17 نوفمبر، 2024 4:18 م
Search
Close this search box.

قضيّة سليم الجبوري

قضيّة سليم الجبوري

رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته، سليم الجبوري، مُني بخسارة موجِعة للغاية في الانتخابات الأخيرة، فقد تدحرجَ من علياء رئاسة البرلمان إلى الهوّة التي يتكدّس عندها 37 مليون مواطن عراقي يعاني ربعهم من الفقر والحرمان ولا يجدُ ربع القادرين على العمل منهم فرصةً للعمل، بمَنْ فيهم حملة شهادات جامعية أولية وعليا مضت على تخرّجهم سنوات تصل الى العشر وأكثر.
لا يريد السيد الجبوري التسليم بهزيمته، فيبدو الأكثر حماسة لإعادة النظر في نتائج العملية الانتخابية الأخيرة. هو لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب أو فضة، لكنّه راغب في أن تظلّ ملعقة الذهب التي تعرّف عليها بعد ترؤسه البرلمان، بين أصابعه وفي فمه الى الأبد.
السيد الجبوري واحد من العشرات من أهل الصول والجول والهيلمان الذين أطيحوا في هذه الانتخابات، بيد أنه لا يريد أن يدرك أنّ هذه هي الديمقراطية، لا تُفسح في المجال لأحد كيما يمكث في السلطة إلى الأبد.
والسيد الجبوري هو في الواقع من أكثر هؤلاء العشرات استحقاقاً للهزيمة.. الناخبون عاقبوا على نحو خاص معظم المتورطين في قضايا الفساد والمسؤولين عن الفشل في إدارة الدولة. الفشل في إدارة الدولة تتقاسمه السلطتان التنفيذية والتشريعية، والسيد الجبوري كان رأس السلطة التشريعية. الناخبون قرّروا أنّ السلطة التشريعية فشلت في مهمتها التي انتخبت من أجلها، وهي تشريع القوانين ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، فأسقطوا معظم أفرادها من أعضاء الدورة التي ستنتهي الآن.
السنوات الأربع الماضية التي ترأس فيها السيد الجبوري مجلس النواب كانت مجرد إضافة أخرى الى سنوات الفشل.. في دورة السيد الجبوري لم تُشرَّع القوانين المؤجّلة التي كان مُفترضاً تشريعها منذ دورات عدة، وبخاصة قوانين بناء الدولة.. وفي دورة السيد الجبوري لم يُعدّل الدستور الواجب التعديل منذ 2007، ولم يُلغَ نظام المحاصصة، كما وعد هو ومَنْ معه.. وفي دورة السيد الجبوري شُرِّعت قوانين عدّة لم تكن للشعب العراقي مصلحة فيها، أحدها وأخطرها قانون العفو العام الذي لعب السيد الجبوري دوراً كبيراً في تمريره داخل مجلس النواب، وهو واحد من أسوأ القوانين المشرّعة في العهد الحالي، فقد عفا عن المئات من الإرهابيين القتلة الذين تسبّبوا في إزهاق الأرواح البريئة لعشرات الآلاف من العراقيين، وفي تدمير المئات من المدارس والمستشفيات والأسواق ومؤسسات الدولة والأملاك الخاصة، كما عفا (القانون)عن المئات من الفاسدين والمفسدين مالياً وإدارياً الذين”فرهدوا”المال العام ومدّوا أيديهم إلى الأملاك الشخصية فضلاً عن أملاك الدولة، وحوّلوا العراق إلى واحدة من أفقر الدول، وجعلوا من الحياة فيه أسوأ ما تكون.
فكيف يستنكر السيد الجبوري على الناخبين عدم التصويت له، مشكِّكاً في النتائج المُعلنة؟… بل كيف يتصوّر أنّ العراقيين شعب بلا ذاكرة؟!

أحدث المقالات