23 ديسمبر، 2024 6:06 ص

قطاع الطيران العراقي خارج الشرعية الدولية..والسبب برامج تدقيق !

قطاع الطيران العراقي خارج الشرعية الدولية..والسبب برامج تدقيق !

أجراءات التعامل مع الطائرة ليست كالتعامل مع القطار أو السيارة او الباخرة , فتلك الالة المعقدة التركيب التي تسبح في سماوات العالم ومحملة بأرواح بشرية لها سياقات تشغيلية تخصصية تعمل وفق معايير ولوائح تفرضها المنظمات الدولية الخاصة بالطيران من خلال قانون الطيران المدني العام وملاحقه , كما تتم مراقبة تطبيق هذا القانون على أرض الواقع من خلال برامج تدقيقية خاصة تضعها تلك المنظمات لكشف حالات الخطأ ووضع الية تصحيحه .
لذلك تعتبر إدارة الطيران عملية تخصصية معقدة تحتاج توفر عوامل نجاح لديمومتها وأول تلك العوامل هو وجود الموارد البشرية المختصة التي لديها القابلية على التعامل بحرفية مع المعايير واللوائح التي وضعتها منظمات الطيران العالمية مثل الايكاو والاياتا والاياسا وأسست لها أليات مراقبة تطبيقها من قبل سلطات الطيران المدني لكل دولة ضمن مظلة هذه المنظمات من خلال برامج تدقيق وتفتيش متخصصة تستهدف ( الطائرة، إدارة الطائرة والعاملين عليها، وإدارة المعدات والخدمات الأرضية المساندة لعمل الطائرة) وتشرف عليها أي هذه المنظمات بواسطة فرق تفتيش دولية تجنبا للوقوع في أزمات وحوادث تؤثرعلى ارواح المسافرين , وبالتأكيد في العراق يجب أن تكون سلطة الطيران المدني معنية بهذا الأمر أيضا .
أهم هذه البرامج واشهرها هو برنامج العالمي لتدقيق مراقبة السلامة التشغيلية USOAP الذي فرضته المنظمة الدولية للطيران المدني الايكاو على سلطات الطيران المدني حول العالم بهدف تقييم نُظُم مراقبة السلامة التي تطبقها تلك السلطات في نشاطها اليومي الذي يشمل نظم الإدارة ORG. والعمليات الجوية FLT. ومراقبة الرحلات و الترحيل الجوي DSP. وهندسة الطائرات و الصيانة MNT. والعمليات داخل مقصورة الطائرة CAB وعمليات المناولة الأرضية GRH. والشحن CGO. بالاضافة الى إدارة الأمن SEC., بغرض ضمان سلامة الطيران حول العالم وبمناسبة الحديث عن هذا البرنامج يعتبر العراق حاليا من ضمن خمس دول في العالم لم تطبق سلطة الطيران المدني فيه هذا البرنامج مما جعل الايكاو يخرج اسم العراق من قائمته علما ان العراق من أوائل الموقعين على اتفاقية شيكاغو التي اسست هذه المنظمة والسبب في هذا هو سوء ادارة ملف الطيران من قبل مسؤوليه الحاليين , هذا الابتعاد عن المنظمة الدولية للطيران المدني العالمية جعلتنا خارج الشرعية الدولية في مجال الطيران رسميا وسببت لنا من الازمات والمشاكل الكثير لعل أبرزها وكما اسلفنا سابقا الحظر الاوربي على طيران الخطوط الجوية العراقية وايضا الازمة الادارية المتعلقة بالعائدية القطاعية لمطاراتنا , حيث تعمل بعض مطاراتنا ومنها مطار العاصمة بغداد خارج المعايير العالمية التي تعمل بها كل مطارات العالم كون الذي يشرف ويراقب هو نفسه الذي يقدم الخدمات وأقصد بها سلطة الطيران المدني العراقي في مخالفة قانونية دولية بأعتبار ان السلطة جهة رقابية وأشرافية وليست خدمية , يضاف الى تلك المشاكل أنعدام وجود مراكز تدريبية متخصصة في علوم الطيران وكذلك عدم توفر مراكز صيانة للطائرات عديدة في قطاع الطيران العراقي برغم تاريخنا الطويل في هذا المجال المقارب لقرن من الزمان .
أما البرنامج الاخر والذي يراقب أداء النقل الجوي في العالم هو برنامج تدقيق السلامة التشغيلية IOSA الخاص بشركات الخطوط الجوية والذي ألزمت به الاياتا ( الاتحاد الدولي للناقليين الجويين في العالم ) جميع شركات الخطوط الجوية كافة بتطبيقه ضمانا لسلامة الرحلات الجوية التي تنقل ملايين الناس حول العالم , وهو شبيه لحد كبير بخطوات تطبيق برنامج USOAP الذي تكلمنا عنه انفا , فهو نظام مراجعة و تدقيق معترف به ومقبول عالمياً لتقييم الإدارة التنظيمية (أنظمة المراقبة و التحكم) والإدارة التشغيلية (العمليات) في شركات النقل الجوي وشبه مفروض عليها كون أن اجتياز هذا البرنامج بنجاح هو شرط أساسي للبقاء ضمن منظمة الاياتا العالمية , حيث أشارت التقارير الصادرة من IATA بأن حوادث شركات الطيران المسجلة في هذا البرنامج أقل بنسبة 77% من تلك الغير مسجلة , ولكن مع الأسف عندما نتحدث عن ناقلنا الوطني ((الخطوط الجوية العراقية)) نقول انه لم يجتاز هذا التدقيق لذلك حاليا الخطوط العراقية غير منضوية تحت مظلة الاياتا , وهو مايعتبره المختصين من أحد أهم الأسباب العملية لبقاء الخطوط الجوية العراقية تحت بند الحظر الاوربي وهو ايضا ماأشارت اليه التوصيات الصادرة من خبراء الإياتا في خلاصة تقاريرها عامي ٢٠١٦ و٢٠١٩ عن واقع الخطوط الجوية العراقية بضرورة العودة تحت مظلة الاياتا لضمان ديمومة عملها مستقبلا , ولكن يبقى الفشل الاداري هو المسيطر على قطاع الطيران العراقي في عدم تطبيقه لقوانين الطيران العالمية , أما البرنامج التدقيقي الثالث والذي وضعته الاياتا يخص شركات الخدمات الأرضية التي تتعامل مع الطائرة أثناء توقفها في المطار وهو مايطلق عليه ببرنامج ISAGO وهو الخاص بتطبيق المعايير التي تضمن تكامل عمليات السلامة بين الطائرة والمعدات الأرضية التي تقدم خدماتها للطائرة قبل وبعد الرحلة الجوية من تجهيز للوقود، ونقل المسافرين من وال الطائرة، وتنظيف الطائرة وتحميل العفش وأمور أخرى بهدف اساسي ومهم هو تخفيض الحوادث الناتجة عن العمليات الأرضية حول الطائرات لأقل قدر ممكن.
الفكرة التي أردت ايصالها للقاريء من خلال مقالتي هي ان التعامل مع الطائرة ليست كالتعامل مع وسائل النقل الاخرى في تشغيلها وانما للطائرة خصوصية في عملها وفق لوائح وقوانين تضمن سلامة وامن من يستخدم الطيران كوسيلة نقل , لذلك دعوت ومن خلال منابر عديدة الى أيلاء قطاع الطيران العراقي اهتمام اكبر بهذه البرامج التدقيقية التي لم يجتازها لحد ساعة كتابتنا المقالة ومنذ سنوات عديدة وهو ماسبب لنا (اي لقطاع الطيران العراقي ) مشاكل وازمات عديدة بسبب بعدنا عن ماتصدره تلك المنظمات الدولية للطيران من لوائح ومعايير محدثة عن الطيران وبالتالي هذه الاخطاء جعلتنا بعيدين عن التطور العالمي الحاصل في هذا المجال المتجدد , فلاأعلم لماذا التهاون مع هكذا أمور تتعلق بأرواح البشر !