21 مايو، 2024 9:43 م
Search
Close this search box.

قف واسمع

Facebook
Twitter
LinkedIn

سأكفُّ عن الشكس، لا مكانَ لك في سطوري.
أحلّقُ عالياً حتى اُسمِعَ الغيم همسي.

لا مشكلة َعندي، سأبدأ من الختام ، لا من البَدء.

السفينةُ تترجلُ، تمشي فوق اليابسة، لكنها أضاعت عنوان مطلبها. وتاهت….

يقفُ الى جواري ، يُريني ما في يده: من أين لك هذا؟ تردد في الإجابة وتماطل، كان يوغلُ في الكذب، فليس لديه مبرراتٌ. مضينا، أنا أقرأ في كتاب وهو يُصغي اليّ. كانت المرأةُ تجلس أمام منزلها الهشِّ، أقعى أمامها ، أنا واقفُ اصغي اليها وهي تنقلُ حدُوسَ أحجارها المرمية فوق قطعة القماش الأحمر: / سترثُ مالاً كثيراً ، تبتني بيتاً ، تتزوّجُ، تُنجبُ ثلاثة بنين ، يتسعُ صيتُك ، يغدو صوتُك أعلى الأصوات.. / هراء، صاح بها وغادرها. سمعتُها تُخاطبني : / أحجاري لا تكذب أبداً، سكتت لحظة ، ثمّ أردفت : سأقرأ طالعك / وقبل أن تُكملَ تركتُها، تواريت عن نظرها. ….

بعد سنين توسّع ثراؤه ونسيني، فما عُدنا نلتقي أبداً. هو الآن في حنية يتكدّسُ بأوجاع مُرّة. وأنا ما زلتُ أقتني كتباً ألتهمها قراءةً. هو عنده كلّ ُ شيء ، لكنّه بلا أصدقاء، أنا … لديّ أصدقاء عدَدَ الحصى، التقيتهم في متون الكتب ، أبَوا أن يفُارقوني. استحال رأسي غابة تجولُ فيه عصافيرُ الزمن وهُوامُه المرئية واللامرئية . فأنّى حللتُ تُتبعُ خُطاي العيونُ في مماشي المدائن. وقتي ضيّقٌ يتكدسُ بالقراءة والكتابة والغوص في سرابيل الحلم والتقاط المُمَيّز والمهم ليكون قوت كتاباتي. امّا الحبُ فشعرةٌ واهية تداعبُها النسماتُ الهابّة وضوء ُالنهار، وحاشية الحلم أحياناً. شغفي أن أكون وحدي، أُكدّس في جيوبي مشاعري عمّ يُرى واللامرئي. لستُ منعزلاً عن الأخرين، بل نلتقي في الطريق حيناً ، في المجالس والمقاهي أحياناً.

والعاطفة تعنُّ في أويقات متباعدة، كما يجيءُ كائن عطِشٌ الى النبع. كينونتي على تضادٍ مع الزمن والناس والراحة والتقاليد. حيناً أ ُحسّ بكياني ضائعاً ضالعاً في صنع متاهي، سائراً الى جبهات مجهولة. بيدَ أني أجازف في تمزيق شباك مأزقي.

أتذكّرُ بعضَم يقولون عني : كينونة متوحشة ينأى بنفسه عن الانخراط في المجموع. انّهم مُخطئون ، لديّ محطاتٌ آثرُ أن أكون فيها وحدي. وأوانٌ كثيرة أمضيها مع زميلاتي وزملائي في المدرسة، أدْعى الى منازل معلماتي ومُديرة مدرستي. أبيتُ عندهن ، اسمع هسيس الليالي وهمسات كائناتها ، لا أخافُ أبداً ، ففراشي لصيقُ فراشهن، أدسّ أحيانا رأسي في أحضانهن. فأتلقى الدفء والحنان الذي أفتقده في بيتنا.

…..

آنَ وقتُ أن أضع كتابي جانباً ، استرخي على ظهري، اوغل في متاهة السماء ، أحصي أنجمها الأكثر لمعاناً ، واسلم مقودي الى النوم أجوب في شرايين رؤاي .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب