قمة بغداد ٢٠١٢ قصة نجاح في قلب التحديات الارهابية

قمة بغداد ٢٠١٢ قصة نجاح في قلب التحديات الارهابية

في ربيع العام الفين واثني عشر وقف العراق امام مفصل تاريخي لاعادة حضوره العربي والاقليمي بعد سنوات من العزلة والتوترات فاعلن عن استضافة القمة العربية في بغداد للمرة الاولى منذ عقود وذلك خلال المدة من السابع والعشرين حتى التاسع والعشرين من شهر اذار كانت التحديات جسيمة والخطر قائما فالجماعات الارهابية توعدت بافشال القمة من خلال تهديدات وعمليات مستترة رغم تراجع نشاطها العلني الا ان خلاياها بقيت تتحرك عند اول فرصة ولان العراق كان يبحث عن اثبات تعافيه وسيادته فقد اصبح نجاح القمة مهمة وطنية تمثل العراق باجمعه وليس فقط حكومته من هنا انطلقت قيادة عمليات بغداد لتضع خطة امنية شاملة ومحكمة اشتملت على تطويق العاصمة بخمسة احزمة دفاعية الحزام الاول كان على بعد عشرين كيلومترا عن مركز المدينة فيما تدرجت الاحزمة حتى وصلت الى نقطة الصفر في قلب المنطقة الخضراء جميع القطعات والتشكيلات والدوائر الامنية التابعة للقيادة عملت بروح واحدة وتحت هدف واحد هو ضمان انعقاد القمة باقصى درجات الامان والانضباط وقد بذل القادة والآمرون بمختلف مستوياتهم جهودا جبارة وتحمل الجميع المسؤولية باصرار ووعي كبيرين وبرز دور المواطن العراقي الاصيل حين تطوع عدد كبير من المواطنين لسد الثغرات ومراقبة التحركات المشبوهة ومساعدة القوات في مناطقهم ما اضفى بعدا انسانيا ووطنيا فريدا على هذه الخطة الامنية واظهر ان الامن مسؤولية الجميع وليس مقتصرا على الاجهزة الرسمية لا زلت اذكر ايام التحضيرات حين كنا في غرفة العمليات نعمل ليل نهار بلا توقف كانت غرفة العمليات اشبه بخلية نحل الجميع يتحرك بدقة وتنسيق وروح عالية اغلب الضباط لم يذوقوا طعم النوم لاكثر من ثلاثة ايام سبقت انعقاد القمة حتى مغادرة اخر وفد مشارك لقد كانت اياما وطنية خالصة تجسدت فيها معاني الولاء والتفاني كما قامت القيادات ضمن قواطعها بعمليات تعرضية اجهاضية للقبض على المطلوبين والمشبوهين مما شكل ضربة موجعة للجماعات الارهابية التي شعرت بالاختناق وفقدان المبادرة خاصة في ظل الجهد الاستخباري المكثف الذي استخدم اقصى طاقاته خلال تلك الفترة الخطة لم تكن فقط دفاعية بل تضمنت مرونة عالية وادارة دقيقة للحركة والتنقل وغطت جميع المحاور الحيوية للمدينة وتم التنسيق الكامل بين الجيش والشرطة والاستخبارات والاجهزة الساندة لضمان عدم حدوث اي فراغ امني التحدي لم يكن امنيا فقط بل كان دبلوماسيا فعدد من الدول العربية كان مترددا في المشاركة وبعضها لم يكن لديه سوى تمثيل قنصلي بسيط ولكن الرسائل التي نقلتها الحكومة العراقية وصمود الحالة الامنية ساهما في طمأنة الاشقاء العرب وتشجيعهم على الحضور وقد انعقدت القمة في موعدها من دون اي خرق امني يذكر وخرجت بغداد بمشهد مشرف في تاريخها الحديث واستعادت مكانتها في محيطها العربي ورفرف العلم العراقي مجددا بين اعلام الاشقاء في لحظة نصر دبلوماسي وامني عظيم وبعد انتهاء القمة كان شعور الجميع لا يوصف بالسعادة والسرور والفخر فقد رسم هذا النجاح صورة ناصعة عن جهد قيادة عمليات بغداد وتشكيلاتها في فرض الامن والنظام وقد انعكس هذا الانجاز فيما بعد على الامن العام للعاصمة حيث شعر المواطن البغدادي بالاطمئنان وظهرت ملامح الفرح على وجوه الناس ان قمة بغداد عام الفين واثني عشر لم تكن مناسبة رسمية عابرة بل كانت محطة وطنية كبرى اثبت فيها العراق قدرته على توحيد مؤسساته وصناعة النجاح وسط ظروف بالغة التعقيد وكانت رسالة موجهة للعالم بان العراق لا يزال حيا وقادراً وان الامن ليس فقط مسؤولية عسكرية بل ارادة وطنية جامعة وسيظل هذا النجاح خالدا في الذاكرة شاهدا على مرحلة مفصلية تستحق ان توثق وان تروى للاجيال القادمة كي تدرك كيف ينتصر الوطن حين يتحد اهله ويخلص ابناؤه ويكتب التاريخ عن نخبة من القادة الكفاء الذين تركوا عوائلهم وراحتهم وكل المغريات فكان همهم الاول والأخير ان يعلو أسم العراق فوق القمم ويبقى ذلك البلد الذي شع بنوره عبر التاريخ على كل البشرية وتبقى تلك الأيام خالدة بذاكرة الوجدان العراقي وتبقى أقلامنا تكتب للتاريخ قبل ان يغادرنا لكي تعرف الأجيال للاحقه اننا صنعنا الامن بالدماء والتضحيات وتستحق بغداد عروسة المدن عامرة كماهي عبر الزمن.

أحدث المقالات

أحدث المقالات