القرار يعني المستقر والسكون.
والإقرار: الإذعان للحق والإعتراف به.
القرار: المستقر من الأرض.
القرارة: القاع المستدير.
والقرار في المكان هو الإستقرار فيه.
والقرار: ما قُرّ فيه.
الفِرار: الروغان والهرب.
بين القرار والفِرار مسافة ثقافية وفكرية وحضارية وعسكرية , وبمقايستهما يمكن تعريف السياسة. فكلما مالت الكفة بإتجاه القرار عرفنا أن هناك نسبة عالية من السياسة , وإن مالت نحو الفِرار فأنها تؤكد غياب السياسة , بمعانيها الجوهرية.
ولو تأملنا المآسي والتداعيات لتبين لنا , أنها كانت آليات فِرار , ولم تكن قرارات مدروسة ومحسوبة وذات تقدير علمي وبحثي , كما يحصل في دوائر صناعة القرارات العالمية المعاصرة.
فواقعنا السياسي يؤكد بالأدلة الواضحة أننا نمضي في دوامات الفِرار , ولا نستطيع إتخاذ قرار.
بمعنى أننا لا نواجه المشكلة ونبحث عن حل لها , وإنما نفر منها إلى مشكلة أخرى نستحدثها أو نساهم بصناعتها.
وهذا يفسر عجزنا عن إيجاد الحلول لأبسط مشاكلنا , من البطالة والحاجات الأساسية , إلى أصعبها , وما نقوم به هو الدخول في متوالية المتراكمات الهندسية , التي تؤجل الحلول , وتلهي المجتمع بمشكلات تنجبها من رحمها الوَلود الواعد بالويلات والتداعيات.
وقد حسبنا أن المشكلة في الأنظمة الإستبدادية أو الفردية , ولكننا بعد أن أجهزنا عليها بإرادتنا وإرادة الآخرين , وجدتنا أعجز من أي وقت مضى على أن نجد حلا لمشكلة واحدة في حياتنا.
ترى أين الخلل؟
يبدو أننا نميل إلى آليات الفِرار , ولا نجد عندنا القدرة على إتخاذ القرار , الذي يعني أنه أوجد الحل وأوصل الحالة إلى مستقرها , فهدأت وتفاعلت وانتعشت وتطورت.
وكم كانت قرارتنا المصيرية عبارة عن إرادات فِرار.
ففي بعض دولنا , عندما لا يستطيع نظام الحكم حل المشكلة , أو يجد أنها بدأت بالتأجج , فأنه يسعى إلى الحرب لإذابتهابأخرى أعظم منها وأقسى.
وهكذا دواليك , وما يجري في دولنا اليوم يدور في أفلاك الفِرار , ولا يعرف آليات إتخاذ القرار!!
فالإعتصامات نفرّ من حسمها بحكمة وموضوعية وحلم ,بإفتعال حروب ومعارك , وتوريد حالات للتغطية على مطالبها الإنسانية , والإرادة الجماهيرية الصادقة , يتم إلباسها ألف قميص وقميص , يساهم في تعزيز آليات الفِرار , وصناعة مشكلة أكبر من التي نهرب من التصدي لها بسياسة وإرادة وطنية صادقة.
وهذا ينطبق على جميع البلدان في منطقتنا , مما ينذر بتداعيات وخيمة وصراعات أليمة , لن تعرف القرار والسكينة ,ما دمنا من المدينين بعقيدة الفِرار!!
فهل سنتعلم آليات إتخاذ القرار , أم استلطفنا الفِرار؟!!