1
(صولو) : ثمرة روائية لذيذة ،أشرقت من خلال ..ست خطوات خضر للروائية نور عبد المجيد ، تتقاطع وتتعامد وتتشابك الخيوط في (صولو) يتماهى التلقائي بالقصدي جنوح مطلق نحو فرجينيا لدى الدكتور وحيد زيدان ،إيمان شفيف وتحصن بالجذور لدى زوجته مروة فهي..(لم تتزوج وحيد لتنجب طفلين أمريكيين ../24) اما زوجها فيعض على ندمه ومايزال.. يرى نفسه اخطأ حين طاوعها وعاد بل (أخطأ حين تزوجها…./71) لكن خريج فرجينيا الدكتور وحيد زيدان لايتوقف عن استعمالها لوجستياً ..(هي طاهية وخادمة وراعية بيت يأتمنها تماما على مقتنيات بيته وحياته بأكملها) وهذا هو المنطق الامريكي الذرائعي.. وهو يسرف في حبه لأبنته (علا) ويهمل ياسر وهنا السؤال الحق الذي تسأله مروة لنفسها..(لماذا لايحب .ياسر.كما يحب علا..؟!/25)..هل ثمة تراسل تسموي مرآوي في اسم علا؟ تظن مروة وحسب ابن المقفع ( سوء الظن من الفطن )(تكاد تجزم أنه كان يحب امرأة لها الاسم نفسه../23)
(*).
مروة كان والدها يمنحها مهدئات حين تبوحه بأوجاعها الزوجية ،فالوالد ينتسب لذلك النسق الذكوري المتأصل ، الذي كل مفاتيحه الصبر ثم الصبر..لكن نادية لم تسلّم مروة مفتاحا او تعلمها صياغة مفتاح يليق بأوجاعها..نادية داحت الباب .وحررت مروة من الذل الاقتصادي..(أصبح لمروة مكتب خاص في المدرسة ،وأصبحت محل ثقة الإدارة تضاعف راتبها لكنها مازالت كما هي كسيرة../186)..لكن مروة مرتهنة بنسق ثلاثي كمثلث متساوي الاظلاع وهي تجلس القرفصاء فيه :
*لاهي أم كما ارادت
*ولاهي زوجة..ف(الاوراق لاتصنع أزواجا وزوجات .هو رفيق سكن وأب ممول لمشروع إنشاء شابة ثائرة تظنها ابنتها…/187)
*أو أنثى كما تمنت ..
هنا الكارثة : يموت الانسان وهو في حياته ..يموت وحيدا ،لااحد يصغي لأوجاعه مثل ذلك الحوذي في تلك القصة القصيرة الرائعة (الشقاء) للعظيم تشيخوف كلما اراد الحوذي ان يبوح ..أشاحوا عنه فيسرد اوجاعه في الاسطبل لحصانه !!
(*)
ماينقص مروة هو المواجهة والتعايش الاجتماعي..مروة ابنة ذلك الرجل التقي النقي إمام جامع الحسين وهي عاشت كظل لوالدها ولاتفكر إلا بالعودة الى الوراء ..فرجينيا ليس كلها وحيد زيدان لكن مروة ، يبدو لاتملك من انظمة الوعي سوى تلك المنظمات التي استورثتها من بيتها الطاهر : المنظم الحقوقي، الموجه القيمي،الضابط الديني..وهي تركز على الثالث لأنها مؤتلفة كل الاتلاف معه وفيه..حد الانغلاق
الذي لايقر الدين (رغم كل المصريين حولها، رغم كل العرب من كل الجنسيات، بل ورغم حتى العائلات الامريكية التي احبتها واحبت نساءها وأطفالها شعرت أنها تختنق ../24) ارى ان السارد العليم في هذه الوحدة السردية لايعطي صورة دقيقة عن مروة .اذا كانت مروة تشعر بمحبة لكل هؤلاء الناس لأنسجمت معهم وتعايشت سلميا مع المكان ..ولتوقفت عن تفخيخ بيتها من الداخل ..(قادت حربا كبيرة /24) وفق المفكر والناقد جورج طرابيشي ان مروة مصابة بالرضة ..(..ماتستفزه الرضة النفسية بالمقابل هي القوى السديمية للاشعور، ويكون من شأنها بالتالي أن تثلم الوعي وأن تخدّر حساسيته وأن تفتح أمامه المسارب للهرب من الواقع بدل مواجهته . وإن يكن المفعول الوظيفي للصدمة هو مطلب التغيير، فأن منزع الرضة النفسية هو الى التثبيت FLXATION فبدلا من تسريع النمو، يزداد الضغط اللاشعوري من أجل إلغاء النمو. وماكان مع الصدمة مهمازا، يستحيل مع الرضة لجاما../20- المرض بالغرب )..ولم تكتف بالعودة لمصر ،بل بسبب لاانسانية زوجها وابنتها ..أصيبت بمرض تثبيتات السعادة – حسب غاستون باشالار..فهي قصدت مسقط رأسها واستعادت زمنها النفسي وفي جامع الحسين ،تماهت في روح والدها وهو يعتلي المنبر..نلاحظ هنا ان مروة ترغب بالصعود بالتجاوز لكنها لاتمتلك القوة النفسية الدافعة ..مروة جزيرة نائية اخضوضرت بحضور ولدها ياسر وجارتها وصديقتها المخلصة نادية..ومروة احيانا على حق .(لاأحد يتغير ابداً/188)
نادية لم تتغير رغم انهيار صحتها..بدرية اصبحت شابة في الشهادة الاعدادية ماولت تنحني كل يوم لتمسح مدخل العمارة وتتولى الاهتمام ببيت نادية ورغم هذا ماتغيرت ..مازالت تحمل على ملامحها وملابسها عبق الصعيد وبساطة الحال..ومايزال وحيد يعبر السرير بعد السرير بعقد عرفي..وابنتها علا في عقوقها ماتزال..(لم يتغير احد ولن يتغير احد ..هم جميعاً خونة .بعضهم خان أمه وبعضهم يخون زوجته واكثرهم ظُلمة ودناءة من يخون نفسه بالاستسلام للظلم والقهر .هي أكثرهم خيانة . مادامت تستسلم لدناءة زوجها وتتمرغ كل ليلة في خيالها على كف عمران فهي خائنة تستحق أن تسحقها الأقدار بحذائها اكثر واكثر../190) هكذا تجلد مروة نفسها في وحدتها..
(*)
جيولوجيا : الرواية من طابقين وبلغة الكبير في المسرح والحياة نعمان عاشور (الناس اللي فوق ) و(الناس اللي تحت ) لكن ليس الفوق مطلق الشر ولا التحت كلهم ضحايا..(نادية) الثرية فوق.. لكنها رأت في (بدرية) اليتيمة ابنة البواب حياتها الجديدة وهما تتنافسان على فعل الخير لليتيمة بدرية ،(أريد ان أفعل لهذه الصغيرة شيئاً ما .في حضرة هذه الصغيرة يدور في عروقي شيء لم يدر منذ أكثر من خمسين عاماً../69) فتعقّب نادية على كلام مروة..(أنا من ستفعل .أنا. عليّ أن ألتقي الرب وأنا افضل حالاً وأرفع مكانة .أو ربما أحيا حتى أصل بها الى الجامعة..أو فلنقل قد تجعلني هذه الصغيرة ورسالة تعليمها اتمسك بالحياة ولايصبح الموت هو أمنية حياتي !../70) نلاحظ ان نادية كانت السيدة الميتة في حياتها، عاطلة عن الانتاج، وتعيش حياة ً أقرب الى البطالة المقنّعة..ان الحياة حقا هكذا وبشهادة عبد الهادي احد شخوص الرواية (عندما يكون أولادنا صغارا نتمنى ان تمر الايام ليكبروا ونتنسم حياتنا وحريتنا ثم نستجدي عودة صغارهم وبقائهم معنا عندما نكتشف أن بهم وحدهم نتنسم الحياة /129) كانت نادية إتكالية في كل شيء على الزوج كما دربّها(دمرها وحولها الى تابع سقيم مسطح/ 161).. فأستمرات الامر مع الابن ، لكنها الآن تعتمد على حيوية امومتها ازاء اليتيمة بدرية، لذا بادرت حتى لايتم استنساخ بدرية كصورة طبق الاصل لنادية هاهي تذهب المحطة وحدها وتصعد القطار وحدها وتقصد الصعيد وحدها الى ملاوي ..هاهي (تفعل شيئاً وتنفذ قرارا وتحاول إحياء فتاة صغيرة يحاول
أحمق ان يجعل منها نادية أخرى../136)..وحين تعود منتصرة وتستعيد بدرية الى المدرسة والاناقة والعاصمة وحين يصيح بها ابنها محتجا على غيابها حتى العاشرة ليلا..تتصدى مطالبة بحصتها من التقدير : هل تجوّل بسيارته بحثا عنها؟وكطبيب هل بحث عنها في المشافى ؟ هل طرق باب مشرحة بحثا عنها؟ رأت في ابنها ولدا عاقا..
(*)
ينتصربالضرورة وبعيدا عن الادلجة المفهوم الماركسي لتحريرالمرأة ، لمن الاولوية للتحرر الاقتصادي؟ ام الاجتماعي؟ لو كانت نادية عالة على زوجها مثل مروة لسكتت..لكن نادية متحررة اقتصاديا وستشهر تحررها في وجه الولد العاق (أخبرت وحيدها أنها لاتريد ان تراه، وأنها تمنحه ثلاثة شهور ليجد لعيادته مقرا آخر..انها تملك العمارة وهو لايملك فيها شبرا واحدا، ولاحتى عقد إيجار لعيادته../149)..وهاهي نادية تحرض مروة على التحرر الاقتصادي، لتثلم سطوة زوجها..(لاتستسلمي .أخرجي من هذا السجن . إبحثي عن عمل .أطلبي عملاً في مدرسة الاولاد .أنت قادمة من أمريكا وهي مدرسة أمريكية. سيكون لهذا الامر اعتبار كبير .صدقيني. هذا هو الحل !../162)
(*)
الحب بهمسه الازرق وطيرانه الخفيض كنوارس شط العرب في شتوة البصرة ، هذا الذي من اسمائه النباتية : الحب : وحده من يتمرد على تجاعيد الفارق الطبقي. يتماهيان كأصابع كفيهما الخضراء من غير سوء: ياسر وبدرية، يقتسمان حرف الباء في الاسمين ، وبعد لحظة براءة تشتتهمان جغرافيا القاهرة في المكان نفسه..(كل منهما يجب ان يذهب وحده . هو يجب ان يدخل ويصعد الى بيته في الدور الثالث حيث والده الدكتور وحيد زيدان، وهذه الرقيقة الجميلة الصغيرة يجب ان تهبط الى غرفتها أسفل سلالم البيت حيث والدها عمران حارس العقار وخادم سكانه../112- 113).. وحب مروة يتقاطع مع مفهوم الحب عند زوجها ( الفرق..انك َ ترى أننا نمارس الحب وأنا أرى أن الحب وحده هو الذي يجب عليه ان يمارسنا /119) وحيد زيدان لايختلف عن ندى امرأة الاعمال الاخطبوطية في الكرة الارضية بأسرها ..ندى (حتى كلمات الحب والشوق تخرج من شفتيها في صورة أرقام ميزانية أو عدد فوج سياحي ../131) ويتطابق راي كريم مع رأي مروة..(الحب أحياناَ ليس هو المهم ،لكن الطريقة التي نمارسه بها هي التي تصبح أكثر أهمية..)..في الحب علينا بحلولية الحلاج أو باضاحي ابن الفارض..وهو يرجو المحبوب (لاخير في الحُبّ إن أبقى على المهج) والحب الرصين : مصنّع فالجنون هو النظام الفسلجي للحب كما فعل كريم ..(دفع مايقارب الألف دولار ثمناً لعشرين قطعة شيكولاتة صغيرة تمت طباعة صورتهما عليها في سويسرا../198)..هكذا اقترضت المدينة من غابة البدائية طريقة حداثية لأكل البشر ..عيب ندى انها امرأة مخصية وهي التي اخصت انوثتها والاخصاء يتشخصن بوأدها للطفلة التي كانتها هي..ندى تتعامل لابالمفرد بل الجمع (كالاطفال كريم../201)..
(لسنا أطفال. وحدك طفل ..أنا إمرأة ولستُ طفلة ولن يجعلني الحب يوما أكون../202)
(*)
لدينا سارد عليم في الرواية، وثمة سارد ثان يوجز في سرده الاصح في بوحه ،أعني ماتسرده مروة الى ابيها بخصوص بعلها..والسارد الثالث هو ياسر: سرده بطيران منخفض وباتجاه واحد فقط /127
(*)
يمكن اعتبار الوحدة السردية الصغرى التالية : خلية موقوتة ستتشظى سرديا ، لتكون السجادة الكاشان للنص..(التقدير،، نعم التقدير هو صانع الحب وهو قاتله ،العرفان، الشكر يجعلانك تمنح اكثر .لو ان ناصر يقّدر حبها..لو مرة شكرها، لعاشت في غرفة عمران ومنحته بيتها مع بقية الشقق..لو ان وحيد قدّر مروة يوماً وشكرها….لما وصلت المسكينة الى حافة الانهيار..تمنح عمرا وحبا وعافية ولايمنحون كلمة أو نظرة ..كلمة التقدير هي المفتاح../96) وهي المفتاح الرئيس لكل طبقات النص الروائي ،والتقدير هو المسكوت عنه في الرواية، غيّاب التقدير، تغيّب مقصود لحضوري فيك وفضائلي عليك عدم التقدير ثلمة اخلاقية، تتمظهر في الناس الدون اخلاقيا.. والذين يرتفعون في مجتمعنا ارتفاع النفايات..نحن امام مهيمنة روائية اخلاقية ضرورية، تتناولها المؤلفة فنيا وليس وعظيا..
2-2
أجمل مافي الكتابة تنطلق من المعجم لتنحرف عنه إنحراف الانهار في صخبها الافعواني..حتى الفوتوغراف كنص مرئي بإمكانه ان ينحرف بعين كاميراته وهنا بلاغة الصورة وجنوحها نحو ثراء الدلالة..
(*)
للصوفي : عين القلب ..
عين العقل : للمنطقي
الذين ،،لايعرفون من الحياة سوى الحياة كما تقدمها الحياة ،، :يرون الحياة بعيونهم فقط
للمصابين بتثبيات السعادة الذين يسكنون في ازمنتهم النفسية : عين الذاكرة..
في (صولو) تتدفق بغزارة مفردة (كف ) والكف هنا مجبولة من شعرية الوجع الآدمي وعزلته الشرسة ولادخل لها باصابع الصيرفي،، قل اعوذ برب الفلق،الصيرفي لايحتاج مسبحة ً فهو يسبّح دوماً بحمد الورق،، هكذا قال مقداد مسعود في قصيدته له في جمعية الاقتصاديين العراقيين في تموز من هذا العام..الكف في صولو…
(*)
تبدأ الكف بداية تقليدية في الظهور داخل النص :
*وضع كفه على رأس بياضة لحظة دخولها الى الغرفة خوفاً عليها ،ذات الكف التي تحمل ورقة العنوان/18..هنا تداعي وجيز في زمن نفسي
*طوى الورقة وأعادها الى جلبابه في ألم كبير حين أفاق منه عاود النظر الى كفه السمراء الكبيرة الخشنة ماعادت هذه الكف تلمس ذلك الرأس / هنا تراسل مرآوي بين خشونة حياة وغياب حياة غدر بها الفقر ..
*عاهدها ألا تمس كفه إمرأة سواها../19 : لدينا عقد اجتماعي / جنسوي صارم يشرطه فحل صعيدي على نفسه ..والمس هنا يحيلني الى الاية الكريمة (إذا لامستم النساء…)..
*وعندما امسكت مروة بكفها الصغيرة بين أصابعها، شعر بشيء كالغصة في صدره /67 هنا استعاد الصعيدي عمران ذلك العقد الامومي الشفاهي حين اوصته بياضة زوجته وهي تحتضر
(لاأحد يمسّ جسد أبنتي سواك ../10) ثم يستدرك عمران هذا العقد الشفاهي المختوم ثانية (ألم يعد زوجته ألا تمس كفه امرأة سواها وأبنتها؟ لكن ستمس ابنته كف رجل آخر ../78) هل نحن أمام عقد غير مكتمل الشروط ؟ وقد أستدرك عمران ذلك بفطرته ..
*أشار لها بكفه العريضة لتنهض عن مقعدها وتجلس جواره../22..ايماءة الكف تنوب عن اللسان وتمهد لكلام بين أب وأبنته
*في طريق العودة للقاهرة بأمر من نادية وهي تقصدهما الى ملاوي..في القطار بدرية (اقتربت بجسدها من مقعده ومدت كفها الصغيرة الى يده وقالت: صدقني..ماعاد لنا سوى غرفة الروضة /156)
*بكفه السمراء ربت على فخذها في حنان ../ 22..بلاغة اليد وهي تفرّغ محمولها من الحنو الابوي في
*رآها تضع كفها فوق كفه /22 اتصالية انسجام بينهما
*وضعت كفها على كف مروة وقالت نادية في تصميم ارتجف قلبها للشعور به : أنا من ستفعل ذلك .أنا/ 70 ..كف نادية هنا تستبق مع لسانها في فعل الخير مع اليتيمة بدرية
*قبضت بكفها الصغيرة على جلبابه وهي تحتمي بساقيه /29..بدرية تتحصن بأبيها من غربتها في المدينة في اسبوعها الاول
*علا أمسكت بكف أبيها تحتمي به../54 هذا رد الابنة الوقحة حين رأت ثوباً قديما من ثيابها بين يدي اليتيمة بدرية ..(تركت كف والدها لتتوجه إليها في غضب قائلة : ماهذا؟ ..بقسوة الاطفال اختطفت الثوب من يد اليتيمة وقالت كأنها تصرخ : لم يستأذني أحد ولم أدعها الى عيد ميلادي ولاأريدها هنا../52)..
*عمران يحكم كفيه حول عنقها كأنه يكاد يخنقها../32 شروع بتعزير لأبنته بدرية وهو يراها تسرق رغيفا وتحاول دسه في جيبها.
*ترضى الموت بكف ابيها لكنها لاترضى ان يهينه أحد../36 طاعة بدرية مطلقة لكف ابيها وترفض بشدة تدخل الغير بينها وبين الكف المقدسة
*صغيرة يتيمة جذبت والدها من كفه ومضت به واتخذت عنه وعنها قرارا بالرحيل../37 خطاب اليد هنا ابلغ من اللسان ويعيدني الى إعجاز البلاغة في الآية الكريمة (قال يبنؤم لاتأخذ بلحيتي ورأسي …/94/ طه)
*وأبوها بقيت كفه في كفها معلقة حتى أعلن في النهاية أنه سيبقى وأنها لن تغادر الغرفة ابدا ولن تساعده حتى في مهام الصباح الباكر../38..هنا اتفق مبدأي مشروط ببصمة كف الأب
*تخبئه لأنها تريده لرجل واحد يغفو على كفيه ويستيقظ على لمساته ../44 هكذا تريد مروة العلاقة خصوصية / حميمية بين سنابل شعرها وكفه زوجها والغصون الطرية لشموع كفن الزوج
*تهرب أحياناً من جواره وتذهب لتغفو الى جوار ياسر، فقط لتشعر أنّ في إمكانها أن تجد كفا تحتضن كفها…/46 هنا هروب بالقوة وليس بالفعل، بل بتغيّب كف الزوج، تلوذ الام بكف البنونة لتنقذ كفها
من وحشة العمر..
*هدية الام لأبنتها بعيد ميلاد:علا..تعرف الام كيف سيكون رد فعل كف البنت (لكنها تعلم ماسيحدث حين يضعانها في كف علا../47
*لحظتها تمنت لو ترفع كفها وتهوي به على وجه ابنتها ،لكنها كانت تعلم أن وحيد لن يتردد في مزيد من اهانتها امام شقرائه وطفلها../ 52 هنا يد مروة ملجومة بقوة صلافة الاب..
*عادت مروة تقول بصوتها الباكي وهي تمد كفها نحوها/ 61..لقطة سينمية كف تفتترش الشاشة ..تعقبها عين القناص الحائرة ..(وقفت عينا نادية على كف مروة المرتعشة وهي لاتعلم هل تستند عليها وتنهض الى بيتها أم الى المطبخ؟ قراركبير وصعب !../61)
*وضع أصابعه على كفها في قسوة ..سحبت يدها من تحت كفه وهي تبتسم ابتسامة صغيرة ثم مضت الى داخل البيت../ 74 مشهد بانتوميم بين الزوج الخائن وحيد والزوجة العفيفة مروة..بلاغة اليدين هي معنى المعنى وفق عبد القاهر الجرجاني..
(*)
كل هذه التنويعات للكف مهاد للكف الرئيسة، الكف التي ستشتغل بوظيفة المهيمنة الروائية لرواية (صولو) أقول ذلك وفق قراءتي المنتجة ..وهي كف البواب عمران وهي تلملم شظايا قنينة سقطت ضمن المواد التي تبضعها لمروة..
-2-
*وقفت مروة تراقب الطبيب كأنه يحوك في كف عمران ، ورأته يتألم لكن دون آهة واحدة تخرج من فمه../83 هنا تتكشف طاقة عمران على حشر ألمه في كاتم صوت ..وسيحشر احاسيسه الانسانية بعد ذلك بهذا الكاتم الصوتي وسيختزل حتى لحظات المنولوغ التي تفترس / تفترش وحدته..
(*)
بعد ايام من ذلك ستأمره بحرص صحي ان لايمسح باب العمارة، ثم سيقصد عمارتها لتنظف له جرح كفه ..أستوقفها لون الكف المتورمة وبعد كلامها على موجة متوسطة ، بحرص صحي مطلق غمست القطن في محلول ،،البيتادين ،، ومرت على راحته أكثر من مرة ثم( وأمسكت بكفه بين يديها ومرت على موضع الجرح بظهر مشط يدها في هدوء كأنها تريد ان تتحسس الجرح. هل هو حقا هو لايشعر بيده؟ وما إن مرت باصابعها على راحة يده حتى شعرت به ينتفض، ومن دون وعي رفعت عينيها فالتقتا عينيه للمرة الاولى .في عينيه رأت شيئا ، وفي أصابعها التي مازالت على موضع جرحه غافيه
شعرت مروة بالأنتفاضة ذاتها تسري في عروقها. أعادت النظر في عينيه في حيرة من جديد كأنها تبحث فيهما عن تفسير لما حدث لهما معا، لكنها وجدت نفسها نفسها تحدق في وجه عمران .
وسيم وجهه، حان ،وعيناه المذهولتان عميقتان وجميلتان كعيني أبنته. تركت كفه وهي تغمض عينيها كأنها لاتصدق ابدا ماشعرت به أو ماتظن أنها رأت في عينيه . هو ايضا نهض من مقعده كأنه يترنح
أو كأن دوارا أصابه . أنتفض جسدها من جديد وهي ترى مقعد المطبخ يرتطم بالارض وينحني ليعتدل به قائلا:
شكراَ…غدا أذهب الى الطبيب..
لحظات وهي تحاول ان تستعيد سيطرتها على نفسها ورأسها وعروقها المرتعشة.لحظات كاد هو يخطو هو فيها خارج باب المطبخ حين صاحت تقول : عُد أرجوك. سأربط لك يدك .لن تمضي وكفك عارية ابداً…/90) يفترش مشهد الكف هذا ثلاث صفحات سرد : 90- 92 مشهد سينمي عميق يليق بأخراج على يد المخرجة المتميزة إيناس الدغيدي.. مروة عزفت بأصابعها على أوتار يده فختضت كفه كما تخض سدرة بعصافيرها حين ترجمها حصاة طفولتنا..فوصل صاعق العزف للقلب الذي خذلته العين وباحت بلوعته ..فأنتشى القلب بنبيذ كنسي معتق فأثمل فتطوح في سكر السكر صعودا الى التساكر..هو سيلجم عينيه ثم ينصاع ..هي ستعصي اوامر رأسها..(تسمّر على باب مطبخها كأنه يعجز هو الآخر عن مواجهة وجهها وعينيها ابتلعت أنفاساً كثيرة تلاحقت في صدرها وهي تنظر الى كفه المعلقة في الهواء وكل أصابعها تقاوم أوامر رأسها. لاتستطيع أن تمد أصابعها وتلمس هذه الكف الخشنة مرة أخرى. كان يرى أنفاسها وهي تتلاحق، ويرى عينيها تنظران كفه وأصابعها تعبث بقطع الشاش الملقاة على الطاولة ، لكن هي تحملها إليه ولاتتوقف عن لمسها. مالذي يحدث . مالذي يدور؟! ) هنا السيادة للملامسة وليست للتلاسن وهي ملامسة تبوح / تكتم ..المسكوت عنه جسدانيا في أنوثة الانثى المخصية ..(قبل أن ينهض من جديد رأى أصابعها ترتعش ثم تستقر على كفه .كيف أصبحت أصابعها في لحظة كأنها أصابع جليد أخرجوه للتو من سيارة ثلج../91)..لغة اللسان معطلة ، لكن عمران بعينيه كان يلحس أصابعها فيزيدها رعشة..(لم ينطق حرفاً لكن عينيه مافارقتا رعشة أصابعها وهي تلف حول كفه قطعة الشاش الكبيرة حتى انتهت، ووضعت كفه على الطاولة ….رفع عينيه ينظر اليها وقبل ان يفتح فمه بكلمة شكر واحدة رأى دموعا كثيفة تسقط على وجنتيها الجميلتين ../92)
*لحظتئذ اصبحت تنفر مروة من خيانة كفها اليست( كفها هي وحدها التي فتحت عليها باب الجحيم وأسقطتها فيها يوم لمست باصابعها اصابع حارس بيتها /98)..هل تستطيع كف ياسر ان تبلسم جرحها الأخلاقي (وضع كفه الشابة على شعرها الملقى حول كتفيها../116) لكن أمه طالبته بالخروج
من الغرفة.. وما أمه سوى إمرأة بلا رجل..تحولت كفها اليمنى مرآة ً ونبضاً واشتعلت كفها من كف زوجها في حياتها وهاهو عمران يتجسد بكفه بسبب غياب المودة والرحمة في حياتها مروة خيمة بلا وتد (نظرت الى كف يدها اليمنى، مازالت تشعر بكفه وخشونتها على أصابعها .منذ تلك الليلة وكف حارس بيتها تشعل في قلبها نبضاً وفي جسدها حرائق وفي رأسها خجلا وذلا لايفارقها../116) ثم حاولت ان تجد ضمادا لجرحها الاخلاقي، فرات نفسها في (بير السلم) الطبقي ودوزنت الجرح بمعادل موضوعي اجترحته بسؤال شرعي (هل هي حقاً زوجة ؟ أبداً .ابنة الشيخ الجليل خادمة لدى زوجها وأطفالها حتى ابنتها تعاملها على هذا الاساس .ربما لأنها خادمة لجأت الى كف ،،البواب ،، تتحسسها بذاك العطش والجنون../ 117) ومروة تضمد ظمأها فقهيا ، حاولت ان تنسى نساء زوجها (وتأخذ كف زوجها بين يديها..كفه ملوثة وملطخة بآثار عشرات غيرها، لكن مازالت أطهر من كف عمران ..مازالت كفا حلالا .ربما اراد الله ان يحدث ماحدث لتستعيدها وتستعيد شعورها بها..)..لكن من اين للدكتور المتخرج في أمريكا ذلك الرهف الشرقي بأوجاع زوجته الشرقية ؟ :
(1)أقتربت منه
(2) وضعت كفها على ظهره
(3) طلبت منه ان يستدير نحوها
(4) بكت
(5) اخبرته أنها تحتاج اليه تريد ان يضمها وان يقترب منها
(6) اخبرته في وضوح وهي ترفع كفها اليمنى المشتعلة امامه انها تريد أن يلمس
يدها ويتحسس أصابعها
كل هذه الخطوات الناصعة الموجعة تدرجت بها مروة لتتطهر من جرحها الاخلاقي وتصون عفتها المشتعلة بكفها اليمنى ولكن وحيد زيدان هو من أولئك المفضوحين على لسان مظفرنا النواب (تتحرك دكة غسل الموتى اما أنتم فلا تهتز لكم قصبة / ما أشرفكم يا أولاد ال…)
*يطعنها زوجها بتهمة سن اليأس، فتحاول اختبار سنها حسب مقياس نبضات كف عمران ثانية
(وضعت كفه على الطاولة ومرت بالمطهر عليها …هذه هي اللحظة التي تريدها .تريد ان تتحسس باطن كفه بأصابعها مرة أخرى ،تريد ان ترى حقا ستشعر بكل ماشعرت به تلك المرة؟ ربما كرهت خشونة كفه .ربما تقززت منها وليتها حقا تفعل ! بظهر أصابعها مرت على باطن كفه وكما توقعت ..دمعات صغيرة تكورت في عينيها تمنت معها لو أنها حقا تضع شفتيها على باطن كفه وتقبل هذه الكف السمراء الخشنة التي تشعرها انها ليست في سن الياس ولاحتى اقتربت منها هي امرأة كاملة لاتريد جنساً بل تريد لمسة وإحساسا وحناناً../121- 122) ..مروة هنا استعملت كف عمران كما يستعمل السونار. كف عمران (لم تثر فيها أكثر من الرثاء لنفسها وحالها../ 142).لكن عمران سيباغتها بصفعة من كف الكلام :أريد زيارة قبر زوجتي . اشتقت إليها كثيرا/ 122 مفتاح الشفرة : انا وفيّ للميتة ولستُ صعيدا نذلا..(هي الدناءة ان يسمح حتى لخياله أن يحلم بها ويتنسم أنفاس إمراة تمنح
ابنته الدروس والطعام والملابس من مال رجل يطعنه هو بكل نظرة يختلسها الى وجهها وراسها وجسدها..فقير ..معدم.. كفاه مشققتان لكن قلبه سليم ورأسه مازال سليما/ 127)..
*السيدة نادية شفيق تمتلك كل مفاتيح اقنعة ابنها العاق ناصر..لذا(وضعت كفها على يده /93) هذه الايماءة ستفسرها بعد لحظات لولدها مصحوبة بضحكة ألم.. ان الآخرين من جيرانها المسلميين احن عليها من ابنها العاق (عمران معها .وابنته معها وأيضا مروة ) ولكن حركة الكف ستكون هي المحبة المسيحية الكبرى حين(وضعت نادية كفها على راس مروة تمسح عليه في حنان ..قالت ودموعها تنحدر:أشعر بك ياأبنتي../98-99)..لنادية قدم حين قصدت الصعيد وحدها ولها يد خضراء من غير سوء فهي تؤمن ..(لاقوة كتلك التي تشعر بها عندما نشد على كف ّتائه /146) بعل مروة لايستر عريها بلمسة من حنانه ومودته وبشهادة مروة( أي ألم على الارض أكبر من ألم إمراة تستجدي لمسة من كف بواب العقار الذي تسكنه ؟/150) عمران خذلته كفه في الصعيد لأن كفه تمدينت وأنسجمت في حمل الاكياس والمشتريات وأدوات التنظيف فكيف لاتنكره فأس ملاوي وغيطانها
*هناك كف العشق الناصع عشق بلثغة طفولة هاهو ياسر(جذبها من كفها وهو يصيح : سنفطر معاً/108)( كفها مازالت معلقة بين كفيه/108) (ضرب بكفه ضفيرتها السوداء../109)( يمسك بكفها ليعبرا طريق السيارات الهادر/112 )
*مباغتة سيناريوبيع العقار من قبل ابنها العاق ناصر الى زوجته رشا، من خلف ظهرها ، ستتجسد الصدمة في تراخي كف نادية (كانت الكف الواهنة هي التي ترقد بين اصابع مروة في تراخ واستسلام /178) فنادية اصبحت (لاتشعر بكفها القابضة على اصابعها/179) في الايام القادمة وحدها نادية ترى المحسوس اللامرئي ذلك الزائر الاخير الصلف (ترفع كفها وتشير إليه لتقدمه الى زوارها/ 195) *مروة وهي في المطار تنتظر قرة عينها ولدها ياسر (تتمنى لو تزيح بكفها كل الوجوه فقط ليظهر وجه واحد../467) ومن شدة شوق ياسر الى بدرية في الصباح التالي من أوبته (..أمسك بكفها يخبرها انه سيخرج بعد لحظات../485) بلاغة الكف للحنو لها وظيفة الاحالة التكرارية في الكلام..ونفس الدلالة ستكون سيفعلهّا عبد الهادي وهو يضع كفه على فخذ ملك ويربت عليه ثم يقول لها عن ابنه
(ملك ..واسمحي لي ان اقولها هكذا . كريم يحبك../494) أصابع كريم المرتبكة وهو يوقع ورقة طلاق زوجته ندى غيابيا فأذا بماذون المكتب (شعر به وأمسك كفه ../500)
(*)
للكف شخصيتها ، خصوبة الحضورات المنفلقة في الفضاء الروائي ..السارد العليم له عين قناص ورهف الفراشة وتنويعات قوس قزح..
*المقالة منشورة في صحيفة الزمان /7/ أيلول/ 2015
*نور عبد المجيد /صولو/ دار الساقي /بيروت /ط1/ 2014
*جورج طرابيشي / المرض بالغرب / التحليل النفسي لعصاب جماعي عربي / رابطة الكتاب العقلانين العرب / دمشق /ط1 / 2005