22 ديسمبر، 2024 11:18 م

القرار يعني المستقر والسكون.

والإقرار: الإذعان للحق والإعتراف به.

القرار: المستقر من الأرض.

القرارة: القاع المستدير.

والقرار في المكان هو الإستقرار فيه.

والقرار: ما قُرّ فيه.

الفِرار: الروغان والهرب.

بين القرار والفِرار مسافة ثقافية وفكرية وحضارية وعسكرية , وبمقايستهما يمكن تعريف السياسة. فكلما مالت الكفة بإتجاه القرار عرفنا أن هناك نسبة عالية من السياسة , وإن مالت نحو الفِرار فأنها تؤكد غياب السياسة , بمعانيها الجوهرية.

ولو تأملنا المآسي والتداعيات لتبين لنا , أنها كانت آليات فِرار , ولم تكن قرارات مدروسة ومحسوبة وذات تقدير علمي وبحثي , كما يحصل في دوائر صناعة القرارات العالمية المعاصرة.

فواقعنا السياسي يؤكد بالأدلة الواضحة أننا نمضي في دوامات الفِرار , ولا نستطيع إتخاذ قرار.

بمعنى أننا لا نواجه المشكلة ونبحث عن حل لها , وإنما نفر منها إلى مشكلة أخرى نستحدثها أو نساهم بصناعتها.

وهذا يفسر عجزنا عن إيجاد الحلول لأبسط مشاكلنا , من البطالة والحاجات الأساسية , إلى أصعبها , وما نقوم به هو الدخول في متوالية المتراكمات الهندسية , التي تؤجل الحلول , وتلهي المجتمع بمشكلات تنجبها من رحمها الوَلود الواعد بالويلات والتداعيات.

وقد حسبنا أن المشكلة في الأنظمة الإستبدادية أو الفردية , ولكننا بعد أن أجهزنا عليها بإرادتنا وإرادة الآخرين , وجدتنا أعجز من أي وقت مضى على أن نجد حلا لمشكلة واحدة في حياتنا.

ترى أين الخلل؟

يبدو أننا نميل إلى آليات الفِرار , ولا نجد عندنا القدرة على إتخاذ القرار , الذي يعني أنه أوجد الحل وأوصل الحالة إلى مستقرها , فهدأت وتفاعلت وانتعشت وتطورت.

وكم كانت قرارتنا المصيرية عبارة عن إرادات فِرار.

ففي بعض دولنا , عندما لا يستطيع نظام الحكم حل المشكلة , أو يجد أنها بدأت بالتأجج , فأنه يسعى إلى الحرب لإذابتهابأخرى أعظم منها وأقسى.

وهكذا دواليك , وما يجري في دولنا اليوم يدور في أفلاك الفِرار , ولا يعرف آليات إتخاذ القرار!!

فالإعتصامات نفرّ من حسمها بحكمة وموضوعية وحلم ,بإفتعال حروب ومعارك , وتوريد حالات للتغطية على مطالبها الإنسانية , والإرادة الجماهيرية الصادقة , يتم إلباسها ألف قميص وقميص , يساهم في تعزيز آليات الفِرار , وصناعة مشكلة أكبر من التي نهرب من التصدي لها بسياسة وإرادة وطنية صادقة.

وهذا ينطبق على جميع البلدان في منطقتنا , مما ينذر بتداعيات وخيمة وصراعات أليمة , لن تعرف القرار والسكينة ,ما دمنا من المدينين بعقيدة الفِرار!!

فهل سنتعلم آليات إتخاذ القرار , أم استلطفنا الفِرار؟!!