18 ديسمبر، 2024 10:53 م

كانت دراسة القانون في المرحلة الاولى صعبة فهي لا توائم ميولي ولا اجد فيها متعة كما هو الحال في قراءة بعض الكتب الخارجية الخاصة بالأعلام حلم الطفولة وامنيتي الحاضرة التي ما زلت اتمسك بها لذا فقد كانت قراءاتي لتلك الكتب الخارجية قليلة وعلى فترات متباعدة حيثما وجدت فرصة الفراغ سانحة للقراءة ولهذا السبب لم يشهد دفتري الجديد كتابة صفحات جديدة بل كاد ان يكون مهملا يطالعني في كل يوم ويطالبني بأن اتناوله واسجل فيه بعض ما تختلج به لواعج ذاتي وبعض ما اود البوح به لنفسي اولا وللدفتر الخاص ثانيا لكني في كل مرة اتناول ذلك الدفتر واقلب الصفحات تختلط الافكار وتتزاحم بين الماضي والحاضر والمستقبل وتضيع الفكرة في شدة السكرة كما يقال.
اهمس للدفتر قائلا له عذرا فقد شغلتني عنك المشاغل وغلب على ارادتي واجب الاجتهاد لاجتياز فصل دراسية وان كانت المواد المفروض علي دراستها بعيدة عن ميولي لأجل ان لا يضيع من العمر عام دراسي يمكن ان ينتهي بالفشل فيما لو تهاونت في اداء فروض الدروس.
ارى الدفتر يهتز ويتحرك وينشر امامي صفحاته الخالية من السطور وكأنه يقول لي انك اخلفت الوعد ولم تفٍ العهد وقد عجزت ارادتك امام جبروت ما فرض عليك.
ها هي اوراقي تنتحب وتبكي وهي تنشج حزينة تطلب الحياة …انك بهذا اشبه بجلاد ترك السجين في ظلمة القبر ليس حيا ولا هو بميت وليس له للخروج من سبيل وليس له من مستلزمات الحياة الا القليل…ويظل الدفتر يصرخ ويصرخ قائلا:
ياجلاد …يا جلاد…يا جلاد…
انه ينعتني بالجلاد وهذا النعت هو اقسى مايمكن ان يواجه به امرأ احب الله تعالى وما خلق الله تعالى وجل من كائنات سواء اكانت انسان او حيوان او نبات او جماد فهي بالنسبة لي آيات عظمة الباري عز وجل واحرص على ان اكون فردا نافعا يعمر الحياة ويبنيها لا ان يكون وسيلة هدم او اداة موت.
اقول له لقد أغضبتني وان كنت شديد الحياء لخلف الوعد وعدم رعاية العهد لكني استمهلك حتى تمر هذه الايام الصعبة ولك عليَّ ان اعوضك الذي فات او يفوت.
حين اعيده الى مكانه يصر على الكلام بصوت جهوري قائلا اعد المقصلة فأنا احمل رأسي اليك طائعا فقد طال امد انتظار الموت.
احس بالحرج من كلماته فامسك القلم واسطر في الدفتر بضع كلمات كأن ذلك مداد الحياة ليظل دفتري الخاص حيا الى امد ربما لا يكون بعيد.
…………………