18 ديسمبر، 2024 9:09 م

قصة الهزيمة الساحقة في حزيران 67

قصة الهزيمة الساحقة في حزيران 67

من اكثر الحروب تأثيرا على منطقة الشرق الاوسط في القرن الماضي, هي حرب 5 حزيران من عام 1967, بحرب شنتها اسرائيل على ثلاث دول عربية, وهي مصر والاردن وسوريا, والحقت هزيمة ساحقة بالجيوش العربية في ظرف ست ايام! مع التوسع الجغرافي الاسرائيلي المرعب, برغم من ان عدد الجيوش العربية كان كبيرا جدا! لكنه تكبد خسائر عظيمة, فقتل من العرب ما بين 15000-25000 الف مقاتل مقابل قتل 800 جندي اسرائيلي, وتدمر تقريبا 70- 80% من السلاح العربي مقابل 2 – 4% من السلاح الاسرائيلي, وكذلك التفاوت العظيم في عدد الاسرى والجرحى, مما يعني انها كانت هزيمة مذلة للعرب, تدلل على هشاشة خططهم وسفاهة اصحاب القرار وغباء قادة العسكر في دولهم.

الحديث عن الحرب هدفه الاستفادة من التجربة المريرة على العرب, كي نفهم مكامن الخلل وندرك كيف يجب ان يكون المستقبل.

· سؤال: ما هي اسباب الحرب ؟

تحدث الكثيرون عن الاسباب التي دفعت لنشوب الحرب بين العرب واسرائيل, وهنا نحدد ابرز الاسباب المحتملة لان تكون الدافع الاهم في الحرب:

اولا: قيام مصر بخطوات تهدد اسرائيل وهي:

1- طرد قوات الامم المتحدة التي كانت خط مانع بين مصر واسرائيل.

2- اغلاق قناة السويس وتيران بوجه السفن الاسرائيلية.

3- تحشيد الجيش وبكثافة قرب الحدود.

4- التصعيد الاعلامي المصري للتعبئة للحرب.

5- تصريحات علنية لعبد الناصر وقادة الجيش المصري بتهديد اسرائيل وقرب الحرب.

6- حملة التسليح المصرية الكبيرة.

ثانيا: نشاط سوريا الكبير ضد المستعمرات الاسرائيلي على الجبهة السورية وامام الجبهة الاردنية.

ثالثا: قرارات القمة العربية عام 1964 في القاهرة التي دعت بتحويل نهر الاردن في كل من سوريا ولبنان.

رابعا: تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1965.

خامسا: انتظار اسرائيل لأي ذريعة لشن الحرب والتمدد الجغرافي, والعرب تكفلوا بالذريعة.

· السؤال الثاني: ما طبيعة الميزان العسكري بين العرب واسرائيل؟

من ناحية العدد والعدة تتفق كل المصادر على التفوق الكبير للعرب على اسرائيل, وعلى الجبهات الثلاث (المصرية والسورية والاردنية), لكن من ناحية الكفاءة فالميزان يميل لصالح الاسرائيليين, فالجيش الاسرائيلي يعتمد في تسليحه على السلاح الغربي (اميركا- بريطانيا- فرنسا), اما الجيش المصري والسوري فيعتمد على السلاح السوفيتي, وظهر خلال الحرب افضلية السلاح الاسرائيلي, ومن ناحية الانضباط والخطط العسكرية ظهر ان الجيش الاسرائيلي متفوق على العرب بأميال كثيرة.

· قصة اشتعال الحرب

كان قرار القيادة المصرية ان يتركوا المبادرة بالحرب لإسرائيل ثم يتم الرد, وهذا خطأ تاريخي لا يقوم به الا السذج! حيث تسبب بانكسار الجيش المصري والسوري, وخسارته لمئات الطائرات مع تدمير المطارات العربية في مصر وسوريا والاردن, ففي صباح يوم الاثنين 5-6-1967 قامت اسرائيل بغارات جوية استمرت الضربة الاولى لثلاث ساعات على مصر وساعتين على سوريا وتسع دقائق على الاردن, ونتج عنها تدمير القوة الجوية لثلاث جيوش عربية, واحداث الهلع في المدن العربية نتيجة غياب أي جهد لصد الهجمات, وطبقا للإحصائيات فتم تدمير (209) طائرة مصرية من اصل (340) فتصور حجم الهزيمة في ساعات قليلة التي لحقت بمصر نتيجة غباء السلطة والقيادة العسكرية!

الرد العربي على الضربة الاسرائيلية الموجعة, كان عبر قصف القوات الجوية الاردنية لمطار قرب كفار سركن, وقيام الطيران السوري بقصف مصافي البترول في حيفا وقاعدة مجيدو الجوية الاسرائيلية, بينما قصفت القوة الجوية العراقية بلدة نتانيا على ساحل البحر المتوسط, عندها ردت اسرائيل بقصف عدة مطارات اردنية, ودمرت 22 طائرة مقاتلة اردنية, كما قصفت المطارات السورية ودمرت 32 طائرة سورية مقاتلة نوع ميغ, وهاجمت كذلك القاعدة الجوية H3 في جنوب العراق.

وقد ظهر تفوق الطيران الاسرائيلي ونجاح الضربة الاولى والتي حددت مسار الحرب بان تكون لصالح الاسرائيليين, وانكشفت عورة الجيش المصري الذي كان الاعلام العربي ينفخ فيه وتبين انه وحش من ورق! فبعد الضربة العسكرية شن الجيش الاسرائيلي المحدود هجوم على الجبهة المصرية, وعمت الفوضى الجيش المصري نتيجة ضعف التدريب والاعداد وغياب الخطة المدروسة, فحل الذعر بين افراد الجيش المصري, وكان النتيجة بعد ست ايام خسارة شبه جزيرة سيناء, اما في فلسطين فحصلت نتائج مرعبة منها خسارة ففي اول يومين استولى الاسرائيليون على مدينتي غزة وخان يونس اللتان كانتا تحت السيادة المصرية, ثم تبعها سقوط نابلس والقدس الشرقية بيد الاسرائيليين, أي ان المصريين بغباء سلطتهم فرطوا بمستقبل الفلسطينيين.

· نتائج الحرب

توقفت الحرب مساء يوم 10 حزيران وصدر قرار من مجلس الامن برقم236 ينص على ادانة اي تحرك للقوات بعد 10 حزيران! أي انه شرع ما استولت اسرائيل عليه من اراضي عربية.

يمكن القول ان النتيجة الواقعية للحرب هو تحقق نصر كبير للإسرائيليين, كانت لها انعكاسات اقتصادية وسياسية وعسكرية, وخسر العرب مساحات كبيرة من الارض, مع خسائر مادية وبشرية وعسكرية, حيث خسر العرب شبه جزيرة سيناء المصرية, وهضبة الجولان السورية, والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية, وقطاع غزة.

ولم تتوقف الخسائر العربية عند هذا الحد, بل اجبرت هزيمة العرب اكثر من اربعمائة الف عربي, من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة والمدن الواقعة على طول قناة السويس على الهجرة عن ديرهم, كما اجبرت الحرب قرابة المائة الف من اهل الجولان على النزوح من ديارهم الى داخل سوريا, والحقت الحرب هزيمة نفسية بالجيوش العربية وفقدت ثقتها بقدراتها مقابل ارتفاع معنويات الجيش الاسرائيلي فاصبح هو الجيش الذي لا يقهر.

كل هذا حصل بسبب حماقات عبدالناصر وقيادات عسكره.

· اربع نقاط مهمة

النقطة الاولى: يمكن اعتبار القيادة المصرية والمتمثلة بجمال عبد الناصر سبب الويلات والهزائم العربية, فهو زعيم الهزائم بلا منافس, اشعل حرب 56 وهزم وطبل الاعلام العربي لنصر وهمي حيث اتفاق وقف الحرب ابقى على امتيازات بريطانيا وفرنسا في قناة السويس وسمح للإسرائيليين باستخدام قناة تيران, وتدخله في اليمن واشعال الحرب كان كارثة بكل المقاييس لليمنيين وللمصريين, ودعمه للانقلاب الاسود في العراق ضد عبد الكريم قاسم جر الويلات على العراقيين لاحقا, وكانت حرب 67 القشة التي قصمت ظهر البعير, بهزيمة ساحقة لا يمكن لأعلامه اخفائها, او اعتباره نصر كما حصل مع الحروب السابقة, والغريب ان نجد الان من يتغنى بعصر عبد الناصر والمكاسب التي حققها.

النقطة الثانية: ان حرب 67 كشفت حقيقة عهر الاعلام العربي الكاذب, وهشاشة النظم العربية السياسية والعسكرية والاقتصادية, وان مستقبلها سيكون مخيفا.

النقطة الثالثة: كشفت الحرب اهمية السلاح الجوي في الحروب, فهو يحدد من سينتصر, وتبين مقدار الفرق بين سلاح الجو الاسرائيلي والعرب, والسبب ان العرب متوقعين بالخطط الحربية القديمة, التي تحاكي حروب الاربعينات وما قبلها, التي تعتمد على الحرب البرية.

النقطة الرابعة: اظهرت الحرب اهمية المعلومات, فإسرائيل كانت تملك تفاصيل دقيقة عن الجيوش العربية مما مكنها من الانتصار, بخلاف العرب التي لا تملك الا الجهل المعرفي.