ما أكثر القرارات المستعجلة التي تخرج بين فينة و أخرى من مؤسساتنا التشريعية أو التنفيذية دون أن تأخذ بنظر الاعتبار طبيعة المجتمع العراقي و ملابسات و أنعكاسات و مخلفات هذه القرارات على شرائح المجتمع و خاصة منها شريحة الفقراء التي تشكل الحلقة الاضعف و الادنى و التي تعتاش على ما ينفقه الاخرون من رواتبهم العالية فقد أثبتت الاحصائيات الاممية أن ما نسبته 23% أي ما يقارب 7 ملايين أنسان من مجموع سكان العراق يعيشون تحت مستوى خط الفقر , وهذا طبعاً لا يعني أن من يعيشون فوق هذا الخط هم من الاغنياء و الميسورين بل هم لديهم القدرة على الحياة بشكل أو بأخر و لكن يبدو أن بعض القرارات تريد ترحيلهم الى تحت الخط المشؤوم ،
و أخر قرارات وزارة البيئة الموقرة كان منع أستيراد الالبسة المستعملة أي ما يعرف عندنا بالبالات و هي من جانب كونها مهنة يعتاش عليها الاف العوائل العراقية التي تمارس هذه المهنة و من جانب أخر و هو الأهم أن هذه البضائع ( البالات ) هي مصدر تبضع لأغلب عوائلنا بأستثناء العوائل التي من الله عليها و أصبح لها ضلع بالحكومة أو مشتقاتها فمنع هذه البضائع من الدخول للعراق يحرم تلك العوائل من مصدر رزق يقيها شر البطالة و التسكع و يغلق منافذ الرزق عليهم و يمنع أغلبية العوائل العراقية من بضائع رغم أنها مستعملة بنحو ما و لكنها تتمتع بنوعية جيدة تتيح الخيار لدى العائلة العراقية في أختيار ما يناسبه بحسب راتبه أو دخله المتواضع لتمشية أموره بدل اللجوء الى البضاعة الصينية التي لا تستعمل الا لمرة واحدة و بعدها يكون رميها أرحم من أستعمالها أو اللجوء الى البضاعة التركية و غيرها من الماركات التي يعجز أصحاب العوائل الكبيرة من التفكير بالاقتراب منها او حتى السؤال عن أسعارها الفلكية ، إن مثل هذه القرارات التي أشكك في نوايا القائمين عليها لا تصب الا في مصلحة بعض التجار و المستوردين لا تخدم شريحة كبيرة من المجتمع العراقي و تعتبر قرارات (بطرانة ) مجتزئة من ضرفها الزمني و الموضوعي الذي نعيشه اليوم ، رغم كون مثل هذه التجارة غير ممنوعة في الكثير من البلدان المتقدمة تكنلوجياً و صناعياً و خاصة ان المبرر للمنع غير مقنع حيث بررت وزارة البيئة مثل هذا القرار بالتخوف من نقل الامراض من بلدان المنشأ و قد رفضت وزارة الصحة هذا التبرير بأعتبارها المعنية به حيث قالت أنه يمكن أشتراط تعفير هذه البضائع قبل نزولها للسوق أو حتى في بلدان المنشأ و في أغلبها هذا الشرط معمول به مسبقاً ، أتخطر أن الطاغية صدام قام بمثل هذا القرار و منع أستيراد البالات بحجة أن العراقي صاحب حضارات عريقة و لا يليق به أن يلبس ما يتركه الاخرون، رغم أنه قبِلَ لهذا العراقي أن يعمل معلمه بالطين أو يستجدي بالطرقات لفقره أو يدفن حياً و يرمى في أحواض التيزاب ، و لا أتصور أن مثل هذا القرار يختلف كثيراً عن سابقه فكلها قرارات بطرانة لا تخدم العراقي الذي نعرفه ، و دمتم سالمين .