19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

قضايا المصير العربي ..!!؟

قضايا المصير العربي ..!!؟

التطورات المتلاحقة المتسارعة العاصفة التي تشهدها المتطقة ، تهدف الى تصفية القضايا المركزية والمصيرية الكبرى لشعربنا العربية ، الرازحة تحت نير الظلم والقهر والتخلف والاستبداد ، والقضاء على كل بارقة أمل في التغيير والتحولات الجذرية الاجتماعية والاقتصادية العصرية الحضارية ، وسلب ومنع دور هذه الشعوب النهضوي الفاعل والمؤثر في بناء المستقبل ، وتأسيس مجتمعات مدنية ديمقراطية حضارية وتقدمية وتعددية تساهم في الحضارة الانسانية .

وما من شك ان القضايا الاستراتيجية التي يواجهها العالم العربي في كل من سوريا والعراق ولبنان وفلسطين ومصر وتونس واليمن وليبيا وسواها من الاقطار العربية ، تجري محاولات حثيثة ودؤوبة لتصفية هذه القضايا من خلال اثارة الفتن الطائفية والمذهبية والاقليمية والعشائرية وتعميقها ، وتغذية الانقسامات والتشرذمات والاحترابات الداخلية ، بغية تفكيك هذه الدول وتحويلها الى دول متنازعة ومتخاصمة ومتناحرة ، لتكريس واقع التمزق الداخلي بين شعوب المنطقة ، وكل ذلك دليل واضح على حجم التأثيرات والمؤثرات والنتائج السلبية التي لحقت بالحركة القومية وحركة التحرر الوطني العربية وفكر التنوير العربي ، والاخفاق في مشاريع النهضة والاصلاح ، وفشل بناء مجتمعات مدنية حضارية وعلمانية ،

يتحقق فيها الفصل بين الدين والسياسة والدولة ، وكذلك سيطرة الفكر السياسي السلفي الاصولي التكفيري على جزء واسع من الطبقات الشعبية الفقيرة المهمشة في الاوطان العربية الذي لا يطرح الاجوبة على اسئلة وقضايا ومشاكل العصر ، وبدون رؤية مستقبلية اشراقية لهذه الشعوب .

هنالك انظمة عربية مأزومة ، وثقافة هذه الانظمة هي التي تعاني بالاساس من ازمة ، فالثقافة الحقيقية لا تتأثر بالنظام ، ولا تزهر ولا تبسق ولا تسقط معه ، بينما الثقافة السلطوية المؤسساتية التي تستمد وجودها وتنفس من رئة ووجود المؤسسة الحاكمة نفسها هي التي تعاني أزمة حادة ، ولذلك فان الثقافة العربية التي سقطت وتواجه ازمة هي التي ترعرعت ونمت في احضان السلطان وفي ظل السلطة ، وهذه الثقافة وجدت نفسها خارج اطار وبوتقة ووعاء الثقافة العربية التي نشأت وازدهرت خارج دوائر السلطة .

وثمة محاولات سلطوية بائسة ومرفوضة تستهدف افراغ هذه الثقافة من مضامينها وافقادها قيمتها ودورها التعبوي التحريضي في المجتمع ، والانظمة العربية الرجعية البائدة معادية بطبيعتها للفكر التحرري الاستقلالي الديمقراطي ، وللثقافة التنويرية العقلانية المضيئة الحقيقية ، الثقافة الشعبية الجماهيرية الديمقراطية ، التي تخدم مشاريع الثورة والتقدم والتغيير والمستقبل ، وهذه الانظمة معنية بتشويه صورة الثقافة المستنيرة وطابعها التقدمي العقلاني ليس في عيون شعوبها فحسب ، وانما في عيون من يسمون انفسهم ” مثقفين ” ، وكم من ” مثقف ” وقع في هذا الشرك واصبح ينفخ ويغرد في جوقات النشاز التي تعلن افلاس الثقافة تحت يافطة وشعار ” أرمة الثقافة ” .

ما يجري في العالم العربي من تغليب للمصالح الفردية والمؤسساتية ، والاعتبارات الطائفية والاقليمية والحمائلية الفئؤية والطبقية على حساب المصلحة الوطنية والقومية ، فضلاً عن غياب الارادة السياسية والاستراتيجية للخروج من هذا الواقع البائس والمستنقع الآسن ، من خلال تدويل كل القضايا المصيرية ، وكل ذلك ان دل على شيء فانه يدل على افلاس وازمة الانظمة السياسية العربية وقياداتها ومؤسساتها ، وحتى الدول التي قامت فيها الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية في اطار ما سمي ” ثورات الربيع العربي ” وتغيرت انظمتها ، وقعت في فخ السياسة الامريكية ًوالاستعمارية وظلت تشرب من بئرها ، وذلك يؤكد على اخفاق القوى والتيارات التقدمية اليسارية العلمانية والنخب الثقافية والفكرية في لعب دورها الطليعي الريادي القيادي المؤثر لاجل احداث مشاركة فعالة للأوساط الشعبية في التصدي وافشال المخططات التأمرية والمشاريع الاستعمارية التقسيمية في المنطقة ، الرامية الى بناء شرق اوسط جديد ، والسيطرة على الثروات الطبيعية وآبار النفط في الخليج العربي .

المرحلة الراهنة تتطلب التصدي بكل قوة وشراسة للسياسة والهجمة الامريكية التي تشجع الانقسامات الطائفية ، وتقف ضد احلام وطموحات وآمال الشعوب العربية وفي طليعتها شعبنا الفلسطيني ، وتقدم الدعم المطلق للمؤسسة الصهيونية الحاكمة ، وتمارس سياسة الحصار والتجويع تجاه الشعب الفلسطيني بهدف تكريس الاحتلال الصهيوني للمناطق المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، واخضاع شعبنا للاملاءات الاسرانيلية الامريكية ، تحت حجج وذرائع واهية وكاذبة ” محاربة ومكافحة الارهاب ” ، وهي التي تقف على راس قوى الارهاب في العالم وتدعم قوى التطرف والقتل والحرب في سوريا والعراق ولبنان ومصر وليبيا وغيرها .

ان التصدي ومقاومة المشاريع الامريكية والامبريالية في المنطقة يتطلب وحدة الشعوب العربية وقواها الطامحة بالحرية والحالمة بالتغيير والعطشى للديمقراطية والعدالة لاجتماعية ، لتأخذ دورها الحقيقي في قيادة الجماهير وتعبئتها نحو قيام ثورة ديمقراطية سلمية حقيقية لاجل الاصلاح وانجاز حلم تدشين بناء المجتمع الديمقراطي التقدمي الحضاري الحداثوي الذي يحقق السعادة والرخاء الاقتصادي لشعوبنا العربية .