23 ديسمبر، 2024 5:48 م

قــصة زيــارتـــيـن

قــصة زيــارتـــيـن

بتأريخ الرابع من آذار/مارس 2013، وصلَ الى العراق رئيس وزراء مصر (الإخواني) هشام قنديل في زيارة عمل مَـصحوباً بعدد من الوزراء المُختصين بالمجال الإقتصادي  و60 رجل أعمال مصري!!
في المؤتمر الصحفي المُشترك الذي جرى بعد ساعات من وصول رئيس وزراء مصر، تحدث المالكي عن مشروع لـــــمَـــدْ إنبوب سينقل النفط الخام العراقي الى مصر ((لـــتـكـريـرهِ)) وليس لتصديرهِ الى المُشترين [مثلما يحصل مع إنبوب النفط العراقي ــ التركي] وهناك فرق كبير جداً بين العمليتين من النواحي التجارية طبعاً …
في الواقع إان هذا الأنبوب هو نفس الأنبوب الذي سيتم من خلالهِ  تزويد الاردن بالنفط وليس إنبوب آخر جديد … 
لكن، هنا يجب أن أقول هذه المعلومة وهي: لا توجد في مصر مصافي نفط مُتقدمة جداً أو ذات طاقة إنتاجية هائلة بحيث تزيد عن حاجتها لأنها دولة ليست نفطية بالدرجة الاولى!
وبسبب المعلومة أعلاه فهناك سؤالين يـُــطرحان على الطاولة بقوة:
السؤال الأول: لماذا إذن سيتم ضخ النفط العراقي الخام الى مصر لكي يتم تكريرهُ هناك؟!!
السؤال الثاني: ماذا سيستفيد العراق من هذه العملية؟؟!!
لكي نُجيب على السؤال الأول أقول: معروف للجميع أن مصر هي المُصدّرْ الأول للمحروقات لــكـل من إسرائيل والأردن! ولهذا أستطيع أن أقول بكل ثقة أن مصر [بقيادة الإخوان]!!! ستقوم بتكرير النفط العراقي لكي تقوم بتصديرهُ فيما بعد الى إسرائيل! ومن ثم سوف تستفيد مصر (((مـــاديـــاً)))!!
قبل أن أُجيب على السؤال الثاني، يجب أن أطرح مجموعة أسئلة هامة وهي:
1. كيف حصل هذا الاتفاق الهام بين العراق [المحكوم من قبل حزب مُتعصّبْ مُتطرف وظلامي]  ومصر [المحكومة من قبل حزب مُتعصّبْ مُتطرف وظلامي ولكن من الجهة الآخرى]؟!
2. لماذا حصل هذا الاتفاق الهام الان بالذات؟!
3. السؤال الأهم: لماذا (وكيفَ) سمحت إيران ((الآن)) للمالكي بأن يعقد إتفاق مهم وإستراتيجي مع أكبر دولة عربية (مصر) وهي التي خــــــــرّبت علاقات العراق مع كل محيطهِ العربي؟!!
كلنا نعرف أن العلاقة بين العراق ومصر قد ساءت جداً بعد أن دفعت مصر حياة سفيرها في العراق ثمناً لمحاولة التقرّب التي بذلتها مصر في سنة 2005، وأنا (شخصياً) أعرف ان السفير المصري الذي إستشهد في سنة 2005 قد تمت تصفيتهُ بواسطة المخابرات الإيرانية، لأن إيران لم تكن لتسمح ببناء علاقات جيدة ما بين العراق (الجديد) وبين إخوانه العرب!!!
الجواب على هذه الإسئلة يكمن في أن زيارة (أحمدي نجاد) الأخيرة الى مصر، في القمة الأسلامية الأخيرة!! طلبت حكومة ((الإخوان)) في مصر مساعدة مالية إيرانية لعدة أسباب منها:
1. إن صندوق النقد الدولي مُتردد في منح مصر القرض الذي طلبتهُ.
2. الولايات المتحدة واقفة تتفرج على الأحوال المُستعرة في مصر بل وتزيد في إشتعالها.
3. وصلت الأزمة الأقتصادية المصرية حداً لا يُطاق، والشعب غاضب جداً على الجماعة الظلامية المتطرفة المُسماة (الأخوان المسلمين) مما عرضهم الى خسارة حوالي (80%) من جمهورهم، وهذا ما سنراه في أية إنتخابات قادمة.
4. إبتزاز دول الخليج العربي التي لها خبرة في التعامل مع السياسة المصرية والتي تنتهج إسلوب (البهلوان الذي يلعب على الحبال) من بعد وفاة جمال عبد الناصر والى حد اليوم، فدول الخليج العربي واقعة ما بين نيران لا تعرف كيف تتعامل معها مجتمعة!!
ولكل هذا أعلاه، فأن (أحمدي نجاد) أخبر (الرئيس المصري) بأن يُرسل رئيس وزرائه الى بغداد لكي يأخذ نفط خام وتكررهُ مصر، لأن (أحمدي نجاد) سوف يأمر                    (محافظ العراق المالكي) لكي يمنح مصر ((نفط)) ومن خلاله تستفيد!! فكما يعلم الجميع عــــــراق اليوم هو محافظة إيرانية مَحظة، لا أكثر ولا أقل شاء من شاء وأبى من أبى،،،
الى هنا أنا متأكد أن القارىء العزيز سوف يتسائل: رافد العزاوي لحد الان يتحدث عن زيارة واحدة فقط تمت للعراق … ماذا عن الزيارة الثانية؟
الزيارة الثانية هي لوزير الخارجية الإيراني (علي أكبر صالحي) الذي وصلَ للعراق             [في نفس يوم (4/3)!!!]  عبرَ مطار النجف مُباشرة من طهران!!! في زيارة أراد الإيرانييون أن يُبقوها سرية ولكن رائحتها خرجت الى كل الدنيا!!
كان في إستقبال وزير الخارجية الإيراني عدد من المسؤولين في حكومة النجف المحلية، وقام (علي أكبر صالحي) بزيارة السيستاني وبقية المراجع الشيعية في كربلاء أيضاً!!! وبدون أن يعرف (محافظ العراق ……) بأي شيء!!  
والمضحك أكثر بالموضوع أن هذه الزيارة لم تكن الاولى ففي شهر ديسمبر من عام 2012 أي قبل ثلاثة أشهر فقط قام (علي أكبر صالحي) بنفس الشيء، حيثُ وصلَ للعراق عبرَ مطار النجف مُباشرة من طهران لكي يجتمع مع السيستاني فقط لا أكثر!!
إذن، لماذا حدثت الزيارتين في هذا الوقت بالذات؟
أستطيع أن أقول أن العراق اليوم (مع الأسف) هو الحديقة الخلفية لإيران، ويبدو أن      (علي أكبر صالحي) قد جاء للقيام بإجتماعات مع قيادي مهم من الإخوان المسلمين و رئيس وزراء مصر لترتيب أمور من الصعب ترتيبها في مكان آخر! فمثل هذه الإجتماعات السرية صعب عقدها في مصر من ضمن زيارة الوفد الإيراني، ومن الصعب أن يذهب رئيس وزراء مصر (الإخواني) هشام قنديل الى إيران بصورة سرية لعقد مثل هذه الإجتماعات لأنها سوف تتسجل كنقطة على مصر …
لكن:
 ماذا ستسفيد إيران من منح النفط العراقي لمصر (الأخوان)؟!
الجواب كما يلي:
أ‌. توسيع قاعدة النفوذ الفارسي في المنطقة الى أبعد حد ممكن.
ب‌. منح الدعم والحماية الى ((حماس)) في غزة عن طريق الضغط على مصر بهذا الموضوع.
ت‌. إشعار إسرائيل بأن (إيران) مفيدة وصديقة لها!!
وبهذه الطريقة يثبت لنا يوم بعد آخر أن ما سُمي من ثورات الربيع العربي                (على الرغم من وجوب حدوثها نتيجة الظلم الموجود في تلك الدول) لم تكن سوى سقوط لدول الوطن العربي وصولا الى نظرية الفوضى الخلاقة الأمريكية
وبغض النظر عن الأهداف الأمريكية في المنطقة فأننا يوميا نرى ونتأكد من سقوط التيار الديني الأسلامي (مع شديد الأسف) في مستنقعات العمالة لأعداء الأسلام والعروبة بل والمساعدة في تهديم الدول كأنظمة وليس هدم النظم السياسية المُستبدة !!
وما وجود (القرضاوي) والفتاوي الجاهزة من قبلهِ الا دليل على ما أقول …  

للأسف الشديد أقول: إن أمس أحسن من اليوم !!! واليوم أحسن من غداً ولا أمل إطلاقاً في كل ما يحدث حولنا فهناك قوة كبرى هي التي ترغب وتأمر بما تشاء وسيكون هناك ضحايا كثيرون جداً فإستعدوا