18 ديسمبر، 2024 3:45 م

قسوة داعشية قديمة

قسوة داعشية قديمة

داعش الاختصار ل(دولة الاسلام في العراق والشام) مرة أخرى دولة تولد وتؤسس بقوة السلاح , وأرهاب العشائر والتجار , هي دولة البعث نفسها , هي ثورة الجهل في الصومال والسودان نفسها وأن أختلفت أدواتها وعروق متبنيها . اليوم انتعشت الكتابة السياسية وقاموس المصطلحات السياسية بمفردة (دعشنة) او كما يقولها الباحث المرموق  الدكتور فارس كمال (الدوعشة) والتي قد يتفق الجميع الى حد ما على انها نزعة نفسية ذات جذور دينية وسياسية , واتفق البعض الاخر على انها صنيعة الجهل المقدس أو وليدة الازمات .

قد لا تكون داعش او الدوعشة هي مصطلح قاسي جديد , انما كانت قبلها مصطلحات دامية قاسية اخرى كانت تستخدم سابقآ وحاضرآ كالبلشفة والصدامية والفاشية والنازية . وهذا عندما نرى الصور التي تتفنن داعش في تفشيها لتصل الى جميع انحاء العالم , وفي مشاهد لجملة اعدامات جماعية والذبح والحرق قد نتذكر معها عمليات داعشية قديمة تتشابه ولو في جانب واحد منها كالقسوة وانعدام الرحمة ,وتمامآ في نفس البلد وبحق نفس الشعب الذي هو ضحية داعش اليوم ، كمذبحة سميل سنة 1933 , و الفرهود سنة 1950,  وتقطيع اوصال العائلة المالكة في العراق سنة 1958 , والاعدامات العامة في ساحة التحرير سنة 1960, وعمليات الانفال بحق الكورد في شمال العراق , والكيمياي في حلبجة سنة 1988 , وقمع الانتفاضة الشعبانية بالمدافع والاسلحة الثقيلة 1991 , وصولآ الى القتل على الهوية في بغداد سنة 2006 واستخدام مادة التيزاب في حرق الجسد واستخدام “الدريل” في ثقب الاجساد .

وفي بين خضم كل هذا نرى بأن الاسماء قد تتعدد والوجوه تختلف وتتغير بأستمرار , ولكن نرى القسوة واستخدام الاسلوب الاسطوري في الترهيب ونيل المكاسب عن طريق العنف و خلق  وعي مخيف ومهول لدى كل من عاش داخل الكيان الهش المفتقر الى القوة الفكرية والبنية الاجتماعية , ليكون عرضة لوباء الظلم والاستعباد من قبل عواصف العنف التي تكاد تكون موسومية في حدوثها , وكالعادة العراق هي المنخفض الجوي الانسب لحدوث مثل هذا العواصف . فالعنف اصبح بحرآ لغريق الفرد العراقي الذي لا يعلم متى الخلاص ومتى النجاة , النجاة والسلام الذي يبحث عنه حتى في لحظة مماته الذي يخشى بأن يولد عنفآ جديدآ بعده , وهذا ما كان يخيف العراقيين عندما جاءات الدبابة الاميركية التي احرقت الارض على روؤس الحالمين العراقيين بعراق جديد حر , وهذا ما تحقق عندما شهدنا وضعآ جديدآ و صورة مدعشنة اخرى من صور القتل والقسوة والظلم في 2006 , العام الاكثر حزنآ وخوفآ لدى العراقيين , الحرب الطائفية التي نخرت بالجسد العراقي , عند استخدام المنشار الكهربائي في القتل , والذبح والحرق و”الطخماخ” المطرقة , محاولة ليفوز فريق على الاخر واخافة بعضهم البعض , بطريقة استجراع الألم  , والقساوة على الألم نفسه .

وبين كل عملية قتل وترهيب وسرقة وأخرى , نرى بأن القسوة موجودة حتى قبل داعش وستستمر هذه القسوة حتى لما بعد داعش , وهذا ما نترقبه لأيجاد مصطلحآ جديدآ للقسوة .