23 ديسمبر، 2024 3:53 ص

قصّة الأطفال”رحلات أبي الحروف” والثقافة

قصّة الأطفال”رحلات أبي الحروف” والثقافة

عن دار الهدى للطباعة والنشر كريم 2001م.ض.”في كفر قرع صدرت هذا العم 2021 قصّة “رحلات أبي الحروف في الأقطار العربيّة”، للكاتبة الفلسطينيّة فاطمة كيوان، وتقع القصّة التي زيّنتها رسومات منار الهرم، ودقّقتها لغويّا لينا عثامنة في 24 صفحة مصقولة ومفروزة الألوان، وبغلاف مقوّى في 24 صفحة من الحجم الكبير.

عندما قرأت هذه القصّة توقّفت أمام العنوان”رحلات أبي الحروف في الأقطار العربيّة”، فمن هو أبو الحروف هذا؟ ومن يكون؟ وعندما بحثت عن أبي الحروف وجدت أنّ:” أبا الحروف شخصيّة كرتونيّة تظهر في فقرة مغامرات أبي الحروف من برنامج الأطفال التلفزيونيّ الأردنيّ (المناهل). مهمة أبي الحروف إرجاع الكلمات إلى أصلها بعد أن تقوم شخصية شريرة اسمه خربوط بالعبث بكلمة معينة. مثل قيام خربوط بتحويل كلمة “بطل” إلى كلمة “بصل”. والبرنامج مستوحى من برنامج للممثّل الأمريكي جين وايلدر المكنّى بأبي الحروف”.

فهل شاهدت الكاتبة فاطمة كيوان برنامج الأطفال الأردنيّ “مناهل” وتأثّرت به، أم جاء معها هذا الاسم عفو الخاطر؟ ويبقى الجواب عندها.

وتأتي هذه القصّة لتعليم الأطفال شيئا عن معالم حضاريّة وتاريخيّة في بعض الأقطار العربيّة، وتعريفهم على بعض الرّموز الثّقافيّة الإبداعيّة العربيّة أيضا، وجاءت بلغة فصحى مسجوعة وسليمة، ومعروف عن الأطفال أنّهم يحبّون السّجع، وفي تقديري أنّ القصّة تصلح للفتيات والفتيان، لأنها فوق مستوى الأطفال، وهذا قد يدخلنا في تعريف من هو الطّفل؟ ففي الثّقافة العربيّة الإسلاميّة المتوارثة تنتهي مرحلة الطّفولة عند سنّ البلوغ! بينما المتعارف عليه في عصرنا هذا أنّ الطّفولة هي مرحلة ما قبل سنّ الثّامنة عشرة، وعند بعض الشّعوب تمتدّ الطفولة حتّى سنّ الحادية والعشرين. وفي تقديري أن هذه القصّة تصلح لمن هم فوق سنّ الثّانية عشرة.

ابتدأت القّصّة من الرّامة الجليليّة بلدة الشاعر الكبير الراحل سميح القاسم، ومن هناك طار أبو الحروف بتشجيع من الشاعر القاسم إلى لبنان، وجاء التّشجيع بمقطع شعريّ للقاسم، وفي بلاد الأرز لبنان اطّلع على نماذج من شعر جبران خليل جبران، كما ( والتقى الرّحّال بخليل مطران”شاعر القطرين”)ص5. كما زار مدينة بعلبك الأثريّة.

وطارمن لبنان إلى سوريّا والتقى بالأديبة السّوريّة كوليت خوري، وزار ضريح الشاعر الشهير نزار قباني، ومرّ بقلعة تدمر التّاريخيّة، وساءه ما حلّ بها من دمار وخراب، وهذه إشارة ذكيّة لتدمير تدمر وغيرها من المعالم الأثريّة على أيدي الإرهابيّين التّكفيريّين في الحرب الأهليّة السّوريّة التي اندلعت منذ العام 2011.

ومن سوريّا انتقل إلى الأردن، وزار البتراء والأضرحة التّاريخيّة، والمدرّج الرّوماني، وجرش، ووقعت الكاتبة في خطأ عندما كتبت” فالتقى مصطفى وهبي التّل صاحب الرّوح الخفيفة”ص9. فكيف التقاه والتّلّ متوفّى منذ العام 1949؟ ومن عمّان طار إلى بغداد، “فارتوى من مياه دجلة والفرات” ص 10، وزار بيت الشّاعر الراحل بدر شاكر السّيّاب، “وسمع أزيز الرصاص ورأى أعمدة الدّخان تتصاعد من المساجد والكنائس”ص10. وهذه إشارة أيضا إلى أعمال التّفجير والإرهاب التي تعصف بالعراق الشّقيق بعد احتلاله عام 2003 وتدميره وهدم دولته وقتل وتشريد شعبه من قبل أمريكا وحلفائها، كما التقى الشّاعر العراقي أحمد مطر، وهذا يطرح سؤالا حول هذا اللقاء فالشّاعر مطر يعيش في لندن. وبعدها انتقل إلى مصر حيث الحضارة والآثار الفرعونيّة “ليلتقي حافظ ابراهيم شاعر النّيل في بيته المتواضع في حيّ الزّيتون في القاهرة، وهناك أنشد حافظ ابراهيم قصيدته التي قالها على لسان اللغة العربيّة وجاء فيها:

وسعتُ كتابَ الله لفظا وغاية ** وما ضقت عن آيٍ به وعظات

فكيف أضيقُ اليوم عن وصف آلة **وتنسيق أسماءٍ لمخترعات

أنا البحر في أحشائه الدّرّ كامن** فهل سألوا الغوّاص عن صدفاتي

والسّؤال هو: كيف التقى أبو الحروف بحافظ ابراهيم المتوفّى عام 1932؟ وكيف حدّثه عن الشاعر أحمد شوقي أيضا؟

ومن القاهرة عاد أبو الحروف إلى فلسطين حيث زار القدس والخليل وفي رام الله زار قصر الثّقافة وضريح ومتحف الرّاحل محمود درويش، وغنّى قصيدة “خبز أمّي”لدرويش. ومن رام الله انتقل أبو الحروف إلى النّاصرة “ليصلّي في كنيسة البشارة برفقة الشّاعر حنّا أبو حنّا، وزارا معا ضريح الرّاحل توفيق زيّاد واستذكرا بعض قصائده الوطنيّة، ثمّ عاد أبو الحروف إلى الجليل، وهناك التقى بالشّعراء شكيب جهشان وحنّا ابراهيم وسعود الأسدي، ونذكّر هنا بأن الشّاعر شكيب جهشان توفّي عام 2003، وحنّا ابراهيم توفّي عام 2020. ونتمنّى طول العمر للشّاعر الزّجال سعود الأسدي.

الخيال: بدأت الكاتبة قصّتها:”على بساط الرّيح وفي إثر سندباد حلّق أبو الحروف عاليا في ……….”ص3. وهذا استذكار لأساطير قديمة كبساط الرّيح، الذي يحلّق بحمولته في الأجواء، ولا علاقة له بأسطورة “السّندباد البحريّ” المستقاة من حكايات ألف ليلة وليلة” الخرافيّة. وقد استغلّت الكاتبة هذه الأساطير لتتنقل ببطل قصتّها أبي الحروف بين بعض الأقطار العربيّة.

الأهداف المتوخّاة من القصّة:

– يتّضح من خلال القصّة الحرص على اللغة العربيّة وضرورة تعلّمها بشكل صحيح.

– في القصّة دعوة للجيل النّاشئ كي يبحث ويقرأ ويتعلّم ويعرف ويطالع على وعن جوانب من حضارة أمّته، وعلى بعض رموزها الثّقافيّة.

– في القصّة تعريف غير مباشر لجيل النّاشئة بأنّ الثّقافة العربيّة واحدة في مختلف الأقطار العربيّة.

– في القصّة لفت انتباه لأهمّيّة الرّحلات والإطلاع على أمور يجهلها كثيرون، ومن هذه الرّحلات التّعرّف على الأقطار العربيّة.

ملاحظة عابرة: وردت في القصّة كلمة “الميراميّة”، وهي نبتة طيّبة الرّائحة معروفة تغلى ويشرب ماؤها كعلاج لبعض الأمراض ومنها الرّشح والزّكام، كما تضاف إلى الشّاي أيضا وتعطيه نكهة خاصّة، واسمها الصّحيح هو “المريميّة” نسبة إلى مريم العذراء التي غلتها وأسقت ماءها لابنها السّيّد المسيح -عليهما السّلام-، ونُسبت النبتة إليها، وهي تنبت في بلاد الشّام بكثرة.
” محيي الدين أحمد بن خير الدين المشهور بلقب أبو الكلام آزاد، (1888م / 1306 هـ – 22 فبراير 1958م / 3 شعبان 1377 هـ) . وقد أخذ كنية أبو الكلام لكونه خطيبا بارعا، أمّا كلمة آزاد فتعني في اللغة الأردية “الحـُرّ”. … ألّف العديد من الكتب أهمها تفسير للقرآن باللغة الأردية بالإضافة إلى دراسة عميقة لتحديد شخصية ذو القرنين.