23 ديسمبر، 2024 6:00 ص

يبقى العراق بحاجة ماسة الى شبكة واسعة من خطوط سكك الحديد تربط شماله بجنوبه ، شرقه بغربه ، مخترقة الحدود الى دول الجوار. فهذه الوسيلة تعد من افضل وسائل النقل واكثرها امانا واقلها كلفة للتنقل ، وهذا ما يجعلها من وسائل النقل المطلوبة والمرغوبة من قبل المواطنين ، اضافة الى رمزيتها وفرص الراحة المتوفرة فيها وهي غير متوفرة في وسائل النقل الاخرى ، مثل كابينات المنام والمطاعم والتجوال في الممرات وغيرها .. هناك قصور واضح في هذا الشأن من قبل الوزارة المعنية .. ومع انها عملت على تحسين خط البصرة بغداد وشراء قطارات (صينية) جديدة واعلنت مؤخرا عن تنفيذ خط سكك حديد بين العراق وايران عن طريق الاستثمار سنأتي على تفاصيل ذلك لاحقا..
المهم في الموضوع ان الاستثمار في مجالات عديدة هو مفتاح تطور العراق وبنائه.. واعتقد ان وزير النقل الذي قاد مفاوضات ناجحة مع شركات الاتصال وفرت حينها للدولة اربعة مليارات دولار سنويا كموارد ، اضافة الى خدمة ناجحة استفاد منها الجمهور العراقي ومازالت اثارها الايجابية واضحة ، لذلك يستطيع الرجل بحكم الخبرة وبحكم كونه الوزير المختص ان يفتح حوارا مع الشركات العالمية المتخصصة بسكك الحديد للاستثمار في العراق عن طريق تنفيذ شبكات سكك باتجاه تركيا و سوريا والاردن والديار المقدسة في المملكة العربية السعودية وايران ، على ان يكون الاتفاق مع الحكومة يشمل التخطيط والتصميم والتنفيذ والتجهيز والادارة مقابل مبالغ سنوية تدفع للحكومة العراقية لتصبح موردا جديدا يضاف الى موارد الميزانية التي بدا المسؤولون عن اعدادها البحث عن مصادر تمويل جديدة بعيدا عن موارد النفط ..
ان مثل هذا الاستثمار من شأنه ان يحرك النشاط الاقتصادي العراقي اضافة الى تفعيل قطاع النقل وانعاش السياحة الدينية بين العراق والبلدان المجاورة فضلا عن توفير فرص عمل لكثير من الشباب العراقي .. الموضوع الذي اثار فيّ هذه الرغبة بالكتابة عن الاستثمار في قطاع السكك هو مانشر حول توجه الشركة العامة للسكك الحديد في العراق الى تنفيذ مشروع لربط خط ( البصرة شلامجة) بين العراق وايران عن طريق الاستثمار .. الغاية منه تسهيل عملية نقل المسافرين لزيارة العتبات المقدسة في البلدين ، اضافة الى نقل البضائع حيث يبلغ طول هذا الخط (32) كم من البصرة الى مدينة خرمشهر الايرانية ، ويلعب هذا الخط دورا مهما في تعزيز التجارة بين البلدين ..
الحقيقة هذا المشروع لا يلبي الطموح مع ان مدير قسم النقل والتشغيل في الشركة العامة للسكك الحديد حاول ان ينفخ في صورته ، واشار ان الخط سيسهم في نقل سبعة الاف مسافر شهريا الى جانب نقل 750 حاوية وحافلة محملة بالبضائع وبالتالي سيسهم في خفض الزخم الذي يشهده منفذ الشلامجة البري الحدودي ..
من المؤكد ان الافكار التي تحدثنا عنها ليست غائبة عن ذهنية وزارة النقل ورؤيتها ممثلة بدائرة التخطيط والاشراف الاستراتيجي ، حيث انها وضعت خطة لربط العراق بدول الجوار ، الا ان الخطة حسب الظاهر بقيت على الورق فحسب ، وهي بحاجة الى قرار شجاع لعرض المشروع المتكامل على الشركات العالمية المتخصصة لعظم الفوائد واهمية هذا الموضوع للبلاد الان ومستقبلا حيث يسهم في تحريك مجموعة قطاعات اقتصادية فضلا عن توفير فرصة تشغيلية للايادي العاملة وبمختلف الاختصاصات . اذن فنحن امام مشروع عملاق اذا ما سعت الوزارة فعلا الى تنفيذه استثماريا فانها ستحقق انجازا غير مسبوق ، وتكون اولى المؤسسات الحكومية التي تسير بالاتجاه الصحيح لتطوير البلاد والعباد ، وتقديم الخدمات للمواطنين والعمل على راحتهم وتأمين تنقلهم الامن.
ما زال قطار طوروس يمثل شبه حلم للعراقيين فهذا الاسم الذي يحمل بين حروفه نغمات الموسيقى التي تشوق المسافر لاعتلاء عربات القطار الصاعد الى الموصل ومن هناك الى سوريا وتركيا وصولا الى اوربا هذا القطار اصبح مجرد ذكرى شانه شان طريق الحرير الذي يحلم الناس ان يسلكوه وصولا الى الصين .. ان العراق من أول البلدان التي انشأ سكك الحديد لذلك نجد ان القطار بقي عالقا في الاذهان خاصة ذلك الصاعد الى الموصل والنازل الى البصرة ، وجسر الحديد الذي يحمل عرباته عبر دجلة مخترقا قلب بغداد، الا ان بريق ذلك التوهج وتلك الذكريات سرعان ما اصبحت بعيدة المنال خاصة وان الخدمات المقدمة الان هي دون المستوى المطلوب وآفاق المستقبل ما زالت مبهمة ولا شيء يشير الى اننا نسافر عن قريب بالاتجاهات الاربعة في عربات مريحة تتهدهد ليلا ونهارا وتمر بمدن وقرى وربوع خضراء تسر الناظرين ..
هل ستفعلها وزارة النقل وترسم البسمة على وجوه العراقيين قبل غيرها من الوزارات الخدمية فتحقق انجازا في زمن قل الانجاز فيه .. وليس ذلك على العراقيين ببعيد .