19 ديسمبر، 2024 12:06 ص
قصة قصيرة
.
َ. استقر وسط العربة الخالية من المسافرين بعد أن جلس قرب احد النوافذ ولما تحرك القطار بدأت البيوت والساحات والشوارع والحدائق والجداول والبنايات الكبرى تتراجع إلى الخلف بطيئا فأخذ يتأمل ملامحها كأنه يراها لأول مرة ثم مالبثت ان تسارعت حركتها وفقدت ملامحها ولما توسط القطار الفيافي بدأ يدندن بأغاني حفظها في مراحل عمره الذي لازال في الثلاثينات لكن اغنية واحدة هي التي فرضت نفسها ورددها أكثر من مرة وعند توقف القطار في أول محطة بعد انطلاقته الأولى شاركته العربة امرأة جلست في الجانب الثاني منها واحكمت لف جسمها بعباءتها السوداء واشاحت بوجهها للجهة الثانية وانشغلت بهاتفها الخلوي
. اغمض عينيه وحاول النوم لكنه لم يفلح وبعد مرور دقائق طويلة نسى ان هناك شريك في طرف العربة الثاني فدندن باغنيته المفضلة..
( أريدك بالحلم خطار مر بيه عشگ أخضر )
فالتفتت اليه مبتسمة وتركت مكانها وجلست خلفه بعد القاء التحية وبعد عبارات مقتضبة سألته بشكل مباشر..
. هل انت عائد إلى بيتك او ذاهب لزيارة صديق؟
. لا هذا ولا ذاك إنما ارتبطت بصداقة مع شخص في الفضاء الأزرق وها انا الان ذاهب للقاءه الأول
. وكيف تتعرف عليه؟
. حددنا مكان وزمن واتفقنا على اغنية ينطق بها أحدنا فيعرف الثاني هو المقصود
. هل تحمل معك تسجيل للأغنية؟
. نعم
. ممكن اسمعها الان؟
. اسف لا هذا أمر حميمي بيني وبين شخص آخر
. ثم توالت اسئلتها واستمر باجوبته المبتورة غير المجدية حتى أيقنت انه لم يكن بمستوى الطموح ولايملك الثقافة والألفة المطلوبة وتركته وعادت إلى مكانها وعند وصول القطار لمحطته الأخيرة وقفت في باب العربة واخرجت هاتفها الخلوي واستدارت لتصبح معه وجها لوجه وابتسمت وسألته..
أليس هذه هي الأغنية التي اتفقنا عليها وصدح صوت المطربة..
( انا قلبي دليلي)
فأصيب بصدمة ونهض ليخبرها لكنها لوحت له بيدها مودعة وابتلعها زحام المسافرين