يحكى ان شاب رأى رجل يريد ان يعبر الشارع فلم يستطع، تقرب منه وجده رجل ضرير، فقرر مساعدته في العبور، لكن الرجل طلب من الشاب ان يساعده للوصول الى قريته
قبل الشاب بذلك ومن خلال الوصف استطاع ان يصل الى قرية الرجل، لكن الشاب تفاجئ ان جميع من في القرية لا يستطيعون الرؤيا، وكل فرد فيهم يروي على الأخر الصورة التي يتصورها عن الطبيعة وجمالها، لكن اغلب ما كان يحكى بعيد عن الواقع.
طلب الرجل الكبير من الشاب المساعدة من خلال وصف شكل الحياة لأهل القرية، وما تعني الرؤيا للإنسان، بعد ان أخبره بان جميع من في القرية عيونهم سليمة، لكنهم يرفضون استخدامها اعتراضا على الظلم والاضطهاد بالإضافة الى الفقر الذي كانوا يعيشونه.
وافق الشاب وبدأ يروي لهم عن الحياة وما خلق الله فيها من نعم, ومن هذه النعم نعمة البصر, وكيف للإنسان ان يستغل هذه النعمة للخير و رؤية الأشياء الجميلة والنافعة
بالرغم من معرفة الشاب بعدم فقد بصر من في القرية، الا انه كان يصوب لهم أعمالهم، ويحاول مساعدتهم في تنظيم شؤون حياتهم، وكأنه لا يعلم انهم يبصرون
كان يتحمل اتهامهم له بالفشل الذي يصنعونه بأنفسهم، نتيجة لمخالفتهم لتوجيهاته، وعدم تنفيذ ما يطلب منهم، كان الشاب يحاول ان يعيد فيهم الامل بحياة أفضل، وكانوا يرفضون ذلك من خلال تصرفاتهم، بالرغم ادعائهم برغبتهم بالخلاص من الظلمة والعتمة، التي تجثم على صدورهم.
ضاق بهم ذرعا، بعدما أصبحوا يتهمونه بالقصور، بل أكثر من ذلك تحميله جميع الفشل الذي كانوا يوقعون أنفسهم فيه، بحجة أنك من قلت لنا افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا
لذلك قرر ان يحملهم المسؤولية، من خلال مصارحتهم بانه لم يعد مسؤول عن خياراتهم، فهم لديهم عينان يرون بها الأشياء، و لديهم عقل يميز مصلحتهم
بإمكانهم ان يعتمدوا على أنفسهم ويشقوا طريقهم ويعملوا، و باستطاعتهم ان يبقوا في هذه القرية البائسة، لكن ان بقوا فيها فليتوقعوا ان يتسلط عليهم قوم ظالمين، او يبقى من هو ظالم وفاسد يأتمر عليهم.
ان كلام الشاب وكسل اهل القرية، جعل الكثير من اهل القرية يغمضون أعينهم مرة أخرى، ويقررون الجلوس في بيوتهم، عسى ان ينزل لهم منقذ من السماء، ويخلصهم من البؤس والحرمان الذي يعيشونه.
هذه القرية تشبه كثيرا شعب اصبح اتكالي متذمر, يريد من يفكر عنه او يقرر عنه, وان فعل احدنا واعطاه الحلول, خالفه ثم القى باللوم عليه, بلد فيه خيرات كثيرة, منهوبة من اصحاب السلطة, لكنه يأبى الا البقاء على هؤلاء السراق, ففي كل مرة يصوت لهم وينتخبهم, وفي هذه المرة اعادهم للسلطة من خلال عدم المشاركة في صنع القرار الذي أعطاه له الدستور, ثم يعود مثل كل مرة يحمل النجف مسؤولية الأخطاء التي يرتكبها, واللامبالاة التي يعيشها.