع المزري الذي وصلت أليه الأمة العربية نتيجة للأحباطات التي مرت عليها والفشل والتمزق الذي أصابها، منذ أنعقاد القمة العربية الأولى في مصر أبان حكم الملك فاروق والتي عقدها في قصر (أنشاص) بالأسكندرية عام 1946، ومرورا بباقي القمم العربية وأنتهاء بقمة الأخوة الأعداء! الأخيرة والتي عقدت نهاية شهر أذار الماضي في العاصمة تونس. وأذا كانت القمم العربية السابقة وخاصة التي عقدت في ستينات وسبعينات القرن الماضي أيام المد الثوري القومي بزعامة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تثير شيئا من الأهتمام الدولي وتشد أنتباه العالم ولربما حتى تثير شيئا من الخوف لدى أعداء الأمة العربية وأولهم أسرائيل!، فالقمم الأخيرة التي عقدت وخاصة من بعد أحداث ما يسمى (بالربيع العربي) والذي أحدث تغييرات كبيرة وقلب المنطقة وموازين القوى فيها رأسا على عقب، وخاصة عندما بدأ الربيع العربي بالأحتلال الأمريكي للعراق وأسقاط النظام السابق،ومن ثم مرورا بسوريا وليبيا وتونس واليمن ومصر، فكل القمم التي عقدت من بعد ربيع الغضب العربي! كانت كلها قمم صورية وباهتة وشكلية فقط! وتعقد أمام العالم من باب ذر الرماد في العيون حتى يقولوا بأن العرب لازالوا متماسكين ويجتمعون ويعقدون القمم والمؤتمرات والأجتماعات والندوات وحتى بأستطاعتهم أن يقررون وينفذون!!. الملاحظ في كل القمم العربية الأخيرة أن العرب تناسوا قضية فلسطين وكيفية أسترجاعها بأعتبارها القضية المركزية لدى العرب منذ قمة (أنشاص) عام 1946 ، فقد أصبحت قممهم تعقد وهم في حالة حرب وصراع مع بعضهم البعض!. وأصبح طرح موضوع القضية الفلسطينية في القمم العربية يأتي على أستحياء ومن باب الأستهلاك الأعلامي والعيب أمام العالم!. وفي حقيقة الأمر أن العرب لم يعقدوا قممهم من أجل الكيفية التي سيعيدون بها الحقوق الفلسطينية!، وذلك لأنهم يعلمون تماما بأن موضوع فلسطين وعودة الحقوق وما الى ذلك أصبح من سابع المستحيلات!، فهم باتوا يعقدون أجتماعاتهم خوفا من فقدان مدن عربية أخرى! كما في مرتفعات الجولان السورية المحتلة من قبل أسرائيل منذ عام 1967 والتي أعلنت سيادتها عليها أخيرا وبمباركة أمريكية!. وكل ما فعله العرب في قمتهم المضحكة الأخيرة التي عقدت في تونس، هو التنديد والشجب والأستنكار لأعلان أسرائيل سيادتها على الجولان، وأعلانهم بأن مرتفعات الجولان تبقى أرض عربي سورية!!. المضحك المبكي في أمر قادة وزعماء العرب في قمتهم الأخيرة هو كأنهم تناسوا أمر أسرائيل تماما!، بعد أن ظهر عليهم عدو جديد هو تركيا وأيران!، حيث طالبوا بقمتهم الهزيلة كل من تركيا وأيران بعدم التدخل بالشأن العربي؟!. ولأن قطر تعيش الآن شهر عسل! مع كل من أيران وتركيا بفعل التداخلات والتقاطعات والمصالح في المنطقة، لذا خرج أمير قطر من جلسة الأجتماع وتوجه فورا الى المطار وعاد الى قطر! حالما بدأ الأمين العام للجامعة العربية (أحمد أبو الغيط) بألقاء كلمته والتي طالب فيها كل من تركيا وأيران بالكف من التدخل في الشأن العربي !. ومن الجدير أن نوضح هنا أن كل من ( السعودية، ومصر، والبحرين ، والكويت ، الأمارات) وبدعم أمريكي تشكل محورا جبهويا ضد قطر! في حين أن كل من (تركيا ، وأيران ، قطر ، سوريا ، حزب الله في لبنان) تشكل المحور المقابل المدعوم من روسيا!. أما العراق فهو رغم أهميته القصوى لكونه يمثل ساحة الصراع في كل هذه المحاور والجبهات، والذي كان لحضوره، في أجتماعات القمة العربية التي عقدت قبل الأحتلال الأمريكي له عام 2003، طنة ورنة! ، نراه الآن في حال لا يحسد عليه، حائرا ضائعا! يسحبه هذا المحور تارة ويجره ذاك المحور تارة أخرى، ولا يدري أيكون مع المحور السعودي ويخسرأيران؟، أم يكون مع المحور القطري ويكسب أيران وتركيا؟ حيث لازال العراق ومنذ الأحتلال الأمريكي له في 2003 يفتقد الى اتخاذ القرار الوطني العراقي الصريح والواضح!، لانه أرتضى لنفسه أن يكون تحت مطرقة هذه الدولة الكبرى وبين سندان تلك الدولة الأقليمية؟!، بسبب غياب الحس والشعور الوطني لمن قادوا البلاد من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ولحد الآن!. ومن المشاهد المؤلمة والمضحكة بنفس الوقت والتي تناقلتها كل وسائل الأعلام الدولية والعالمية هو صورة غالبية الحاضرين من القادة والزعماء العرب وهم يغطون في نوم عميق!، مما أعطى أنطباعا كاملا لدى العالم أجمع ليس على عدم أهمية ما يطرح من مواضيع داخل أروقة المؤتمر فحسب، بل أعطى أنطباعا ويقينا على فشل هذا المؤتمر كمن سبقه من المؤتمرات السابقة بكل قراراته ومقرراته والتي لا تتعدى باب قاعة المؤتمر!!. أخيرا نقول: لقد نجحت أسرائيل بالعقل وبالتدبير وبالسياسة الذكية، أن تجعل من القمم العربية قمم باهتة ليس لها طعم ولا لون ولا أية أهمية تذكر،حتى صار العالم أجمع ينظر أليها بكل أستخفاف وأستهزاء!، فقد أستطاعت أسرائيل أن تشق الصف العربي وتمزق وتشتت أي تقارب يمكن أن يحدث بين العرب، وأن تشق الصف الفلسطيني نفسه! وتخلق حالة من العداء القوي الذي لا يخلوا من أقتتال بين منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمة حماس!؟. كما أنها أستطاعت أن تستميل عدد من الأنظمة العربية للوقوف معها والى جانبها!،حتى نجحت بأن تجعل العرب يتحاربون فيما بينهم.، فلم تعد أسرائيل عدوة العرب، بل أصبحت تركيا وأيران عدوتهم!!. وأدناه أهم القرارات التي أتخذتها القمة العربية في تونس وهي قرارات مستهلكة ومكررة لا تساوي حتى قيمة الخدمات والتحضيرات التي صرفت لها وعليها ولا حتى قيمة الورق الذي كتبت فيه!.
مركزية القضية الفلسطينية
الأعتراف بالقدس عاصمة فلسطين
دعوة لتكريس السلام الشامل في الوطن العربي
التأكيد على الهوية السورية للجولان
رفض التدخلات الأيرانية في المنطقة
أدانة محاولات الربط بين الأسلام والأرهاب
ومن المشاهدات الأخرى للقمة العربية في تونس أنها:
لم تتخذ قرارات لمواجهة اليمن
لم تتخذ قرارات لمواجهة المصائب التي تتعرض لها الشعوب العربية
رفضهم لأعتراف ترامب بسيادة أسرائيل على الجولان وأكدوا دعمهم لدمشق في أستعادتها!؟.
رفضوا التدخل الأيراني التركي بالمنطقة لأنه يكرس أزماتها
لم يجدوا أي حل للقضية الفلسطينية لأنهاء الصراعات بالمنطقة.
أخيرا نقول: يبقى العرب ظاهرة صوتية كما يصفونهم!، ويبقى ديدن العرب بأنهم دائما يتفقون على أن لا يتفقوا في كل قممهم وأجتماعاتهم ومؤتمراتهم منذ عرف عنهم ذلك من عقود!،وسيبقى العرب يجرون أذيال الخيبة والخزي والعار، وتنتظرهم المزيد من الخيبات والمصائب مادامت قياداتهم وزعاماتهم بهذا المستوى البائس النائم والنعسان.!. ولا يغير الله مابي قوم حتى يغير مابي أنفسهم.