23 ديسمبر، 2024 5:57 ص

قف عندك …مين هناك ؟

قف عندك …مين هناك ؟

هذه صيحة شرطى الدرك المصرى الذى اشتهر بصورة نمطية فى الافلام المصرية و هو ينادى ليلا ” قف عندك …مين هناك ؟ ” كل ذلك من باب التهويش ، نحن نتذكر طبعا تلك الرسالة الشهيرة للكاتب الامريكى مارك توين و التى كتب عليها عباراته القصيرة ” اهربوا لقد اكتشفوا امرنا ” ثم أرسلها من باب الدعابة السوداء الى بعض الشخصيات الامريكية الكبيرة و ما ان بزغت الشمس حتى فروا الى خارج امريكا ، منذ أيام فقط اكتشف التونسيون مؤامرة على أمن البلاد و قضية جاسوسية تورطت فيها قيادات امنية و سياسية و اخرى من المجتمع المدنى ، قبلها كان التحقيق فى مجلس الشعب حول من يقفون وراء شبكات تسفير الارهابيين الى سوريا و بين هذا و ذاك كانت قضية الجنات المالية فيما يسمى بفضيحة باناما بيبرس ثم فضيحة الجواسيس القطريين المتورطين فى تمويل المظاهرات بالاشتراك مع قيادات من حركة النهضة و حزب الرئيس السابق محمد المرزوقى ، قضية رجل الاعمال شفيق الجراية المتهم بالتآمر على امن الدولة و التخابر مع جهات اجنبية ادت الى تورط رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد و وزير الداخلية السابق ناجى الغرسلى اضافة الى كثير من القيادات الامنية الكبرى ، ليطرح السؤال بعنف ما الذى سيحدث لو ارسل احدهم رسالة مارك توين الى اقطاب الفساد السياسى و الارهاب التكفيرى والاتجار فى السلاح و المواد الطبية الفاسدة و بيع الاعضاء البشرية الخ ؟ …

أغلب الظن أنهم سيفرون خارج البلاد فى الساعات التالية لوصول الرسالة حاملين معهم ما خف حمله و زاد ثمنه موصين ” صبيانهم ” بمواصلة الطريق و الحفاظ على ما أبقوه بعيدا عن العيون ، أغلب الظن أنهم سيستعملون جوازاتهم الاحتياطية درءا للمساءلة و الايقاف ، لا عجب أن يفر هؤلاء الى بعض الدول التى آوتهم نكالا فى أنظمتهم الاستبدادية و حتى تضمن الوصاية و الضغط السياسى عليها فى الوقت المناسب ، لا عجب أن يتحول هؤلاء المجرمون الى معارضين و الى أصحاب رأى و قضية و لا عجب أن يتهافت اعلام المخابرات العالمى عليهم للحصول على بعض الاسرار الحصرية و ربما سينتهز البعض الفرصة لتشجيعهم على كتابة مذكراتهم و اعطاءهم الفرصة لمزيد نشر الغسيل الوسخ و الضغط على النظام ، يعنى سيتحول القتلة و المجرمون و الفاسدون و المتاجرون بالذمم الى قيادات و رموز يشار اليها بالبنان و تبذل وسائل الاعلام العالمية الشيء الفلانى للحصول على تصريح أو مجرد مقابلة ينتهزها هؤلاء لمزيد الحصول على الاموال و الشهرة ، ليس سرا أن من بين هؤلاء المجرمين الخونة من تقف وراءه أجهزة المخابرات و السفارات الاجنبية و ليس مفاجأة أيضا أن تقيم بعض الدول الدنيا و لا تقعدها و ان تهدد بقطع مساعداتها اذا تمت محاكمة عملائها أو مس شعرة من رأسهم المليء بالأفكار الجهنمية .

اليوم و فى تونس ما بعد الثورة كل فاسد وراءه دولة عربية او اجنبية و حين تحين ساعة الهرب فهؤلاء سيرتمون طبعا فى احضان اسيادهم و مؤجريهم ، لعل رئيس الحكومة يوسف الشاهد بإطلاقه حملة مقاومة الفساد أراد أن يفر هؤلاء تاركين الجمل بما حمل فالمخابرات و أجهزة الامن تعرف كل أسرار هؤلاء المجرمين الفاسدين الارهابيين و لا شك أنها تمد المسئول الاول فى البلاد بكل ملحوظاتها و تقاريرها التى تؤكد صلة هؤلاء الفاسدين بدول أجنبية و بالتالى فانه بدل التسبب فى ازمة دبلوماسية او تماس سياسى فالأسهل أن يصيح الرجل ” قف عندك …مين هناك ؟ ” ليفر الفاسدون و يتقى شرهم و لو الى حين ، فى تونس اليوم تناسل الفساد و تكاثر و صار مألوفا و اصبح من السهل و المتيسر جدا اختراق القانون و تكييفه لخدمة مصالح الارهابيين و تجار الدم و الذمم و بيع الاعضاء البشرية و السلاح و المخدرات ، اليوم يتبجح بعض الفاسدين علنا بفسادهم و يتم اطلاق المظاهرات المستهدفة لمراكز الامن بواسطة هؤلاء الذين فقدوا الامل و لم يعد لهم من اختيار إلا الرحيل بحرا او الانتقام من النظام الفاسد بحرق رموز سلطته و هيبته ، اليوم لا يخجل حزب الجبهة الشعبية عن الدعوة علنا لإحراق البلاد بعلة التظاهر كل ذلك بحثا عن جر الدولة الى مربع العنف و ربما القتل حتى تصعد نسبة نجاحه فى الانتخابات البلدية بعد أن يتبنى قتيلا من هؤلاء المجرمين ، لا يخجل الرئيس السابق محمد المرزوقى من سب الشعب جملة و تفصيلا داعيا الى اسقاط الحكومة زاعما أن حكم ثلاثة سنوات الجمر الاخوانية قد كان الحكم الرشيد مع أنه كان من اكثر السنوات العجاف التى مرت على تونس بحيث صار نهب المال العام و ادخال السلاح و تدريب الارهابيين و بيع تونس صبرة واحدة للقطريين حديث القاصى و الدانى و فى عهد الترويكا زرع الرعب و الخوف فى قلوب التونسيين و لم يعد ينفع مع ذلك نداء الدرك المصرى ” قف عندك ..مين هناك ؟ “