ينظر والد سامي إلى رأس ابنه ويندهش مسرورا من جمال حلاقة شعره ويقول له: نعيما ! حلاقة شعرك جميلة, هكذا حلاقة تناسبك أكثر من سابقاتها, وهل استدل حلاقك أخيرا على الموديل الذي يناسبك.
يبتسم سامي وهو يقول أنه في هذه المرة حلق شعره عند حلاق آخر.
فيسأله والده “من هو هذا الحلاق؟”
فيرد سامي “ذهبت إلى حلاق جديد, اسمه أبو أحمد”.
فيسأله والده “هذا يعني بأن حلاقك الجديد أصله من البلاد العربية؟”
فيرد سامي “نعم , أبو أحمد لاجيء من سوريا”.
فيسأل والد سامي “كيف استدليت على أبو أحمد؟”
سامي ماسحا يده على رأسه “ذهبت مع صديقي الألماني “ماكس” وهو الذي دلني عليه”.
والد سامي “حقا أنه حلاق بارع!”
يبتسم سامي ويقول “لكن أبو أحمد لا يتقن اللغة الألمانية”.
والد سامي مستغربا “وكيف استطعت أن تتحدث معه وتشرح له ما هي تسريحتك المفضلة؟”
سامي يضحك ويجيب “على حائط صالون حلاقة أبو أحمد يوجد ثمانية موديلات للحلاقة. فبعدما يجلس الزبون على كرسي الحلاقة يساله أبو أحمد وهو يشير إلى هذه الموديلات المعلقة على الحائط وبلغته الألمانية البسيطة: أي موديل تفضله لحلاقة شعرك ؟ فعلى الزبون أن يختار الموديل الذي يعجبه”. وهنا ارتفع صوت ضحكة سامي وهو يقول “بعدما سألني أبو أحمد أي موديل أفضل, وقع اختياري على الموديل رقم 8 ثمانية, ولكن جواب أبو أحمد كان لي: لا .. لا .. لا وهو يلوح بسبابة يده, أنت يناسبك الموديل رقم 6 ستة ويشير بستة من أصابع يديه”. ويتابع سامي “في النهاية أخذت بنصيحة أبو أحمد وها هي النتيجة كما تراها”. وهنا يُظهر سامي اندهاشه من تصرف أبو أحمد ويقول “هكذا نصيحة لا تجدها في صالونات الحلاقة الألمانية ولا في كل صالونات أوربا”. ويسهب سامي شارحا بأن أبو أحمد يعمل في صالون حلاقته وبدون توقف, حيث الزبائن يملؤون صالونه الصغير, جالسين ينتظرون دورهم.
ينظر سامي إلى والده بعينين تلمعان ومليئتان بالفخر والاعتزاز ويقول لوالده “أنا سعيد جدا بالتعرف على أبو أحمد, وما أسعدني أكثر هو بأن الكثير من زملائي وأصدقائي الألمان في الجامعة الآن أصبحوا يذهبون إلى حلاقهم المفضل أبو أحمد. وما لفت نظرنا جميعا بإن أبو أحمد كان يعمل كالآلة ولوحده في صالون حلاقته بالرغم من أنه كان منهكا كثيرا ويتلمس ظهره بين الفينة والأخرى وكأنه يتألم”. ويتابع سامي حديثه وبنبرة مليئة بالتأكيد والقناعة وهو ينظر إلى والده ويقول “أبو أحمد رجل شهم وذو كرامة, وهو يأبى أن يشكل عبئا أو عالة على المجتمع الألماني الذي استضافه”.
في القريب العاجل سأزور أبو أحمد في صالون حلاقته وأشكره على جهوده الطيبة وعلى ما يعطيه للشباب المغتربين ولأبناء الألمان مثالا عن اللاجيء الناجح والنافع والمفيد في مجتمعه الجديد. وسأخبره بأن ابني سامي كان فخورا أمام زملائه وأصدقائه الألمان بأن حلاقهم المُفَضّل هو لاجيء جاء من سوريا, من بلد حيث توجد جذوره هناك وأهله وأقاربه.
شكرا جزيلا أبو أحمد!!!
هذه القصة حقيقية حصلت على أرض الواقع