22 ديسمبر، 2024 6:33 م

قمة بغداد للتعاون والشراكة”بنتائجه لا خطاباته

قمة بغداد للتعاون والشراكة”بنتائجه لا خطاباته

من المعلوم أن المؤتمرات والقمم اليوم لا تغدو كونها اجتماعات الهروب من الداخل الي الخارج ليس إلا للمسؤولين دون نتائج تذكر وخطابات لا تخلوا من المجاملات واللقاءات الثنائية البعيدة عن الأهداف المدعوة إليها.
ان النصر الذي حقق العراق يعتبر تاريخيً على مجموعات داعش الارهابية بعد ان قدم تضحيات كبيرة دماء طاهرة ويستحق هذا البلد كل تقدير ليس في سبيله لوحدة بل حمى المنطقة بالكامل من شر هذه الفئة الضالة المجرمة التي دعمت من قبل بعض الحكومات العربية الشوفينية رغم خطورة هذه المجموعة على الإنسانية قاطبة ، وشكل هذا الانتصارطعنة كبيرة في خاصرة التطرف والإرهاب بكل أشكاله ويتطلب جهود لاستمرار العمل في البناء واعادة ما خربه في المناطق المنكوبة منها.

لم يشهد بلدنا هدوءا أمنيا أو سياسيا طيلة 19عاماً الماضية بسبب التهديدات التي فرضت عليه من الخارج خوفاً من ديمقراطيته رغم مرضه وعدم ثباته ، مع تصاعد مطرد وحاد في الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية جراء تفشي الفساد المالي والإداري والسياسي في البلاد، فالتحركات الشعبية المطالبة بتصحيح الأوضاع والتخلي عن النظام السياسي الذي أثبت فشله وأدخل البلاد في دوامة من عدم الاستقرار، أي نظام المحاصصة الطائفية، والتحركات الشعبية لم تنزل إلى الشوارع في الفترة الماضية، ليس لأن الأوضاع جيدة بالنسبة إلى العراقيين بل انعدم قدرت النظام بعد عام 2003 اثر سقوط نظام البعث من تقديم ما يستحقه الشعب العراقي الصابر رغم كل الامكانيات المتوفرة من خيرات وطاقات مختلفة ومتنوعة ودرت بالمليارات من الدولارات على الميزانيات السنوية دون اي اثر على الوضع العام وشهد تحديات عديدة، تتمثل بإشكالية الشرعية السياسية، التي هددت وما تزال تهدد توازن واستقرار النظام، وغياب الهوية للمشروع الوطني الذي يؤطر السلوك السياسي لجميع القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية سواء على مستوى علاقات مؤسسات النظام السياسي، أو في علاقة المؤسسات بمنظمات المجتمع المدني، وفي مستقبل جمهورية العراق، لضمان قدرة من الاستمرارية والتوازن لدولة المؤسسات في مواجهة تحديات وتداعيات الاحتلال والتفكك وعلى ضمان العدالة في توزيع الثروة والموارد، وفشله في ضمان حقوق الإنسان والديمقراطية، وعجزه عن تحقيق التداول السلمي للسلطة، واعتماده على أيديولوجية إقصائية تمثلت في هيمنة الأحزاب المختلفة على السلطات الثلاثة، مما عمّق الأزمات بين ثقافة الأحزاب الثيوقراطية والأحزاب المدنية لبناء دولة المؤسسات والدستور، وعكس خللاً بنيوياً خطيراً، أسّس للفوضى السياسية، وعسكرة المجتمع، واستمرار ظاهرة الحروب والعنف. إنّ تطوّر الأحداث واستمرار الأزمة السياسية في العراق،

ودفعت الاحزاب السياسية العراقية المشاركة في الحكومة بمسألة تسييس مؤسسات الدولة الرسمية لتشمل النظام الاداري للدولة، قبل أن يخدمون فيها مصالح الاحزب بل كان عليهم خدمة مصالح ّ الدولة أو الشعب العراقي بعامة تثير قضية أخلاقية و تمرّ تناقضات حادة، بين نموذج الدولة الديمقراطية الدستورية إنتاج النموذج الثيوقراطي الشمولي.

إن ما سببه الإرهاب للعراق يجب ان تكون من مخرجات ( قمة بغداد للتعاون والشراكة) والمضي في التعاون مع العراق دعماً لأمنه واستقراره وسيادته ومسيرته الديمقراطية وعمليته الدستورية ليكون قوياً وجهوده لتكريس الحوار سبيلاً لحل الخلافات الإقليمية، إن مسار الأحداث من حولنا تخبرنا بدوس تاريخية جديد، بالتوتر والاشتباك في منطقة لا نفترض عليه العزلة،كما يتصور البعض بل سيصل تأثيرها الواسع إلى كل المعمورة، والعراق ليس بمقدوره التراجع عن دوره الحضاري بالبقاء خارج المعادلة غير قادر على الانخراط في التحولات المتسارعة، فيجب ان تكون مثل هذه القمة محطة عالمية لصياغة المصالح والحلول والفرص ، ودعمهم للعراق في جهوده لترسيخ دولة الدستور والقانون وتعزيز الحوكمة وعدم السماح باستخدام أراضيه لانطلاق أي تهديد لدول الجوار…والذي ينأى العراق العراق بنفسه عن سياسات المحاور، ودعوات التصعيد وبناء المؤسسات القادرة على مواصلة التقدم وإعادة الإعمار والإسهام في تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية، وبناء الجسور مع دول الجوار التي قدمت وتقدم الدعم المستمر له وتقف الى جانبه وكذلك الأسواق العالمية بما ينعكس إيجاباً على المنطقة برمتها. وحماية مقدراته وتلبية طموحات شعبه ، في انجاح مشاريع التعاون الإقليمي التي يتطلبان علاقات إقليمية بنّاءة قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام القانون الدولي واعتماد الحوار سبيلاً لحل الخلافات، وعلى التعاون في تكريس الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب وتحقيق الرخاء، لان الاستقرار الأمني ضرورة لتحريك عملية الإنتاج وجذب المزيد من الاستثمارات وإقامة المشاريع القادرة على المساهمة والمساعدة على حل أزمة البطالة المستفحلة في هذا البلد فإن الاستقرار السياسي من خلال نظام يضع المواطنة أساسا لبرنامج عمله، وليس الانتماءات الضيقة، لا يقل أهمية عن الاستقرار الأمني، وما لم ينجح العراق في ذلك فإن الاضطرابات والاحتجاجات لن تنتهي، فالمواطن يهمه الاستفادة من خيرات وطنه والانتفاع منها معيشيا واجتماعيا، ان الأحلام تتعثر ثم تعود لتولد في اللحظات الكبرى للشعوب، ويمكنها حين يتوفر الإلهام الكافي فتوقظ عناصر الخير في الأفراد والجماعات. ومسار الإصلاح الوطني أمامه واحدة في تلك اللحظات .