بعد جبال من التصريحات الحادة، والحملات الإعلامية المتبادلة، وفي خضم تواتر التصعيدات، تولدت رغبة في اللجوء الى إستخدام لغة الحوار والمرونة، كتأشيرة دخول، لحلحة التناحر.
خطوات إستباقية غير معهودة، أو هي انقلاب في المواقف، بعد تصريحات السيد جواد ظريف، في فتح بوابة جديدة من العلاقات الايرانية السعودية، قد يراها البعض إنهزاما أمام تباينات دولتين لهما ثقل في الساحة الاقليمية، وذوات وقع في محور القوى العالمي، واعتمادا جديدا لنهج الاستقطاب الذي يؤدي الى التنازع، أما البعض الاخر فيراها حنكة سياسية، وان هذا التقارب لابد منه، والاحاديث تأبى أن تنتهي حيال ذلك، فانسلاخ الشقاق أمام المصالح الاستقرائية لابد منه، فإيران والسعودية حلفاء اسلاميون بالنهاية.
إعادة ترتيب الاوراق لابد ان يكون وفق متبنيات مدروسة، ولابد لدولتين إسلاميتين ان تتخليا عن المناكفات والضغائن، فهي مكروهة لدى الاسلام الجامع الاكبر للدولتين، رغم اختلاف الاتجاهات، والمرونة التي أبداها الجانب الايراني، ما هي الا دليل للعقلانية، والنفس الطويل، فمهما تصاعدت موجات الخلاف، فالمكانة الإقليمية لابد ان تفرض نفسها، وهذا ما يدعى عقلانية الكبار.
حلحلة المواقف ذات نفع كبير للعراق، الذي يقع في المثلث الذهبي بين ايران وتركيا والسعودية، وهذا الموقع يفرض على العراق ان يكون المبادر لخلق علاقات تكاملية بين دول المنطقة، بعيدا عن الاصطفافات المذهبية، والقومية، والمناطقية؛ فالنهوض من الكبوات الاقتصادية والسياسية والامنية، سيكون نهوضا شموليا لو تم استثمار هذا الموقع بشكل صحيح، وهذا يعتمد على امور؛ اهمها الحكمة، والرؤية، والشجاعة في فرض القرار القيادي؛ فالمبادرة التكاملية لا تنطلق إلا من خلال مواقف تتسم بالجرأة والقوة والرغبة الحقيقية في خلق علاقات تكاملية بين دول المنطقة الكبرى.
العراق بموقعة كنقطة التقاء جغرافية، لابد ان يكون بذات الموقع سياسيا، الساحة الكبرى التي يلتقي عندها الجميع، متبادلين المصالح والمنافع، فهناك مؤشرات عدة، ان دول الاقليم تتجه نحو التنمية والسلام، وترك الصرعات المفتوحة الآفاق، التي ألقت بظلالها القاتمة على دول المنطقة، التي نقطة التقائها العراق.