وأنت ..يا أيها المسمار الذي دُك في صلب الحجر، بيدك المعروقة تحمل المطرقة التي تضرب بها رأسك، لتغوص قدماك في الثبات، محدّداً مكان معتقلك..
وحدها يدك الخاوية تتحرك لتمسك بالأشياء، بمقتضى الأوامر، معلنة أنك على قيد الوجود..
ويمرّ بك المارّون، لا تلفتهم ملامحك، وكأن وجهك صورة تجريدية مسحت منها التفاصيل..
أنا وحدي أراك..تشغلني تجاويفك كثيراً، وأجاهد سمعي لألتقط تنهداتك وزفراتك…
وصلني أنينك منذ آلاف السنين، يوم كانوا يتبادلون الأنخاب، وقرقعة كؤوسهم تنافس قهقهاتهم المعربدة، يحتفلون بقبورهم العظيمة، التي هيأتها أنت لحياتهم الخالدة…
بأي تاريخ وحضارة نباهي ؟
لا أدري لماذا كلما رأيت ميراث السلف يتقاتل فيّ الأصغران؟
لسان يطلقها بإعجاب : الله ! انبهاراً بعظمة الصروح،
وقلب يضخ أنين المتعبين، وآهاتهم المكتومة التي تعبر عبر شروخ الزمان، أتخيّل شخوص أصحابها، أجساداً منهكة، مصّ شحومها جبابرة القوم، و ما شبعوا…
أعجاز نخل صامدة في فيافي القحط الإنساني..
وما زالت الحياة تدور ..
ولا أدري كيف يقسّمون التاريخ ؟ العصر الحجري، العصر الحديدي، عصور ما قبل التاريخ، العصور الوسطى والعصر الحديث ..
على أي أساس جاء هذا التقسيم؟
قد أملك إجابة ظنّية، هم ثبّتوا الإنسان بكل حالاته، وحرّكوا ما يحيط به من مقدّرات مرجأة الاكتشاف، بالتطوّر الزمني المقدّر، ظهرت المقدّرات واكتُشفت، وبقي الإنسان ثابتاً في مكانه، بقى الملك ملكاً، والخادم خادماً…
لن أسترسل في سلسلة الثوابت، فقط أريد أن أنتهي بالقائمة، بقي الطغاة طغاةّ، و باقي العباد عمَّال سخرة …
خدعوك ..
تاجروا بجهدك ودمك وعرقك، ثبّتوك وأطلقوا أيديهم ليمسكوا بالمقدّرات، وكافؤوك بيوم تحتفل فيه بخيبتك ..
عامل ، امرأة ، طفل ، شهيد ، يتيم ، أم ، شجرة .
قرابين …
لماذا لا يحتفلون إلا بالقرابين؟