18 ديسمبر، 2024 11:29 م

قصة بلد.. اسمه العراق.. الحلقة الأولى : (الولايات الثلاثة)

قصة بلد.. اسمه العراق.. الحلقة الأولى : (الولايات الثلاثة)

كان يا ما كان.. كان هناك بلد اسمه الولايات الثلاثة :: (بغداد.. والبصرة.. والموصل) .. تتبع السلطان العثماني في اسطنبول.. وكان السلطان عندما يضوج من احد مملوكيه .. ويصبح هذا المملوك غير مرغوب به في قصر السلطان.. ينفيه السلطان.. الى مكان لا يطاق.. فيرسله والياً لبغداد.. وتصوروا كيف كانت بغداد.. وزيادة على النفي يطالبه السلطان بدفع مبلغ سنوي بقسطين.. الأول يدفعه للسلطان بعد محصول الزراعة الصيفية الذي يجبيه من شيوخ وأغوات العراق.. (أي الإقطاع).. والقسط الثاني بعد محصول الزراعة الشتوية.. لكن مجموع ما يجمعه الوالي؟ لا يسد ما يطلبه السلطان.. فكان الوالي يتفنن بأخذ الضريبة من الناس المساكين ..
أما الجندرمة (الشرطة) في هذه البلدات فكانت بلا رواتب.. خاصة بسنوات الجدب أو غرق المحصول الزراعي وتلفه.. فكانت الجندرمة ينتظرون شهر رمضان حتى يفطروا ويتسحروا مع الأهالي مجاناً.. أو صدقة.. وقبل عيد الفطر بأيام تهجم الجندرمة على الدكاكين التي يجلب أصحابها الملابس الجديدة وغيرها لبيعها بمناسبة عيد الفطر.. وتفرهدها الجندرمة.. وهذا هو راتبهم لستة أشهر ..
ثم تنتظر الجندرمة مناسبة الحج.. وقبل أن يبدأ عيد الأضحى بأيام تقوم الجندرمة بصولة جديدة على المحلات وتفرهد كل شيْ.. ومن هاتين الصولتين يجمع الجندرمة رواتبهم لسنة.. (حلوه مال الصولة).. هاي محدثة .. صحيح إن أصحاب المحلات أخذوا يخفون ما يشتروه في بيوتهم أو في مخازن بعيدة عن الأنظار.. لكن ذلك لن يضيع على عيون وسمع الجندرمة ..
هكذا كان شعب العراق.. أناس بسطاء لا يزيدون عن مليوني نسمة.. تسودهم البدع والخرافات.. والأمية تضرب في الإطناب.. وكانت الملالي هي مدارس العراق التي تقوم بتعليم القران وختمه.. فكان التخلف يدق بالأعناق.. والأمية 100 % .. ومن يدرس.. ويكمل دراسته في الأستانة.. هم أبناء الموظفين وأصحاب الجاه.. وبعض أبناء الشيوخ.. الملزمين بالذهاب للدراسة في الأستانة بأمر السلطان حتى يتخرجوا ويخدموا السلطان.. (يعني شراء وتعين الشيوخ ليس بدعة صداميه.. بل بدعة عصملية) ..
هكذا كان العراق بلد متخلف جداً يعيش في عصور الظلام.. لا شوارع.. لا ماء صافي.. لا كهرباء.. لا مجاري.. فقر مدقع.. لا مدارس.. فكان أجدادنا المساكين يتناوب عليهم ظلم الإقطاع.. ومطاليب الملالي.. وبعض من يسمون أنفسهم رجال الدين التي لا تنتهي.. وشقاوة الجندرمة.. والحرامية.. والمسلبيجية.. والأمطار تغرق بغداد والموصل والبصرة.. وكانت الأمراض تفتك بالعراقيين.. فلا علاج.. ولا مستشفيات.. ولا أطباء .. (شفتوا حال أجدادنا) ..
ـ المهم : بعد 400 سنة من هذه الحياة.. بدأت أولى خطوات الإصلاح في العراق بشكل بطيء جداً منذ عهد مدحت باشا والي بغداد العام 1869.. هذه بداية القصة.. وسنكملها (بس لحد يزعل.. ولحد يبيع وطنيات.. هذا هو العراق.. كما هو .. لا زيادة .. ولا نقصان) ..
ملاحظة: انتظرونا في الحلقة الثانية من: قصة بلد.. اسمه العراق.. (عراق ولاة العثمانيين)!!