18 ديسمبر، 2024 8:15 م

قطع الكيبلات ولا قطع الأرزاق!!

قطع الكيبلات ولا قطع الأرزاق!!

منذ أن اتضح أن توفير الكهرباء بصورة مستمرة أصبح مشكلة عصية على الحلّ، وبعد أن انتشرت سريعا جداً المولدات الأهلية، وتكاثرت كالذباب محال بيع المولدات المنزلية بمختلف أحجامها وماركاتها، ومثلها آلاف المحال التي تعتاش على بيع لوازم “السحب” وصيانة المولدات الكهربائية، وخلفهم أعداد لا حصر لها من التجار “القذرين”، منذ ذلك الوقت كان السؤال الأكثر إلحاحاً وإصرارا وهيمنة وتسلطاً وسطوة: ماذا يمكن أن يفعل المستفيد من هذا الخراب لديمومة أرباحه الفاحشة واستمرار تجارته الرائجة؟!

أسكن في محلة تحيط بها مساكن العشوائيات (الحواسم) من جهاتها الأربع، وكالعادة في مثل الحالة هذه، فأن ساكني هذه العشوائيات يغذون دورهم من كهرباء المحلة، فيزيدون من الأحمال على (المحولة والكيبلات)، التي تدمن محاولاتها الانفجار وكيبلاتها القطع والاحتراق، بما وفر فرصة كبيرة ودخلاً كبيراً لعمال الصيانة الموظفين في دائرة الكهرباء التي تقع المحلة ضمن نطاق عملهم!!

عمال الصيانة وفرّت لهم الكيبلات المقطوعة المتدلية من أعمدتها دخلاً ثابتاً لسنوات، فإذ يُقطع كابل نحاسي ما يسحبه العمال ويركنوه في سيارتهم ويذهب إلى جهة مجهولة، ويؤتى بآخر جديد من (الفافون). ولزيادة الدخل تعمدوا عدم ربط الكيبلات الثلاثة المقسمة بين البيوت بل يربطون واحداً فقط أو اثنين في أفضل الأحوال بهدف زيادة الحمل على البقية وانتظار قطعه قريباً.. علماً أن عمال الصيانة لن يحضروا إلا بعد أن تتكفل المحلة بجمع مبلغ من المال لاصلاح العطب، ولكَ أن تتخيل أرباح هذا الرزق الحلال!!

ما يفعله عمال الصيانة البسطاء لا يعدّ شيئاً أمام ما يفعله كبار المسؤولين لإدامة الخراب، إذ روى لي أحد الأصدقاء أن أبراج الضغط العالي في محافظته تتعرض باستمرار لأعمال تخريبية تؤدي إلى سقوط عدد منها، وإذ تكررت الحالة غير مرّة، ساور الشك بعضهم، فتأكدوا بعد المراقبة أن أحد المدراء في دائرة كهرباء المحافظة المعني بصيانة هذه الأبراج اتفق مع شركة معنية بصيانة أي برج يتضرر بمبلغ مليون دينار عراقي في حين تصرف الوزارة ثلاثة ملايين عن البرج الواحد!!

ما يفعله عمال الصيانة وكبار المسؤولين لا يرقى، بالتأكيد، إلى ما يبتكره أصحاب المناصب العليا في الدولة والحكومة الواثقين جداً جداً أن بقاءهم وثراءهم مرتبط بخرابنا وموتنا وعذابنا. بعد هذا هل هناك من يصدق أن مسؤولاً ما سيذهب إلى “الإصلاح” الذي إن حضر سقط المسؤول وطار منصبه العالي؟!!