23 ديسمبر، 2024 12:40 ص

قصة الحمار الذي صار أسد

قصة الحمار الذي صار أسد

لايختلف اثنان في تعربف الشجاعة بانها المواقف البطولية التي يخوضها الانسان في حياته سواء كانت مواقف تتعلق به او بالناس المحيطين به ومن اهم مقومات الشجاعة النجاح ..وبخلاف صفة الشجاعة تقف صفة الخوف او الجبن او الخضوع او الاستسلام وهي صفة مذمومة في المجتمع ومن يتحلى بها يتلقى الذم والاحتقار من المحيطين به.. وخلال فترة الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي برز اشخاص يدعون الشجاعة او المرجلة او التشبه بالشقاوات في ملبسهم وتصرفاتهم لكنهم لايحملون صفة الشجاعة او اي صفة من تلك الصفات ومن بينهم ظهر ابلن تلك الفترة ” خلف ابن امين ” الذي عاش في بغداد في اواخر العهد العثماني وخلاصة امره انه كان قميئا جبانا وليس لديه من المؤهلات مايجعل منه شقيا مشهورا لكنه كان يطمح ان يكون شقيا يشار اليه بالبنان فكان يملك مسدسين كبيرين يشدهما الى جنبيه ليتباهى بهما انما هو لايستعملهما الا حين يطمئن من زوال الخطر فاذا سمع في محلته اثناء الليل صراخا يدل على وجود لص فيها ظل هو في بيته لايحرك ساكنا حتى اذا هرب اللص او القي القبض عليه خرج من بيته وهو شاهرا مسدسيه يطلق منهما الرصاص في الهواء ويصرخ ” اين هو .. دلوني عليه ” وكانت احاديثه مع الناس لاتخلو من قصص القتال والسلب والسطو على البيوت وهو يعزو الكثير منها الى نفسه طبعا .. هذه الشخصيات كانت مثار سخرية وازدراء سكان محلات بغداد .. وصفة الشجاعة ليست محددة بالانسان فحتى الحيوانات لها طقوسها في تمثيل صور الشجاعة كل من موقعه داخل الغابة ويقال ان حمارا طالما شعر بالحرج بسبب صفة الجبن والضعف التي تلازمانه في حياته اضافة الى شعوره باستهجان المجتمع المحيط به له وهو دائم التفكير بالوسبلة التي تعيد له اعتباره وتجعله اكثر قبولا واحتراما في المجتمع الذي يعيش فيه وفي احد الايام خطرت بباله فكرة بعد ان وجد أسدا ميتا في الغابة فقرر ان ينتزع جلد الاسد ويلبسه في محاولة منه للتنكر بهيئة ملك الغابة بلا منازع لاثبات وجوده بين الحيوانات وما ان لبس جلد الاسد وبدأ يتجول في الغابة شعرت الحيوانات الاليفة القريبة منه برعب وخوف عند مشاهدتها ” ابو خميس ” وما ان اطمأن الاسد المزيف بان اللعبة نجحت ازداد غلوا وبدا يتغندج في مشيته وهو مزهوا بشخصيته الجديدة لكن حظه الهاثر لم يمهله مزيدا من الوقت ليديم عليه فرحته حيث سرعان ما شاهدته حبيبته ” الحمارة ” التي تربطها به قصة حب رومانسية قديمة فما ان اشتمت ” الحمارة ” ريحته النتنة الزنجة حتى بدأت ” تنهق ” بصوت عالي حرك فيه مكامن الحب الرومانسي الذي يربطه بها فبدأ دون ارادته ” ينهق ” مرحبا بقدومها وليعبر لها عن مشاعره الجياشة وبهذه النهقة كشف الحمار عن شخصيته الحقيقية واثبت للحيوانات انه حمار ابن حمار وانه اسد مزيف فضحكت الحيوانات المحيطة به وبدأت الاقتراب منه وهي تعلن استهزائها فوقف ذلك الحمار الغبي مطأطأ الراس نادما على فعلته .. هذه القصة تذكرنا بالحمير الموجودة حاليا في العراق ويامكثرهم ممن ركب الموجه فظن نفسه قائدا في الركب في غفلة من الزمن فبات يطلق التهديدات والتنديدات ويبني له قصور في الجنة ليشعر المواطنين المغلوبين على امرهم من الذين ارتضوا حياة الذل والمسكنه انه أسد وما هو في حقيقته الا حمار ابن حمار تنكر بزي أسد بعد ان اطمأن انه يعيش في زمن مات فيه الاسود