دولة السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي المحترم
نهنئكم بتسنم مسؤوليتكم الجديدة عسى الله ان يوفقكم لكل الخير والسداد في خدمة العراق والعراقيين ولم شتاتهم وتوحيد صفهم لايقاف القتل والارهاب والجريمة والفساد وتقديم صورة متحضرة للاسلام والطائفة التي شوهتها بازارات السياسة.
من ما لاشك فيه إن الإنهيار الأمني الذي حصل في العراق وتناهش الوحوش للإنسان العراقي هو نتيجة وليست سبباً بالمطلق كما لا يتحمل وزر سلبيات المرحلة السابقة شخص واحد طبق نمط سياسي تحت شعار مطور من حكومة المحاصصة الوطنية الى المشاركة الوطنية ومن ثم أكتشف البعض إن معنى (المحاصصة أو المشاركة) ليس له علاقة بالتوازن الوطني بل هو تكريس جذري ودستوري وقانوني للغلو الطائفي وهو بالمعنى التنفيذي (حكومة مشاركة طائفية عرقية لا يمكن أن تكون متوازنة) وبالنتيجة أسست لطائفية إجتماعية ملعونة سحبت معها كل الخبث والدجل السياسي إلى المجتمع لتفتك به وتشرذمه ولتؤسس مجتمع الطوائف إضافة إلى أن ذلك أسس لحكومات جاهلة (غير متخصصة) تتعلم الإدارة والحكم أحاط بها الفاسدون والمرتشون مستغلين الضعف الإداري وقلة الخبرة لدى الرفاق والأخوة المناضلين وابدلت حكومات المحاصصة المتتالية الكفاءة والخبرة بالولاء للحزب او الطائفة او العرق بدلا من الامة فالخبراء ليسوا عملاء! وفشلت كل الحكومات وما اثمرت غير الدمار والخوف
واصبح الشعب العراقي مبتلياً بالطائفية والفساد والمحاصصات التي اوهنته وكسرت ظهره ومهدت للكل هذا الانهيار وكل هذه الاخطار وتتجه بالدولة نحو الضعف والإستعانة بالمليشيات لحمايتها من الدواعش! وإنعدام ثقة الكل بالكل.
فكيف تستعيد الدولة عافيتها وقوتها والتفاف الشعب حولها (ليس لحمايتها) بل لتنفيذ برامجها وطموحها الوطني والثقة بها وايقاف الفساد المستشري في البلد الذي استغاث الناس منه بلا مغيث وأصبح عرفاً طبيعياً في اغلب أجهزة الدولة ومفاصلها …
لابد من حكومة تستطيع أن ( تقفز ) فوق الجهل والتعصب الطائفي وفوق عروش الفساد وعصاباته وفوق التخلف والجهل وفوق المحاصصة القميئة و وحشيتها في عراق مدمر ومتخلف تأكله وحوش الارهاب بكل اشكاله وانماطه و يتعاون الكثيرين على هدم بنيانه من القواعد يقف على ابواب التقسيم المجتمعي والجغرافي والديني وعلى مشارف حرب اهلية يخطط لها بعناية اجرامية ببنية تحتية مهشمة .
لذا التمس من دولتكم دراسة فكرة تاسيس ((حكومة تكنوقراط)) ترشح من قبل حلفائكم ومعارضيكم من الكتل السياسية وحتى غير السياسية لاكتشاف الطاقات والخبرات العراقية الكبيرة والقادرة على عبور هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العراق الحديث واعادة اعمار ما
دمرته الحقب السابقة وايقاف الفساد المستشري في البلد وإعادة الثقة العراقيين بانفسهم ولم شتاتهم …
نعم ستلقى معارضة قوية من الكثير من السياسيين في بداية الامربدت بوادرها منذ الان ولكني اؤكد لك ان (حكومة تكنوقراط) غير سياسية (غير حزبية) ستلقى ترحيب شعبي واسع النطاق وكذلك تفهم عالي من المثقفيين الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء اضافة الى اعجاب دولي منقطع النظير ومؤشر لقوة قراركم وعزيمتكم في اعادة بناء دولة مؤسسات على اسس مهنية وقانونيةغير سياسية طالما كان هناك برلمان سياسي وحزبي فذلك كافي.
دولة تكنوا قراط مؤسساتية صارمة تبني برنامجها لدورة انتخابية واحدة تستطيع اعطاء صورة علمية صحيحة لبناء الدولة؛اؤكد لدولتك انها ستلقى اكبر ترحيب من المرجعية الدينية ومن علماء السنة كذلك اضافة الى القبول والتاييد الشعبي انه تحدي حضاري وسياسي كبير حين تعبر فوق الطائفية والحزبية الى دولة من السهل محاسبتها ولا تستند إلى إلا القوانين والأعراف خاضعة لرقابة أجهزة الدولة والبرلمان والراي العام ولا تتمتع بأي غطاء حزبي يتسترعلى فسادها. أنه تحدي كبيرأتمنى على دولتك خوضه وستجد الكثييرين معك والكثيرين من اعدائك ومعارضيك سيلتحقوا بك وستتوفر لك طاقات وإمكانيات وخبرات قديرة وخبيرة ومتمكنة تسخرهها لتنفيذ برنامجك الحكومي بحكومة لا تخشى محاسبة البرلمان لها بحكم إعتمادها على القانون لا على الأغطية الحزبية والولاءات السياسية لا تملك غير خبراتها وأدائها للنجاح ومن يفشل منهم يتنحى بطرفة عين لا هم لها غير النجاح وستنجح العراقية.
ولقد تجاوز العصر الحكومات الحزبية بالمعنى المنغلق وتحولت الاحزاب السياسية الى مؤسسات بليدة محدودة (الجدوى الإقتصادية) أو منظمات مجتمع مدني عادية ولم تعد تقدم الكثير للمجتمع خصوصاً بعد تطور مفهوم (الدولة الإلكترونية) المعاصرة و (مفهوم المواطنة الإنسانية) و(العدالة الشاملة) و(القانون الموحد) ومفهوم (الإنسان) والتغول المعلوماتي والإعلامي وغادروا مفاهيم أصبحت تراثاً أو خيالاً فلا يوجد عندهم ظلماً يستدعي المطالبة بالعدل ولا دكتاتوريات تستدعي المطالبة بالديمقراطية ولا تمييز يستدعي المطالبة بالمساوات وارتفعت راية الآنسانية بأبهى صورة لها وأصبحت للأقليات ميزة (الرعاية المركزة) ولذوي الإحتياجات الخاصة رعاية خاصة ولم يعد الفساد قادراً على البقاء في ظل السلطة الرابعة وفي ظل سلطات الرقابة الشعبية الصارمة. والحزب الذي يكلف بالوزارة لا يأتي بوزراء حزبيين بل يأتي بوزراء قادرين على تنفيذ أدق واسرع واكفاء لبرنامج الوزارة التي لم تعد (برامج عقائدية أو فكرية) لذا لا تجد برنامج حزبي على إمتداد أوربا يتحدث حول الديمقراطية أو الحرية أو العدالة أو حقوق المواطن أو توفير الخدمات لإن ذلك من بديهايات عمل الدولة بموجب قوانين وأعراف تم تجاوز النقاش فيها وليس لأي حزب فضل في ذلك وبنية الدولة مكتملة وكل البرامج
الحزبية الإنتخابية تتحدث حول الإنتعاش الإقتصادي وحماية البيئة وزيادة التأمينات والرعاية الصحية وزيادة معدلات الرفاهية وفرص التعلم المتقدم وتقليص ساعات العمل وزيادة الأجازات وتأمينها وزيادة الرقابة والعناية الصحية وتشجيع الانتاج الطبيعي و حماية المستهلك بل إن بعض البرامج الإنتخابية (الفرنسية مثلاً) تتحدث عن العلاقة مع الإقليليات غير الوطنية والمهاجرين غير الشرعيين! بل إن بعض البرامج الحزبية تتحدث عن توفير مساحات خضراء أكبر داخل المدن وزراعة الورود والشجر!
نعم لقد إنحسر العمل الحزبي (العقائدي) و المؤسساتي فكل شي مقنن ومبرمج والحرية الفكرية لم تعد تسمح للدولة إحتكار الإعلام أو الفكر وملاء الإرادة أو إستلاب حق التفكير وحرية الإختيار ولم يتبقى أمام الأحزاب غير الفكر الإستراتيجي للدولة وطريقة إدائها وتقديم الخدمات وتعزيز الرفاهية بل إن دور (المعارضة) السياسية بداء بالتلاشي تبعاً للتلاشي التدريجي للأحزاب السياسية نفسها خصوصاً بعد أن بدات مؤسسات الدولة المعاصرة تتغول على إختصاصات الأحزاب (بنعومة) خدمية غاية في الحساسية والذوق وتنعزل عن العمل الحزبي واصبح رسم سياسات الدولة وإقتصادياتها محكوم بأنظمة وقوانيين وحسابات دقيقة وممكننة ومجال الراي فيها لأصحاب الإختصاصات والخبراء عبر معادلات وقوانين وأجهزة وكومبيوترات ومختبرات علمية بحته ليس للسياسين فيها دور مهم غير(التوقيع على قرار مدروس كامل المواصفات) .
وأخيراً أقول في عجالة ان احد اهم مؤشرات الرقي الحضاري للدول هي مدى احترامهم للانسان وصيانتهم للحقوقه المدنية و وضعه الموضع المتقدم على السياسي وعلى اي صفة اخرى لان الانسان هو الأصل في كل النشاط السياسي وهدفه الرقي ليس بالانسان بل ما يقدم له من خدمات ورعاية وضمانات ما بعد الحرية والرفاه . ان صيانة حقوق الانسان العراقي (على الواقع) قد يختزل الكثير من المطاليب ويتضمن اكثر الحقوق وأحسن مؤشر لرقي الدولة ونجاحها! . ولا يخدعنك الطامعين والمغامرين والجهلة بأن العراقيين لا زالوا بعيدين عن الحضارة وعن الرفاهية وعن حقوق الإنسان فتلك أكاذيب باطلة بل أن أكثرها حقوق مدنية شرعها الإسلام قبل الف عام !!
نعم سيدي أنها قفزة حضارية كبرى قد تجعلك في سجل الخالدين الأماجد ولا تكن نسخة معادة من زمن بائد وتجربة مريرة ثبت يقينا فشلها؛أنها لو حدثت ستكون قفزة عابرة للطائفية والمحاصصة والحزبية والتخلف والتحيز وتغيير كل المعطيات الفاسدة المتخلفة الفاشلة والظلم والفساد نحو الوطنية والحضارة و لن تكون وحدك في هذه القفزة بل ستجد كل العراق معك أن العراق يقف اليوم على أعتاب الحاجة إلى نمط آخر للحكم علَ الأمل يولد من جديد.