لم يكن غريبا قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس لأنها وفقا لعقد الإيجار ستعود ملكيتها لمصر بعد عشرة سنوات وما كان القرار يستدعي ذلك الرد.
لكن الذي دفع إلى سلوك العدوان على مصر سببه ما نطق به وزراء خارجية الدول التي هاجمت مصر , وخلاصته أن ما أغاضها كيف لعربي أن يضرب الأرض بقدميه ويقول أنا أتحدى أنا موجود , لأنه سلوك سيدفع بالعرب للثورة والمواجهة ضد القوى المُستعبدة لوجودهم والمصادرة لثرواتهم وحقوقهم.
فملكية الدول العربية بأسرها صارت من حق الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى , ولا يزال الوضع على حاله حتى اليوم , حيث تم وضع العرب في صناديق الدول والأوطان وسحقهم بالقهر والظلم والحرمان , وحشرهم في أروقة الإصطفاف الإستبدادي المهين على مدى القرن العشرين وما بعده.
فالعرب مصفّدون ومأسورون , ويقفون على رؤوسهم ولا يمكنهم أن يقفوا على أقدامهم ويتحركوا إلى الأمام.
ومصير الوقوف على الرأس أصابهم بتعطيل التفكير وتدمير التدبير , وأغشى بصائرهم وأزرى بوجودهم , فأقدامهم تتحرك في الهواء , ورؤوسهم تغوص في رمال الويلات والتداعيات المتراكمة.
ولهذا ما إستطاع العرب حل مشكلة واحدة واجهتهم ولا تفاعلوا مع مكانهم وزمانهم , فما دامت رؤوسهم معتقلة وعقولهم مصادرة وأقدامهم سابحة في الفضاء , فأن الآخر يتمكن منهم ويتحكم بمصيرهم.
وهكذا فالقول بأن العرب أحرار ويقررون مصيرهم يكون من ضروب الهذيان , وتعبير عن الجهل بما يدور في أروقة الخسران.
فكيف بربك تفسر أن يكون نفط العرب موجها للعدوان على العرب؟
وكيف يصح في الأفهام , أن بلدا غنيا كالعراق يعيش في أوحال الفقر والحرمان؟!!
فهل سنقف على أقدامنا ونرفع رؤوسنا ونقرر مصيرنا؟!!
تلك أمنية أمة وهدف أجيال عليها أن تتحدى بالحكمة وإعمال العقول والإعتصام بإرادة أكون!!