تتذكرون، كانت فلسطين وحدها قضيتنا المركزية، لاينازعها على الأحداث حادث، فهي في كل يوم لها عنوان كبير يتصدر الصحف، وشغل كل القمم العربية.
لكن فلسطين القدس، والأقصى، وزهرة المدائن، ظلت قضية وستبقى قضية ، غير أنها لم تعد قضيتنا المركزية.
نعم هناك فيالق بإسمها، وأسلحة، وصواريخ، وعربات مدرعة، لكنها مستنفرة، لشعوبنا المتآمرة، ومتى تحقق النصر لحكامنا، وسحقوا التمرد هنا وهنا وهنا، كان عليهم أن يعيدوا الهيكلة، ويشتروا أسلحة جديدة مزلزلة، ويدربوا جنودهم للمنازلة، فلسطين، لا، وإنما لتمرد ظهر هنا، وخرج هنا، وهكذا تستمر السلسلة.
مجازر .. وطائرات مزمجرة .. براميل متفجرة.. قصف بالأسلحة التقليدية والمدمرة، ضد الشعوب التي خرجت عن السيطرة، لكن حكامنا أفتوا وقالوا : أنها مؤامرة، وحتى يبالغوا في سفك الدماء، وضعوا لها أصابع أجنبية، ثم حاكوا ولاكوا وطبلوا وزمروا “مخططات صهيونية”، وكل هذا من أجل القضية .. فلسطين الأبية.
أية قضية .. ولنا في كل شبر قضية، ودير ياسين، وكفر قاسم، ومجازر غطت الأرض وعجت بشكواها الى السماء، مركزية وغير مركزية، هجرونا، سجنوننا، عذبونا، أفقدونا حتى الهوية، البحار تشهد والقفار، أننا لم نعد نملك قضية.
أي نعم، عندي قضية، أعبر البحر وأخاطر، كي أهاجر، كي أفر من القنابر، والرصاص ، كي أعيش بأمان، وأتخلص من قيود أثقلتني، وأعيد كياني، الذي ضاع بالأماني الخائبات، في وطن غيبته الترهات.
ها، قضية، خائف يبحث عن ملاذ، آخر يرجو الشفاء، ثالث لقمة عيش عزت عليه برغم الثراء، رابع، خامس، سادس، كل واحد في قضية .. غربتي في وطني أشقى قضية .
حسرة ياقدس، يا أقصى ، يادرب من مروا الى السماء، لكن عذري أصبح عندي الآن قضية .. ألف قضية مركزية!!.