منذ بداية القرن الحادي والعشرين كتبت عددا من المقالات المنشورة في الصحف والمواقع , تناولتُ فيها سلوك القرن الجديد , ورأيت أنه لا يختلف عن القرون السابقة , التي تحققت في ربعها الأول فواجع عظيمة ومرعبة تحددت بموجبها ما تبقى من طبيعة الحياة فيه.
فالربع الأول من أي قرن من أخطر المراحل وأحلك الفترات , وتعجبتُ من عدم حصول ما يزعزع الوجود الأرضي ويرعب البشرية , حتى أزفت الكورونا بصولتها التي قضت على (6,283,922) من البشر حتى يوم (19\5\2022).
وبقيتُ أترقب ما سياتي بعدها , وأشعر بأن السنوات الباقيات من الربع الأول من القرن الحادي والعشرين ستكون من أخطر السنوات التي ستمر علينا , وفجأة تباغتنا العمليات العسكرية في أوكرانيا , وكيف تمحورت دول الناتو للمساعدة بإندفاعية غير مسبوقة في التأريخ.
وما يحصل في المنطقة من تداعيات , ربما يضع الحجر الأساس لمتوالية هندسية تدميرية هائلة المعطيات.
ومهما يُقال من تحليلات وتفسيرات , فأن القراءة السلوكية للقرون , تؤكد بما لا يقبل الشك أن الحرب العالمية حتمية , ولا تفصلنا عنها سوى شهور , فالأوضاع تتأجج والمواجهات تتصاعد والمحاور تتشكل والسلاح ينازل , ومعامل إنتاج الأسلحة في ذروتها , والعقول تجتهد لتوفير ما لا يخطر على بال من أدوات الشرور والدمار الرهيب , والكراسي تزدحم بالبلهاء , فإلى أين تسير البشرية؟
الحرب العالمية الأولى قضت على (21 – 25) مليون عسكري , و (50 -55) مليون مدني , والحرب العالمية الثانية قضت على (70 – 85) مليون من البشر , وهذه الحرب علينا أن نتحدث عن أضعاف هذه الأعداد.
في الحرب العالمية الثانية كان نفوس الأرض (2 – 3) بليون , والضحايا كانت بنسبة (3%) , واليوم نفوس الأرض أضعاف ذلك , مما يعني أن الضحايا ستكون أكثر من نصف بليون إنسان في أقل تقدير.
فالحرب القادمة فيها أسلحة تختلف عن الحروب السابقة , لأن القوى المتصارعة ذات قدرات تدميرية هائلة ومهلكة.
قد يرى البعض أن ما تقدم نوع من التشاؤم , وهو ليس رأيا ولا تحليلا ولا أي إقتراب آخر , سوى قراءة لما يحصل في القرون وبتكرارية متواصلة وما شذ قرن عن هذا السلوك.
ويبدو أن البشرية تمر بمراحل نفسية تتأجج فيها طاقات الدمار الذاتي والموضوعي , وتندفع بهوجائية عارمة , للإنقضاض على وجودها بأكمله , لكي تتولد حالات غير مسبوقة تسعى إلى محق ذاتها بعد عقود تتراكم فيها أسباب الزعزعة والإنمحاق الأكيد.
وإن تساءلنا عن الحلم والحكمة والعقل , فأنها تحت أقدام القرون , فإرادة الأرض أقوى من إرادات ما عليها من المخلوقات المتوهمة بالإقتدار!!