18 ديسمبر، 2024 10:06 م

رواية «د. قصي الشَّيخ عسكر» “قصَّة عائِلَة” تبدأ أحداثها عام 1996م، بسَفر الشّاب الضّابط المُلازم أوَّل First-Lieutenant (ص17. هاني نجم) الوَسيم طَويل القامة المُفعم حيويَّة وأحلاماً مع جَدول الترقيات الذي يُحيل نجمَتيّ عطفيه إلى رتبة “عميد Brigadier-General أو زعيم” التي عُرف بها مِثالَهُ الجَّليل الجَّميل مُؤسّس “جُمهوريَّة العِراق” الخالِدَة على أرض الرّافِدين «عبدالكريم قاسِم»، لأنَّ هاني نجم اليسارَويّ الاتجاه، يتوَجَّه إلى ألمانيا، ليهبَ فصيلَة دَمه العبيط القاني إلى فلَذَّةِ كبده المُصاب بابيضاض سرطان الدَّم Blood cancer, Leukemia، جرّاء غازات غزَوات حرب الخليج، بيدَ أنَّ الرَّدى أسرَعَ فأودى بالفتي ابنه فتستدعي الأحداث عام 1959م، الأوَّل الأساس لبَدأ مِحنة عائلَة (الحاج نجم)؛ ابنه البــِكْر يُنقـَل مِن العاصِمة الحبيبة بغداد إلى الوحدة العسكريَّة في حاضِرَة البصرَة الطَّيّبة الخربة الحلوب، يصحب معه عائلته واخوانه، ويسكنون دور الضُّبّاط، وذات يوم يُهرَع إلى دارَته الجُّندي المُراسل، يُنبيه قيام مُلَثّمون في سريته جُنود، بجُنون جُرم قتل وسحل عقيد Colonel جلال القوميّ الحقود على الجُّنود والزَّعيم كريم قاسِم واليسار الشُّيوعي، يعتبرهم مَدّ جراثيم يجب اقصاءهم من الوجود، مَوسِم جزرهم وحصادَهم المُرّ قادِم، والرّيح الصَّفراء كفبركات الصُّحُف الصَّفراء الخبيثة تعول وتُهوّل كدَمات لَكمات كلِمات؛ لَكزَاً و رَكلَاً ولَيَّاً لِعُنقِ الحقيقة بإسقاط ظِلال حُمولَة مُؤامرة تُعِدّ لانقلابٍ عسكريٍّ ضدّ الزَّعيم، وقد اُتهم مُلازم اوَّل (هاني نجم) بأنه مُدَبّر الجَّريمة دِفاعاً عن الزَّعيم الأمين، وفعله بطولي نبيل في افشال مُخططات الثورَة المُضادَّة، وإنْ اُعتبرَ في مناطق ومُدن اُخرى، مُتهم بجريمة قتل يجب القَصاص مِنه بالقتل، ورُغم انّ الضّابط (هاني نجم) كان في دارَته ساعة وقوع الجَّريمة، ولكن الغوغاء والرُّعاع مِن طوابعهم الحماس والسخط، ففي مدرسة شقيقه (هِشام نجم) رفعوه الطَّلبة على الاكتاف كونهُ شقيق البطل الضّابط (هاني نجم)، ورددوا هُتافات تطويب لجريمة قتل عقيد جلال “عاش هاني نجم … يسقط العقيد جلال .. يسقط الخونة … عاش هِشام نجم .. عاشت جميلة بوحيرد .. عاش كاسترو” ص31. حاول الضّابط البريء المُلتبَس لبوس إبليس، بالجُّرم، إنقاذ القتيل، متأخراً، ومُبلغاً الجهات المعنيَّة. اُحتجز واُحيل الى مجلِس تحقيقي، وكان يجأر في كُلّ تحقيق عسكري، بأنه بريء، لم يكن في السَّريَّة وقت حدوث الجَّريمة بقوله (اختلف معه في الرَّأي نعم. كان قوميّاً وانا يساريّ. نعم . اُحِبّ الزَّعيم وهو يكرهه. صحيح. هذه الاُمور لا تدفعني للقتل. ولو قتلت لما انكرت. الجَّميع يعلم أني كُنت خارج السَّريَّة حال وقوع الجريمة) ص50. اُحيلت اوراقه إلى المحكمة العسكريَّة العُليا، التي يترئسها العقيد (شمس عبدالله، قومي بعثي، كان يحكم على انصار الزَّعيم واليساريّين بأحكام قاسية قطعيَّة، وتُشكّل حالَة فريدة في تاريخ العِراق، إذ أنه يترئس محكمة تحاكم انصار الحكومة ومؤيديها) ص53. يبادر (هاني نجم) بأن يستدعي شقيقه (هِشام 13 عاماً) ويطلب مِنه السَّفر حالاً إلى بغداد، ويعطيه مبلغ (خمسين ديناراً) يوصلها إلى صديقه (عبّاس الحاج عليوي صاحب سوبرماركت) لِيُوَكّل المحامي (قاسم كُبّة) لدفاع عنه. لكن النتيجة، حكم بالسَّجن سبع سنوات، يُرحَّل خـَلَلَها ببين المَحابس وطُردت عائلته مِن دارَة الضُّبّاط، وقُطِع المُرتب، وجدت عائلة (الحاج نجم) نفسها في فجاجَةٍ فجاعَةٍ مَجاعَةٍ فجاءَةٍ فريسة شريدَة اضطرَّت العودَة إلى بغداد التي بدَت بغداد غريبة وحشيَّة، لا إلف ولا مألوف. يقول هِشام (بغداد التي ألفناها بدت غريبة عنا . تلك المدينة التي شهدت ولادتي وطفولتي . ادركتها في حال بؤس وسورة دم، حزن وصخب . دامية تنظر ألينا بأستغراب . كأن الدم الذي انفجر من العقيد المغدور، وطالتنا شظاياه في البصرة مازال يلاحقنا نحن الابرياء) ص94 . وبعد لأيٍّ ولُتيّا حطَّ بهم النَّوى في مِنطقة (الرَّحمانيَّة)، وسجَّل هِشام في مدرسة ثانوية في مِنطقة (الجّعيفر) ذات السِّمة القومي بعثيَّة، وحين اُكتشفَ هِشام بأنه شقيق الضّابط قاتل عقيد جلال اُهتبلَت سانِحَة الثأر، لكن مُدير المدرَسة مِن مِنطقة (الجّعيفر) انقذه وطلب منه البحث عن مدرسة اُخرى، فاتقلَ إلى مدرسة في مدينة (الكاظِميَّة) أهلوها يساريّون محبّو الزَّعيم. وآنَ عرفوه شقيق الضّابط البطل، مدّوا لَهُ يد المُنقِذ تِلقاءَ شآبيب كاظِمةٍ ودِفء الرَّحِم العميم الحميم الرَّحيم والتقى التدريسي اليسارَوي (الاُستاذ والكاتب المعروف محمد شرارة . والد المُترجمة والاُستاذة الجّامعيَّة الأديبة الناقِدَة المرحومة حياة شرارَة) ص123. وبشَفاعَةٍ حَسَنةٍ مِن لَدو أقاربه، عملَ في بلدية العاصمة كمراقب، لكن عليه ان يقول بأنَّ عُمره 17 عاماً، وليس عُمره الحقيقي 13 عاماً. وذات عيد فكّر هِشام في مغامرة غير محسوبة العواقب، ان يزور بيت العقيد (عبدالرَّزاق النايف) في مِنطقة اليرموك، وكان آنذاك (مُدير الاستخبارات العسكريَّة في جُمهوريَّة عبدالكريم قاسم. وُلد في الفلوجة. رئيس وزراء العِراق بعد انقلاب 17 تموز 1968م. بقي في الوزارة شُؤم 13 يوم لانقلاب 30 تموز، ثم نفي إلى لندن واغتيل فيها بتكليف مِن صدّام حسين) ص179. وانسلّ بين المُهنئين، وبعد خلوّ صالة الاستقبال مِن المُنافقين، تطلّع العقيد إلى وجود صبي صغير كالجَّريدَةِ وحيداً، استغرب لماذا لم يذهب مع ذويه، فبكى وافصح عن حاجته بأن شقيقه مسجون بريء، فتعاطف معه وطلب منه ان يكفّ عن البكاء لأنه رجُل، قالَ لَه (انت ضيفي. عيب، نحن عرب نُكرم الضّيف، فكيف وانت جئت إليَّ في العيد) ص183، فأدارة قرص الهاتِف وأمرَ بإطلاق سراح هاني، ولَدى عودَة تسلّط عصابة البعث الفاشست، دوهِمَت دارَة هاني ليلاً وأطلقَ الفاشست الرَّصاص عليه، لكنه هرب في اللحظة المناسبة، وانقذ حياته من الموت المحقق، وبعد أيّام اعتقلوا شقيقه نُعمان ( 16 عاماً) بتهمة الانتماء إلى الحزب الشُّيوعي، وسيقَ إلى مطامير النهاية وأفلَتهُ الحظُّ، ثمَّ جاءَ رسولٌ مِن هاني يخبر بأنه نوى الهروب إلى الجّارَة إيران ثثمَّ الاتحاد السوفيتي عبر أهوار العمارة ويطلب شقيقته (هناء) وابنها الرَّضيع، للتمويه على نقاط التفتيش، لكن أمن الشّاه قبضه وارجعه إلى العِراق، وكان انقلاب القوميّين على البعث، أقلّ وَطأة.